لا تزال الآمال موجودة في «غلسنكيرشن» حول إمكان خروج «الأزرق الملكي» متوّجاً باللقب في نهاية موسم الدوري الألماني لكرة القدم. أسباب كثيرة تدفع جمهور شالكه الى الاعتقاد بأنه يمكنهم إصابة نجاحٍ استثنائي هذا الموسم، رغم ابتعاد فريقهم عن المتصدر بوروسيا دورتموند بفارق تسع نقاط. لكن قبل ثماني مراحل على النهاية، لا يزال التفاؤل قائماً بقوة، ولما لا طالما أن هناك ثنائياً هجومياً رهيباً يتمثل بالهداف الهولندي كلاس يان هونتيلار والمخضرم الإسباني راوول غونزاليس، وهما جعلا من شالكه صاحب ثاني أفضل هجوم في «البوندسليغا» بـ 58 هدفاً أي أقل بستة أهداف فقط عن بايرن ميونيخ ثاني الترتيب العام وصاحب أقوى خط هجوم. لكن القوة الضاربة لشالكه مهددة الآن بفقدان عقدها، وخصوصاً أن الصيف يقترب ولا يزال مستقبل هونتيلار وراوول مجهولاً، فالأول عاد اسمه على رأس لوائح اللاعبين المطلوبين في سوق الانتقالات، بينما الثاني ينتهي العقد الذي وقّعه في صيف 2010 لمدة سنتين قادماً من ريال مدريد الإسباني الذي قضى معه 16 موسماً متتالياً.
هونتيلار سجل 20 هدفاً في الدوري الألماني حتى الآن ليقف متخلفاً بفارق هدفين فقط عن مهاجم بايرن ميونيخ ماريو غوميز، وقد أضاف إليها 13 هدفاً آخر ليتصدر ترتيب هدافي «يوروبا ليغ» (إضافة الى 6 أهداف في مسابقة كأس ألمانيا)، وهذا ما يفسّر سبب وصول شالكه الى الدور ربع النهائي للمسابقة القارية.
هذه الأرقام كانت كافية لجعل اسم هونتيلار يقع مجدداً على رادار أهم الفرق الأوروبية، وكان آخر من أبدى اهتمامه به علناً مانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبر الإنكليزيان، وهو أمر يقلق إدارة شالكه حالياً، وهي التي تفكر في شكل العقد الذي يمكنه إقناع «ذا هانتر» (لقب هونتيلار ويعني القناص) بالبقاء بالقميص الأزرق.
ومع تسجيله خمسة أهداف في المباريات الثلاث الأخيرة، انفتحت العيون أكثر على هونتيلار، وخصوصاً من قبل مانشستر يونايتد الذي يبحث مدربه «السير» الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون عن رود فان نيستلروي جديد، وذلك منذ رحيل الهداف الهولندي الكبير الى ريال مدريد، وهو رأى في هونتيلار قناصاً من طراز مواطنه، ومكمّلاً لنجم الفريق واين روني في خط المقدمة.
أما ناحية توتنهام، فالأمور تبدو واضحة، إذ إن فريق هاري ريدناب كان في بحثٍ دائمٍ عن مهاجمٍ على مستوى عالٍ منذ الصيف الماضي، وهو لم يكتفِ باستقدام التوغولي إيمانويل أديبايور، لذا وبإيعاز من الهولندي الآخر رافايل فان در فارت، أصبح اسم هونتيلار متداولاً كثيراً في لندن، وذلك انطلاقاً من أن إجادته قنص الأهداف من خلال التمركز داخل منطقة الجزاء تتناسب كثيراً واسلوب الكرة الإنكليزية.
وإذ يمكن اعتبار أن هونتيلار هو رمز النادي حالياً ومعشوق الجماهير، يبدو الاستغناء عنه أشبه بضربٍ من الجنون، لذا كان المدير العام لشالكه هورست هيلدت واضحاً في هذا الإطار، مؤكداً أن الإدارة ستتخطى كل المعايير المالية لإبقاء الهداف الهولندي في الفريق، ومضيفاً: «إذا أردنا النوعية فعلينا أن ندفع بأنفسنا الى حدود الألم»، في إشارة منه الى استعداد شالكه لدفع مبلغٍ لا تتحمله خزينته كرمى لعيون «ذا هانتر».
وما يمنح شالكه جرأة للتفكير بالحفاظ على هونتيلار هو أن اللاعب وجد نفسه في «غلسنكيرشن» بعد فترتين مضطربتين عاشهما في ريال مدريد وميلان الإيطالي، حيث لم يجد مكاناً أساسياً، رغم أنه قَدِم الى الأول من أياكس أمستردام محاطاً بهالة كبيرة بعدما سجل 76 هدفاً في 92 مباراة، شارك فيها مع فريق العاصمة الهولندية.
وربما يريد شالكه أن يصحح خطأه بمنحه هونتيلار عقداً لمدة ثلاث سنوات فقط، إذ يصبح اللاعب حرّاً في 2013، والأسوأ أنه وضع مبلغاً زهيداً نسبياً بالنسبة الى لاعبٍ بحجمه، إذ إن 20 مليون يورو ستجعله يتحرر من عقده وينتقل الى أي فريقٍ يدفع هذا المبلغ، وهو أمر قد يكون سهلاً على مانشستر يونايتد في حال اتخاذه قراره النهائي بضم الهولندي الى صفوفه.
أما مسألة راوول فهي ربما أسهل نوعاً ما، إذ إن أحد أبطال وصول شالكه الى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي، قد يكون مستعداً للتخفيف من مطالبه المالية لضمان عقدٍ لمدة سنتين أخريين، إلا إن سنه (34 عاماً) تتضارب ومخططات الجهاز الفني الذي لا يفكّر بمنحه عقداً لأكثر من سنة واحدة، لكن السيرة الطيّبة لـ«الماتادور» تشهد على أنه يبحث دائماً عن الحل الذي يرضي جميع الأطراف.