بدأت قضية احتيال اللاعبين على حكام مباريات كرة القدم تأخذ مكانها لدى معالجي الآفات التي تضرب اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وقد ذهب البعض إلى إطلاق عليها لقب «سرطان الكرة» بالنظر إلى تأثيرها في أحيانٍ عدة على نتائج المباريات.إلا أن البعض الآخر يجد أنها نوع من الفنون الكروية المعتمدة؛ إذ كما هناك لاعبون مهاريون أو متخصّصون بتنفيذ الركلات الحرة، هناك لاعبون يبرعون في الارتماء داخل منطقة الجزاء والحصول على ركلة جزاء وهمية، أو ادعاء تعرضهم لضربة من الخصم، وبالتالي التسبّب بطرده.

الأمر الأكيد أنه رغم الضجة التي تتخذها هذه المسألة، فإن مبدأ الاحتيال يزيد يوماً بعد آخر في عالم الكرة، ويسبّب إحراجاً كبيراً للحكام، ويثير غضب المدربين وسخط اللاعبين في آنٍ واحد، إذ إن قراراً خاطئاً من الحكم المخدوع قد يؤدي إلى إبعاده عن قيادة المباريات، ويؤثر على مستقبل أي مدرب مع فريقه إن أدى هذا الخطأ إلى خسارته المباراة، أضف إلى تلقي اللاعب عقوبة في أحيانٍ عدة.
أما الأسوأ، فإن اللاعبين النجوم الذين يعتنقون هذا المبدأ يزدادون أيضاً، وكان آخر المنضمين إلى «عصابة المحتالين» البرازيلي نيمار الذي سبّب طرد سكوت براون خلال مباراة برشلونة الإسباني وسلتيك الاسكوتلندي أخيراً في مسابقة دوري أبطال اوروبا، وذلك بادعاء نجم «البرسا» أنه تعرّض لخطأ قاسٍ. وفي الجولة عينها من المسابقة الأوروبية الأم كان النجم الإيطالي ماريو بالوتيللي يحصل على ركلة جزاء مغشوشة لمصلحة فريقه ميلان في المباراة أمام أياكس أمستردام الهولندي.
والأمثلة كثيرة في هذا الإطار ولا تتوقف عند النجمين المذكورين، وهو الأمر الذي أثار انتقاد البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشلسي الإنكليزي الذي سبق أن حاول استئصال هذه المشكلة التي واجهها مع نجمين أساسيين في تشكيلته عندما درّب تشلسي للمرة الأولى، وهما العاجي ديدييه دروغبا والهولندي أريين روبن.
اليوم هناك الكثير من المدربين الذين يذهبون إلى أبعد من تأنيب اللاعب على احتياله، إذ هناك من يبدو مستعداً لإبعادهم عن الفريق، وهو الأمر الذي اعترف مورينيو بأنه كان سيُقدِم عليه لو أنه لم يكن بحاجةٍ إلى نجميه المذكورين أعلاه.
وبطبيعة الحال، يبدو صعباً على أي مدرب كبح جماح أي لاعبٍ يهوى «التمثيل»؛ إذ هناك لاعبون مثل الإسباني سيرجيو بوسكتس والأوروغوياني لويس سواريز ينجرّون خلف غريزتهم الإنسانية ويسقطون على أرضية الميدان مدّعين تعرضهم لخطأ، حتى إن الأول ذهب إلى القول إن هذا الأمر يعدّ ضرباً من الذكاء لا خداعاً للحكام.
فعلاً، أصبح الاحتيال بسقوطٍ داخل منطقة الجزاء تحديداً جزءاً لا يتجزأ من اللعبة، حتى إن فريق برشلونة اتُّهم بإجادته هذا الأمر أكثر من الـ«تيكي تاكا» التي اشتهر بها بفعل كثرة اللاعبين في صفوفه الذين يجيدون الاحتيال، إذ إلى جانب نيمار وبوسكتس، هناك بدرو رودريغيز والبرازيلي الآخر داني ألفيش ايضاً...
قد يكون ذكاءً، قد يكون خداعاً، لكن الأكيد أنّ مسألة التمثيل والاحتيال تعطي طابعاً إنسانياً إضافياً للعبة تبدو بمنأى عن تأثير التكنولوجيا وما يشبهها من إجراءات غير تقليدية، فكرة القدم حلوة بجماليتها وبأخطائها الإنسانية التي تترك لنا مادة دسمة لإطلاق جدال حولها.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




مورينيو لمعاقبة الممثّلين

طالب جوزيه مورينيو بمعاقبة كل اللاعبين «الممثلين»، مشيراً إلى أن الأمور زادت على حدّها ويجب على المراجع العليا التحرّك لوضع حدٍّ لهذه الظاهرة المتفشية، مضيفاً: «في كل أسبوع سنشهد حالات مماثلة في حال شعور هؤلاء اللاعبين المخادعين بأنه لن يتخذ أي إجراء ضدهم».