فجأة ومن دون اي مقدمات بدأ العالم يتحدث عن لاعبٍ مصري اسمه محمد صلاح، حتى باتت التقارير التي تمتدح اداء هذا اللاعب كثيرة وبشكلٍ يومي احياناً. هو لاعب اثار متابعي الكرة بفنياته الرائعة، وهو الذي اثار مشاعر الامة العربية عندما واجه ماكابي تل أبيب الاسرائيلي مقاوماً على طريقته قبل ان يضرب فريق الكيان الصهيوني ويحرق شباكه على ارض الملعب ويرميه خارج المسابقة الاوروبية الاهم اي دوري ابطال اوروبا.
اما اليوم، فقد تخطت الاثارة التي يخطّها صلاح جمهور بازل، هو يثير اليوم اهتمام اندية اوروبية كبيرة تريد التعاقد معه بأسرع وقتٍ ممكن، وهذا كلام لا شائعات فيه، وخصوصاً مع تأكيد الاندية المعنية بأنها تتسابق للحصول على خدمات «الفرعون الصغير».
واللافت ان صلاح كلاعب مصري، يثير ضجة اكبر في اوروبا من تلك التي اثيرت حول مواطنه المعتزل احمد حسام «ميدو» عندما حطّ في اياكس امستردام الهولندي، وحتى عندما تصدّر مواطنه الآخر عمرو زكي لفترة قائمة هدافي الدوري الانكليزي الممتاز خلال دفاعه عن الوان ويغان أثلتيك. كذلك، لم يعد محمد زيدان اللاعب المصري الاشهر في اوروبا، ولم يعد هاني رمزي القائد الذي لا ينسى في اوروبا وتحديداً عندما حمل شارة قيادة فريق كايزرسلاوترن الالماني.
لكن كيف وصل محمد صلاح الى ساحة الاضواء، وكيف تمكن بسرعة قياسية من فرض اسمه ضمن معادلة الافضل في اوروبا؟
نادي بازل الذي يلعب له صلاح حالياً عُرف في الاعوام القريبة الماضية انه واحد من الاندية المهمة في اوروبا التي تخرّج لاعبين سويسريين مميزين، اذ شهد ملعب «سانت جاكوب بارك» اخيراً تصدير مواهب من حجم شيردان شاكيري (بايرن ميونيخ الالماني) وغوكان إينلر (نابولي) وغيرهما. الا انه في خضم العمل الكبير للمدربين في اكاديمية النادي، شرع مدرب الفريق الاول الدولي السابق مورات ياكين في تقوية شبكة كشافيه حول العالم، وذلك بهدف جذب لاعبين واعدين بأقل كلفة من خارج القارة الاوروبية، وتحديداً من اميركا الجنوبية وشمال افريقيا.
ومن خلال هذه الشبكة التي تتوسّع سنة بعد اخرى، وضع بازل عينه على صلاح بعدما تابعه متألقاً في مباريات فريقه السابق المقاولون العرب حيث خاض 41 مباراة مسجلاً 11 هدفاً. وقيمة صلاح ارتفعت اكثر في 2012 بعدما اختير افضل موهبة صاعدة في حفل جوائز الاتحاد الافريقي اثر تسجيله ثلاثة اهداف في اربع مباريات خلال دورة الالعاب الاولمبية التي اقيمت في لندن عامذاك.
وكان كافياً ان يسجّل صلاح (21 عاماً) هدفين في مرمى بازل نفسه خلال مباراة ودية واجه فيها منتخب مصر الاولمبي، ليتلقى دعوة من النادي السويسري لقضاء اسبوع في ربوعه حيث وقّع بعد شهرٍ تماماً على عقدٍ لمدة اربع سنوات.
ما يميّز صلاح هو اجتهاده على ارض الملعب وخارجه، اذ تخطى باصرار كل الصعاب التي واجهته بسبب طبيعة الحياة الجديدة التي وجدها في سويسرا، فلعب دوراً رئيساً في حمل بازل الى نصف نهائي مسابقة «يوروبا ليغ» في الموسم الماضي حيث خرج امام تشلسي الانكليزي حامل اللقب، والذي عرف قيمة المصري خلال الاسبوع الحالي عندما هزمه الاخير في دوري الابطال.
كل المتابعين لصلاح، وخصوصاً مدربيه، يعتبرون انه لم يقدّم شيئاً من قدراته الحقيقية حتى الآن كونه يسجّل تطوراً ملحوظاً يوماً بعد آخر، لدرجة دفعت مدرب منتخب مصر السابق الاميركي بوب برادلي الى وصفه بالـ «محترف المثالي»، مشدداً على انه مستقبل الكرة المصرية.
ورغم كل هذه الاشادات والاجواء المحيطة حوله، لا يبدو صلاح متأثراً بأي ضغوط، ولا حتى بأي نكسات كتلك التي اصابت المنتخب المصري الذي فشل في التأهل الى نهائيات كأس العالم بعد سقوطٍ مدوّ امام غانا في الدور النهائي للتصفيات الافريقية (1-6 ذهاباً و2-1 اياباً)، بل يواصل تقديم نفسه على صورة اللاعب العصري الاكثر طلباً في الكرة الاوروبية، اذ صحيح انه ليس رأس حربة او مهاجماً صريحاً، لكنه يتمتع بحساسية كبيرة عندما يواجه اي حارس للمرمى.
صلاح هو الخليط المثالي للاعب الجناح والمهاجم الهداف في آنٍ معاً، حيث يمكن تشبيهه بالويلزي راين غيغز كونه يلعب بنفس المركز ويستخدم قدماً يسرى سامة ايضاً، وما عاشه أشلي كول امامه في المباراة الاولى امام تشلسي هذا الموسم ليس سوى دليل على ان اي مدافعٍ سيكون في خطر عندما ينطلق «الفرعون» من دون اي مقدمات او توقعات باتجاه منطقته.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




حلم اللعب مع الكبار


يفضل محمد صلاح اللعب لريال مدريد أو مانشستر يونايتد أو تشلسي عوضاً عن اندية اخرى مهتمة به مثل توتنهام وليفربول. هذا ما قاله صلاح في تصريحات لصحيفة «ذا صن» الإنكليزية، حيث اضاف: «انا فخور بتسجيلي هدفين أمام تشلسي ذهاباً وإياباً في دوري أبطال أوروبا». وتابع: «أريد أن ألعب مع احد أفضل فرق العالم. أفضّل فرق ريال مدريد، ومانشستر يونايتد وتشلسي». وسجل صلاح 17 هدفاً خلال 26 مباراة دولية خاضها مع المنتخب المصري، وتبدو وجهته الاقرب حالياً هي الدوري الانكليزي الممتاز.