«رونالدو، رونالدو، رونالدو». هتافٌ هزّ العاصمة الاسبانية مدريد مراراً هذه السنة، فهناك في ملعب «سانتياغو برنابيو» معقل النادي الملكي ريال مدريد نُصّب النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ملكاً وبات حبيب الجماهير طوال الاشهر الماضية. هذه الجماهير التي احتفلت معه في ساحة سيبيليس الشهيرة بلقب الدوري الاسباني ستكون محتشدة هناك للهتاف لمنتخب بلادها ضده، فهي ستنصّ قانوناً جديداً يسري مفعوله لمدة 90 دقيقة فقط وفحواه: «كره القائد البرتغالي والدعاء له بعدم التوفيق».
كذلك، سيتآمر المدريديون مع الكاتالونيين لليلة واحدة على رونالدو داخل الملعب عبر اختلاط لاعبي ريال مدريد وبرشلونة في تشكيلة المنتخب الاسباني، وعبر انغماس مشجعيهم بأطيافهم المختلفة في المدرجات. ففي هذه الامسية سيردد جمهور الريال وراء جمهور «البرسا» الاغاني المناهضة لرونالدو، وسيتعانقان معاً في حال فشل اللاعب في التسجيل او اهدر ركلة جزاء مثلاً.
الأكيد أن رونالدو سيفعل اي شيء لكي يكسب التحديين، الاول يتمثّل بعودته الى مدريد رافعاً رأسه بتفوّقه على زملائه في الـ«ميرينغيز»، والثاني اخضاع لاعبي «البلاوغرانا» في معركة اخرى بعدما كسب حرباً ضروساً خلال الموسم الماضي بقيادته فريقه الى لقب «الليغا».
لكن مهلاً، هؤلاء الاسبان يعرفون رونالدو جيداً، فاذا لعب على الجناح الايسر سيكون هناك زميله في ريال مدريد ألفارو أربيلوا في انتظاره للترحيب به، لكن هذه المرّة ليس برحابة بل بقساوة. وما يمكن الجزم به ان اربيلو يعرف رونالدو وتحركاته جيداً، وهو يبدو مستعداً لكبح جماحه بعدما اصبح رجل المهمات الصعبة في مباريات اسبانيا على غرار اللقاء امام فرنسا حيث اسند اليه المدرب فيسنتي دل بوسكي مهمة تكبيل فرانك ريبيري فحقق نجاحاً لافتاً. اذاً سيحزم رونالدو مجموعة مهاراته وينتقل الى العمق، لكن هناك قد يجد مشكلة اكبر تتمثل بوجود جيرارد بيكيه الذي اصبح الوصفة الكفيلة بايقاف البرتغالي، حتى اصبح يُضرب المثل به انطلاقاً من ان اي فريقٍ يطمح لوقف رونالدو عليه ان يستقدم «الجلاد» بيكيه الى صفوفه!







لكن ورغم الحديث الكبير عن رونالدو لا يمكن تصوير الموقعة على انها مواجهة بين رجل برتغالي و11 اسبانياً لأن المنتخبين يملكان عناصر كثيرة، فيها في الجانب البرتغالي من هو قادر على استخدام سلاح الهجمات المرتدة الذي ظهر انه الاقوى لدى «برازيل أوروبا» في هذه البطولة. اما في الناحية الاسبانية فلا حاجة إلى الكلام عن عباقرة خط الوسط القادرين على فك أحجيات اي منتخبٍ يواجهونه.
المانشافت x الآزوري
بعد 24 ساعة على «دربي» شبه الجزيرة الايبيرية، ستحل «أم المعارك» بين المانيا وايطاليا، وهما منتخبان كانا الافضل تاريخياً على الصعيدين العالمي والاوروبي، فاذا كان منتخب اسبانيا هو رائد العصر الحديث فان «المانشافت» و»الآزوري» هما التاريخ الكروي للقارة الاوروبية. ولهذا السبب لدى كلّ منهما هوس مشترك يتمثل باستعادة زعامة القارة ثم العالم من الاسبان، وهو امر لن يحصل الا من خلال اقصاء احدهما للآخر.
والحديث عن هاتين المباراتين لا يمكن حصره في لاعبٍ معيّن او في مواجهات ثنائية كما هي حال المباراة الاولى، فالكلام هنا عن كتلتين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اذ لا يخفى على احد ان المانيا تلعب كوحدة متراصة ومتناسقة، ومثلها كانت ايطاليا في مباراتها الاخيرة امام انكلترا في الدور ربع النهائي.
وطبعاً المنطقة الحمراء في هذا اللقاء ستكون منتصف الملعب بالنظر الى ان المنتخبين يعتمدان استراتيجية تفرز كثافة عددية في دائرة الوسط حيث اهم اللاعبين المؤثرين في المنتخبين يتواجدون هناك، من اندريا بيرلو وتياغو موتا وريكاردو مونتوليفو في الجانب الايطالي، الى افضل ثلاثة لاعبي وسط متناغمين مع بعضهم البعض حتى الآن في الناحية الالمانية اي مسعود أوزيل وسامي خضيرة وباستيان شفاينشتايغر.
الكثير والكثير اصبح موجوداً بين الالمان والايطاليين، فرجال يواكيم لوف يعلمون ان اجدادهم حتى يتطلعون اليهم لانهاء تلك العقدة الايطالية التي لم يتخطاها الالمان طوال تاريخهم في المسابقات الرسمية وحتى عندما استضافوا كأس العالم 2006 وخرجوا امام الطليان في الدور نصف النهائي. اما الايطاليون فهم رأوا كرتهم تخبو امام الكرة الالمانية في الاعوام القريبة الماضية، اذ اصبح لاعبو الدوري الالماني مطلوبين على نطاقٍ واسع في اهم الاندية الاوروبية مقابل تجاهلٍ تام للاعبي الدوري الايطالي، الذي خسر سطوته ايضاً امام اندية «البوندسليغه» بحيث كسبت الاخيرة مقعداً اضافياً في مسابقة دوري ابطال اوروبا على حساب أندية الـ«سيري أ».
الحقيقة ان قلّة هي المنتخبات التي تستطيع التعامل مع اجواء ضغوط مباريات من هذا النوع، لكن اللافت ان كل طرف في نصف النهائي يعرف ما ينتظره في الدقائق التسعين المقبلة، اذ لا يخفى ان المدربين يعملون على دراسة الجانب الآخر اكثر من التفكير بخياراتهم.
اما باقي العالم فليس عليه سوى التفرّج والتعلّم مما سيحصل او ربما التمتع، فلا شيء افضل من رؤية افضل اربعة منتخبات اوروبية في نزالٍ قاسٍ مجهول النتائج لانه مخطئ من يرجّح كفّة جهة على اخرى قبل انقضاء وقت المباراتين.



كاسياس لدخول التاريخ بـ 100 فوز دولي


يقف الحارس الإسباني المميز، ايكر كاسياس، أمام رقم مهم في مسيرته، في المباراة التي تجمع منتخب بلاده أمام البرتغال الليلة؛ إذ إن تحقيق «لا فوريا روخا» الفوز فيها سيضيف إنجازاً إلى سجلات حارس ريال مدريد؛ لأنه سيصبح اللاعب الأول في التاريخ الذي يحقق 100 فوز مع بلاده في المباريات الدولية، علماً بأن هذه المباراة ستكون الرقم 136 دولياً لـ«القديس»، وهو الرقم الأكبر بين اللاعبين المشاركين في كأس أوروبا.
وسيكون تركيز كاسياس لتحقيق رقمه الجديد منصبّاً على زميله في ريال مدريد، البرتغالي كريستيانو رونالدو، وهو لم يخفِ أنه يتوخى الحذر من أي انحراف للكرة في الهواء بسبب الطريقة المميّزة التي يسدد بها «الدون» كراته.
وقال كاسياس لصحيفة «ماركا» في بلاده: «الكرة تفعل شيئاً غريباً»، مضيفاً أن الكرات المستخدمة في كأس أوروبا 2012 التي تحمل اسم «تانغو» لا تنحرف مثل كرة «جابولاني» التي استخدمت في نهائيات كأس العالم قبل عامين، وتابع: «لا تصل (الكرة) إلى هذا الحدّ، لكن إذا سُدِّدت جيداً فإنها تنحرف بطريقة خادعة».



البرتغال حاضرة وواثقة

لم يعر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أي اهتمام للمقارنات حول الوضع البدني بين منتخب بلاده ونظيره الإسباني عشية مواجهتهما، مستبعداً ادعاءات التعب للاعبي «لا فوريا روخا» بسبب نيلهم يومين راحة اقل.
وقال مهاجم ريال مدريد الاسباني في حديث الى موقع الاتحاد الاوروبي للعبة: «ثلاثة ايام راحة اكثر هي فترة اكثر من كافية. قال الاسبان ان نيل يومين راحة اقل هو عائق، لكن كلاعب محترف لا اعتقد بأن هذا مهم». واضاف: «عليك ان تحضّر للمباراة بالطريقة عينها التي تحضر بها للمباريات الاخرى. ستكون مواجهة صعبة للبرتغال. نحن جاهزون وسنقوم بكل ما في وسعنا».
اما مدربه باولو بنتو، فقد اعتبر ان اللعب الجماعي هو الاهم رغم أن الانظار مسلّطة بقوة على رونالدو، وهو استمر في التحدث بلهجة الواثق من قدرات فريقه على بلوغ النهائي على حساب حامل اللقب فقال: «لقد عملنا بجهد كبير للوصول الى هنا، والآن سنحاول ان نخوض المباراة بافضل ظروف ممكنة». وتابع: «لم يساورني اي قلق بشأن هؤلاء اللاعبين، لانهم يملكون النوعية ويبذلون جهوداً شاقة. لدي ايمان كبير باللاعبين الـ 23 في تشكيلتي».

ألمانيا تصعّد وتهدّد

صعّد لاعبو منتخب ألمانيا في تصاريحهم قبل لقائهم مع إيطاليا، فتوعّدوا «الآزوري»، حيث أبدى مسعود أوزيل اقتناعه بأن «المانشافت» قادر على تخطي الطليان لأول مرة في المسابقات الرسمية، قائلاً: «الماضي لا يهمّ. باقي الفرق تكنّ لنا الاحترام. هدفنا هو استعادة اللقب لألمانيا. نحن هنا من أجل ذلك. يمكننا الفوز على إيطاليا وإحراز اللقب». وتابع: «أندريا بيرلو لاعب عالمي، ماريو بالوتيلي هداف رائع. لكننا لا نفكر في فرديات الخصم. إيطاليا فريق صلب، لكن بمقدورنا الفوز عليهم».
بدوره، أكد لوكاس بودولسكي جهوزية الألمان للمباراة، مشيراً إلى أن لاعبي المدرب يواكيم لوف لا يخافون من أحد في البطولة القارية، قائلاً: «شاهدت تقريباً جميع المباريات الأخرى، ولاحظت شيئاً واحداً، في كأس أوروبا هذه السنة لا يوجد أي فريق ينبغي أن نخاف منه». وأضاف: «كرة القدم الحديثة سريعة وشرسة، وهكذا هي في ألمانيا. هذا يناسبنا. فإذا كان النهائي ضد إسبانيا، سنكون سعداء ونعتقد أننا سنفوز، لكن فلننتظر، ينبغي أن نجتاز معاً نصف النهائي». وختم: «مهما يحصل، لا يمكنني انتظار المعركة في وارسو. سنكون جاهزين لها».