لا يختلف اثنان على أن نجم باريس سان جيرمان البرازيلي نيني هو أحد أفضل لاعبي الدوري الفرنسي هذا الموسم لأسباب عدة. لكن كابتن فريق العاصمة الفرنسية ومنتخب البرازيل سابقاً راي اختصر أسباب لمعان مواطنه في حديث الى مجلة «ليكيب»، بالتقنية العالية التي يملكها «وقد اكتسبها من خلال ممارسته لكرة الصالات في بداية مسيرته الكروية». وشدّد راي على أن نيني يستحق ارتداء قميص المنتخب البرازيلي الذي لم يعرفه سوى أربع مرات قبل 8 أعوام عندما مثّل منتخب دون 23 عاماً. وإذا ما تمّت الخطوة، فإن نيني سيسير على خطى الكثير من النجوم الذين شقّوا طريقهم الى النجومية في كرة القدم من خلال الفوتسال التي منحتهم الكثير، بحسب ما قالوا وجعلتهم لاعبين يختلفون في الميزات عن غيرهم، على غرار ما قال أشهرهم «الملك» بيليه. ففي إحدى مقابلاته، صارح بيليه قائلاً: «كانت الفوتسال مهمة بالنسبة إليّ لتطوير قدرتي في السيطرة على الكرة والتفكير بشكلٍ سريع والتمرير بدهاء أيضاً، أضف أنها أعطتني القدرة على إيجاد التركيز والتوازن داخل الملعب، وقد كانت كل هذه الأمور أحد أسرار نجاحي في الملاعب الكبيرة».
اللافت أن الميزات التي تحدث عنها بيليه والتي أفرزتها الفوتسال عليه، ظهرت عند لاعبين برازيليين آخرين دون سواهم، والمفاجئ أنهم كلّهم قدموا من الملاعب الصغيرة، حاملين مهارات استثنائية نصّبتهم أفضل لاعبي العالم، أمثال باولو سيزار وريفيلينو وزيكو ورونالدو وريفالدو ورونالدينيو وروبينيو، علماً بأن الأخير تمّ ترفيعه مع دييغو من مدرسة الفوتسال في سانتوس مباشرة الى فريق كرة القدم.
«الشقيقة الصغرى» كما يسميها المدربون البرازيليون في بلاد تعشق المستديرة، أصبحت الفوتسال مساحة للمتعة بفعل بروز «السيليساو» على الصعيد العالمي، تدخل اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى في صلب برامج تنشئة الصغار على التمتع بمزايا فريدة من نوعها، وهي التي ترسم صورة للاعب البرازيلي مختلفة تماماً عن اللاعبين الآخرين في بلدانٍ كروية كبيرة، أمثال ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والأرجنتين وهولندا.
ففي عام 2007، أوفدت صحيفة «ذا تلغراف» البريطانية أحد مراسليها ستيف باين الى البرازيل لإعداد تقرير عن كيفية تفاعل الصغار هناك مع اللعبة أينما كان، فعاد الرجل سارداً حكايا كثيرة عن كيفية «غسل دماغ» الناشئين بالفوتسال من أجل الوصول الى الكمال الفني وصناعة الخدع والسحر، إضافة الى تقنية تمرير كرة حاسمة حتى من رمية التماس، حيث السيطرة على الكرة عند اللاعب المُستقبِل لها هو أمر أساسي.
اليوم، أصبح المشروع أكبر ويندرج تحت عناوين عدة، منها تلقين الصغار مبادئ الفوتسال لجعل ذكائهم أكبر في اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول غير التقليدية للمشكلات التي يواجهونها على أرض الملعب، الى تنمية الروح الجماعية والتعاون بشكلٍ أكبر، إذ معلوم أنه في اللعبة الصغيرة يكون الجميع مهاجماً ومدافعاً في آنٍ معاً.
إذاً، تحت سقفٍ أو في مساحة مفتوحة، يمكن لمس مدى شعبية الملاعب الصغيرة في البرازيل، لا بل تزداد أهميتها حالياً في زمن تضاءل فيه «راقصو السامبا» الحقيقيون بعدما انغمس معظم النجوم البرازيليين في ثقافة الكرة الأوروبية المختلفة تماماً.



فالكاو: الآية معكوسة

عندما تقال كلمة فوتسال يتبادر إلى الأذهان اسم النجم البرازيلي فالكاو الذي يفعل أشياء تتحدى الطبيعة على أرض الملعب عبر مهاراته التي لا يملكها حتى أفضل لاعبي الكرة. لكن المفارقة أن براعة فالكاو بدت معدومة في الملاعب الخضراء؛ إذ صمد نصف موسم فقط مع ساو باولو عام 2005 قبل أن يعود أدراجه إلى الملاعب الصغيرة.