عندما قدِم ماريو غوميز صيف 2009 الى مدينة ميونيخ مقابل مبلغ قياسي في تاريخ ناديها الأشهر بايرن والدوري الألماني (حوالى 35 مليون يورو) قادماً من شتوتغارت، لم «يهضم» أنصار الفريق الحالمون بمهاجم على غرار «البومبر» غيرد مولر ويورغن كلينسمان والبرازيلي ايلبير والهولندي روي ماكاي هذا المبلغ واعتبروه مبالغاً فيه للاعب بحجم غوميز، رغم ان نجم الاخير كان قد بدأ باللمعان في شتوتغارت خصوصاً عندما ساهمت اهدافه بمنح الاخير لقب الـ«بوندسليغا». غير أن جماهير البافاري لم تقتنع بهذا المبلغ الذي دفعه الثنائي كارل – هاينز رومينيغيه واولي هونيس مقابل «سوبر ماريو» على نحو مفاجئ بعدما عُرف عن ادارة بايرن تقشفها الشديد في هذا الجانب فكيف الحال اذا ما كان هذا المبلغ قد دُفع للاعب شاب وليس للاعب ألماني او اوروبي من خانة «السوبر ستار»؟ حول هذه النقطة كانت حيرة الجماهير والرأي العام وقتها. هل فقدت ادارة النادي البافاري صوابها؟ هذا كان لسان حالهم. هل سيصل غوميز، البالغ من الطول متراً و89 سنتيمتراً، على الاقل الى مستوى العملاقين كارستن يانكر او الايراني علي دائي في فريق بحجم بايرن؟ هذا كان تساؤلهم. مرّت هذه المحطة التي تقبلها الجمهور على مضض وجاء موعد صرف الملايين التي دُفعت مقابل غوميز في الميدان. كان طلب الجماهير وحيداً: نريد أن نقتنع بأن هذا اللاعب يستأهل هذا المبلغ.
في موسمه الاول مع البافاري لم يترك «سوبر ماريو» أثراً كبيراً: 10 اهداف في 29 مباراة في الدوري المحلي. ظل غوميز في الظل خلف الخيارين الاولين: النجم ميروسلاف كلوزه والكرواتي ايفيكا أوليتش.
في موسمه الثاني، اتت الفرصة على طبق من ذهب لماريو: اصابة اوليتش الخطيرة ومشاكل كلوزه مع الادارة والمدرب الهولندي لويس فان غال. في المحصلة، نجح غوميز نجاحاً باهراً محققاً جائزة أفضل هداف في الدوري بـ28 هدفاً، وقد نجح أيضاً في ان يصبح أصغر لاعب في تاريخ الـ«بوندسليغا» يتخطى حاجز الـ100 هدف (سجل 63 هدفاً مع شتوتغارت).
اما في هذا الموسم فقد وصل غوميز الى هدفه رقم 21 في صدارة ترتيب الهدافين بعد مباراة هوفنهايم، اول من امس، التي سجل فيها ثلاثة اهداف «هاتريك» لبايرن (فاز 7-1). لكن رغم وصوله الى هدفه رقم 59 في 83 مباراة في الدوري الالماني اضافة الى تسجيله 83 هدفاً في 125 مباراة مع البافاري في كافة المسابقات، فإن الآراء لا تزال منقسمة حول موهبة «سوبر ماريو» وهي ما انفكت تطارده منذ موسمه الاول وحتى بعد تتويجه بلقب الهداف في الموسم الماضي.
بعض الانتقادات التي طالت غوميز كانت «عمياء» وتنطلق من «فشة خلق» باللاعب الذي اعتبر انه السبب الرئيسي وراء رحيل كلوزه عن القلعة الحمراء، اما الأخرى فكانت فنية وترى أن غوميز ليس مهاجماً مثالياً وهو يعتمد على ابداعات المحيطين به على غرار الهولندي اريين روبن والفرنسي فرانك ريبيري وباستيان شفاينشتايغر وطوني كروس.
في الواقع، من يتابع هذا المهاجم يرى أن علامات الاستفهام التي تلاحق غوميز ليست في محلها. صحيح أن «سوبر ماريو» لم يكن يوماً مولر جديداً او كلينسمان جديداً او ايلبير جديداً وهو لن يكون، لكن ثمة ما يجعل من غوميز مهاجماً عالمياً على اعلى طراز وهو ذكاؤه وسرعته في اخذ مكانه داخل منطقة الجزاء. غوميز هو «لاعب صندوق» بامتياز، يعرف ان يتمركز وفي اي وقت يتحرك. تكفي مشاهدة هدفه الثاني اول من امس على سبيل المثال، وذلك عندما كان خارج منطقة الجزاء وتحرّك الى داخلها في اللحظة المناسبة عند استلام ريبيري الكرة على الرواق الايسر واسكنها برأسه في الشباك. معلم هو غوميز في هذا الجانب.
هذا فضلاً عن قدراته الجسمانية الخارقة وطوله الفارع الذي يُتيح له اتقان الألعاب الهوائية.
لكن هل هذه الميزات تبدو كافية لتصنع من غوميز نجماً هجومياً؟ في الواقع لا يفترض هنا مقارنة غوميز بمهاجمين على غرار الفرنسي كريم بنزيما او الأرجنتيني سيرجيو اغويرو على سبيل المثال حالياً، اذ لكل من هؤلاء ميزته وخصائصه ومهماته. مهمة غوميز هي فقط دك مرمى الخصوم بالاهداف ولو قيل انه يتكل على زملائه، فالمهم انه ينهي مجهوداتهم في الشباك، وهذا بحد ذاته كاف.
يكفي فقط الاستدلال اذا كان غوميز نجماً هجومياً الى مهاجم كانت مهمته فقط دك الشباك بالأهداف: انه الايطالي فيليبو انزاغي (رغم انه ليس بمواصفات غوميز الجسمانية). الم يصنع «بيبو» نجوميته في الملاعب بفضل هذه الميزة فقط؟




مدّد أم لم يمدّد؟

تناقلت بعض وسائل الإعلام، قبل أيام، خبراً مفاده أن غوميز مدد عقده مع بايرن ميونيخ حتى 2016 دون ان يصدر بيان رسمي عن النادي البافاري، علماً ان العديد من الاندية مهتمة بضمه وعلى رأسها تشلسي الانكليزي الذي يضعه الى جانب الاوروغوياني ادينسون كافاني من ضمن اولوياته لتعويض رحيل الاسباني فرناندو توريس المحتمل.