14 يوماً مرت على مباراة لبنان والإمارات الشهيرة، وحتى الآن حال منتخب لبنان: كلام كثير وعمل قليل. قد يكون هناك حديث في الجلسات المغلقة عن المرحلة المقبلة وآلية عملها، لكن أي حديث خارج طاولة اللجنة العليا للاتحاد يعتبر في خانة التقصير من قبل الجهة التي يجب أن تكون المسؤولة الأولى عن الاستعداد للاستحقاق المقبل. قد تكون هناك ظروف خاصة حتّمت التأخير كغياب بعض الأعضاء أو سفر رئيس لجنة المنتخبات أحمد قمر الدين أو عدم تسليم تقرير المباراة الأخيرة، لكن الدور الحاسم لا يعرف غياباً أو تأخيراً، وجميع المنتخبات قد تكون بدأت استعداداتها أو أنها لا تحتاج إلى كمية العمل المطلوب من اللبنانيين للظهور بمظهر لائق في التصفيات. كلام كثير يدور في الأوساط الكروية، وخصوصاً حول موضوع الجهاز الفني للمنتخب وكذلك الإداري والمسؤول الإعلامي. فهناك رأيان في موضوع الجهاز الفني: الأول يقول بضرورة تغييره، والثاني يعتقد أن بقاء الجهاز الفني كما هو أفضل خصوصاً من ناحية الوفاء لمن أسهم في صناعة الإنجاز.
الرأي الثاني يقارب الأمور من منطق عاطفي لا يمكن أن يكون له مكان في المرحلة الحالية. فلبنان أصبح واحداً من أفضل عشرة منتخبات في آسيا وسيواجه منتخبات لا ترحم، وبالتالي إن أي تساهل سيعني «بهدلة» للبنان فيما يؤمل من الاستحقاق الآسيوي أن يكون فرصة لإحياء كرة القدم اللبنانية وتسليط الأضواء عليها، والأهم بداية المشوار نحو التأهل إلى كأس آسيا 2015 من بوابة المنافسة للمرة الأولى، لا من بوابة الاستضافة كما حصل عام 2000. وهذا هو الإنجاز الحقيقي.
المسألة بسيطة جداً في موضوع الجهاز الفني، وهي أن القرار يجب أن يعود للمدير الفني ثيو بوكير، لا لسبب، بل حتى يمكن محاسبته في ما بعد. فمرحلة كل ما يُحصَّل هو «بونس» للكرة اللبنانية قد ولّت، وما كان ينطبق على الدور الثالث لا ينطبق على الدور الرابع. فهو دور البناء الصحيح وتحقيق المكتسبات، ولا يعني ذلك التأهل إلى كأس العالم بل وضع منتخب لبنان على السكة الصحيحة لسنوات للمستقبل.
بناءً عليه، إن رغبات بوكير يجب النظر إليها من زاوية مصلحة منتخب لبنان ومبدأ المحاسبة والمساءلة، لا من مبدأ الصداقة والوفاء في مرحلة شعارها: المصلحة العامة. لكن هذا يأتي بعد الاستماع إلى وجهة نظر بوكير وأسباب رغبته في التغيير، وخصوصاً إن لم تكن الوجهة نحو جهاز أجنبي كما رشح عن بوكير سابقاً.
ومبدأ معرفة الأسباب يجب أن ينسحب على منصبي مدير المنتخب والمسؤول الإعلامي. فأي تغيير في هذين المنصبين يتطلب إعلاناً للأسباب من اللجنة العليا كي لا يظلم فؤاد بلهوان ووديع عبد النور وينظر إلى الموضوع وكأنه محاسبة على تقصير قد يكونان هما آخر من يحاسب عليه، وخصوصاً ما حصل يوم المباراة في الإمارات.
ويبقى اتحاد كرة القدم ولجنته العليا بيت القصيد. والعمل الجماعي هو المطلوب على جميع الصعد فنياً وإدارياً وتنظيمياً، كي لا نصل إلى مرحلة يأتي فيها بعض الأعضاء لمحاسبة زملاء لهم في وقت وقفوا فيه موقف المتفرج في مرحلة هي ليست ملك شخص أو حكراً على شخص. فهذا منتخب لبنان، منتخب كل لبناني، موالياً كان أو معارضاً، وفي الغد حين يبدأ الاستحقاق وتبدأ النتائج فهي ستنعكس على كل لبناني، فإن كانت جيدة، فهي سترفع كل شخص عمل لمنتخب بلاده، أما إن كانت النتائج سيئة، «فالمحرقة» ستكون على الجميع من دون استثناء.
قد يكون يوم غدٍ الجمعة عند الساعة الواحدة ظهراً موعداً لانطلاق ورشة العمل الكبرى، مع اجتماع اللجنة العليا للاتحاد، لكن الخوف أن تكون بداية مرحلة من التناحر على أمور يكون الخاسر فيها... الجميع.