لم ينتظر الايطالي فابيو كابيللو استنفار الصحافة الانكليزية وهجومها على الكرة الألمانية ومنتخبها الوطني في كرة القدم كما جرت العادة قبل البطولات الكبرى منذ اشتعال المنافسة بين كرتي البلدين بعد واقعة هدف جيف هيرست الشهير الذي منح كأس العالم لإنكلترا في ويمبلي عام 1966، وهو ما اعتبره الألمان إجحافاً في حقهم، لتعود الدفاتر وتفتح من جديد بعد هدف فرانك لامبارد الصحيح في مرمى ألمانيا في مونديال 2010، والذي لم يحتسبه الحكم، وهو ما اعتبره الانكليز ظلماً. هذا فضلاً عن ذيول الحربين العالميتين بين البلدين والصراع على الزعامة الاوروبية، بل إن مدرب «الأسود الثلاثة» تطوع لهذه المهمة من تلقاء نفسه، فاتحاً النار على الألمان. يمكن القول إن «الحرب» قد بدأت. هي حرب إعلامية تسبق القتال على ارض الملعب. لكن الحرب انطلقت باكراً هذه المرة، ما يشي بأن شهر حزيران المقبل على الاراضي الأوكرانية والبولونية سيكون ملتهباً، وستُستخدم خلاله كافة انواع «الأسلحة». كابيللو اختار الهجوم «مع سابق الاصرار والترصد»، ناشداً استفزاز الالمان وجرّهم الى المعركة. هكذا، خرج الرجل المحنّك في كرة القدم بتصريح ناري رأى فيه ان الألمان يسرقون لاعبي الدول الأخرى المميزين، وتحديداً الأتراك. من بين كل الدول اختار مدرب ميلان السابق، ألمانيا، ليصوّب سهامه عليها، ما يعزز فكرة أن الرجل لم «يهضم» بعد الخسارة 1-4 من الالمان في المونديال الأخير. بحث كابيللو كثيراً عن الاسباب وخرج بهذه الخلاصة: كرة ألمانيا مزيفة. فجأة سقطت موهبة ماريو غوتزه وماركو رويس واندريه شورلي الصاعدة بقوة وتلاشت مهارات باستيان شفاينشتايغر وطوني كروس وتوماس مولر وغيرهم. هؤلاء الذين لا يفقهون سوى اللغة الألمانية ولا يحملون جواز سفر غير الألماني. تناسى كابيللو هذه المواهب والنجوم الألمانية الصرف، وصوّب بوصلته نحو التركي الاصل مسعود اوزيل.
بطبيعة الحال، لم تبقَ ألمانيا مكتوفة الأيدي، وسريعاً أوكلت المهمة الى ماتياس سامر المسؤول عن الفئات العمرية في الاتحاد الألماني لكرة القدم للردّ، حيث استغرب الرجل تصريح كابيللو، معتبراً ان ألمانيا تفتح أبوابها للمهاجرين «لأنها ترحب بالجميع وهذا دور الرياضة».
اما صحيفة «بيلد» فقد تكفلت بباقي المهمة عندما ذكّرت كابيللو بأن هؤلاء اللاعبين ولدوا في المانيا، مشيرة الى اوزيل الذي ولد في مدينة غيلسنكيرشن.
بالتأكيد، لا تحتاج ألمانيا الى تبريرات لوجود لاعبين مهاجرين في تشكيلتها، إذ إن هؤلاء ترعرعوا في المانيا وصُقلوا كروياً منذ الصغر في هذه البلاد، ومن حق المانيا ان تستفيد من عطاءاتهم، أضف الى أنها لا تجبرهم على ارتداء قميص الـ«مانشافت»، والدليل على ذلك ان كيفن برينس بواتنغ لعب في الفئات العمرية لالمانيا ثم اختار بلده الام غانا لتمثيلها، رغم انه كان بمقدوره المشاركة اساسياً في تشكيلة يواكيم لوف (بعكس شقيقه الأصغر جيروم الذي فضّل ألمانيا)، وكذلك الحال مع التركيين نوري شاهين وحميد التينتوب المولودَين في ألمانيا واللذين يمثلان تركيا حالياً. وهنا، كان لوف واضحاً قبل فترة عندما شنّت تركيا حملة على ألمانيا من اجل استمالة اللاعبين ذوي الاصول التركية الى منتخبها، حيث قال وقتها مدرب «المانشافت»: «نحن نقول للاعبين إنهم يجب ان يتخذوا قرارهم من قلوبهم. نحن نتحدث معهم لكن لا نضع اي لاعب تحت اي ضغط، إذ اننا نتقبل القرارات التي يتخذونها، ونعلم ان العائلة تؤدي دوراً كبيراً في قراراتهم هذه».
اذاً، هجوم كابيللو على الألمان أول الغيث، والآتي، من دون شك،
أعظم!



بواتنغ يدافع عن ألمانيا

رغم انه اختار اللعب لغانا بلده الأم على ألمانيا التي يحمل جنسيتها، فإن النجم كيفن برينس بواتنغ دافع عن الأخيرة ازاء تصريحات كابيللو معتبراً ان لا جدال حول أن مسعود اوزيل وبعض غيره من المهاجرين هو من أصول تركية لكنهم ولدوا في ألمانيا وعاشوا فيها وهم ألمان، لافتاً الى ان هؤلاء اللاعبين يلعبون من قلبهم لألمانيا على غرار أوزيل وشقيقه جيروم.