لم يستطع فريق روما أن يقف يوماً على درجة متقدمة أو موازية من حيث الأهمية بالنسبة إلى سكان العاصمة الإيطالية لمعالمها. ظل «الكولوسيوم» الذي يعود إلى عصر الرومان، على سبيل المثال، أحد الأوجه التي تعرَّف بها روما، وتأخذ بها شهرة عالمية هذه المدينة التي تعتبر من الأقدم في العالم، وليس طبعاً فريق الكرة «أ أس روما». ظلت روما تستمد سحرها من تاريخها وعبق معالمها وآثاراتها وقصصها الغابرة. لم يصنع فريقها الكروي الذي يحمل اسمها مجداً كبيراً تتباهى به المدينة ليس بين العواصم الأوروبية الأخرى فحسب، حيث يسبق على سبيل المثال، ريال مدريد العاصمة الإسبانية، وكل ما فيها، شهرة، ولا باقي المدن الأوروبية ولا حتى الإيطالية حيث تتقدم مدينة ميلانو بفريقيها ميلان وانتر ميلانو وتورينو بفريقها يوفنتوس بأشواط على «أ أس روما»، بل حتى إن هذا الأخير لم يستطع أن يستحوذ وحده على قلوب أبناء روما، فقد قاسمه في ذلك فريق العاصمة الآخر لاتسيو.
وأكثر، فإن الأسماء التي ارتدت قميص «الجيالوروسي» كانت أكبر من الفريق، أو بتعبير آخر فإنها أعطت هذا الأخير شهرة أكثر مما هو أعطاها، وهذا ما ينطبق على لاعبين كالأرجنتيني غابرييل باتيستوتا والبرازيليين كافو والدايير والألمان رودي فولر وتوماس هاسلر وتوماس بيرتهولد والمحليين ماركو ديلفيكيو وفيتشينزو مونتيلا وأنطونيو كاسانو وآخرهم فرانشيسكو توتي ودانييلي دي روسي. وقس على ذلك أيضاً الملعب الذي يلعب عليه روما وهو «استاديو أولمبيكو» الذي حمل شهرته لجماليته ولاستضافته بطولة كأس العالم 1990، وليس لما صنعه فيه روما. فـ«جيالوروسي» لا يحمل في جعبته إلا 3 ألقاب في الـ«سيري أ» أولها يعود إلى عام 1942، اما أوروبياً فصفر ألقاب.
بتعبير أوضح، لا تاريخ كبيراً للفريق الأول في العاصمة الإيطالية. نعم، كان لـ«الجيالوروسي»، على فترات، هبّات سرعان ما كانت تخبو، لتظل صورة الفريق المشاكس والمزعج لكبار إيطاليا يوفنتوس وميلان وإنتر ميلانو هي التي تسبق التعريف عن «أ أس روما».
هذا الموسم، يبدو روما كمن ينتفض على كل الموروثات وعلى ما هو سائد. هذا ما يثبته تصدره للدوري الإيطالي بـ 7 انتصارات من 7 مباريات، آخرها وأحلاها طبعاً على إنتر ميلانو بثلاثية نظيفة في معقله «سان سيرو».
ما هو مدهش في روما أنه لا يمتلك في صفوفه أسماء من الوزن الثقيل، إذ باستثناء «الملك» توتي ودي روسي، فإن أياً من الأسماء الأخرى لا يمكن مقارنتها بما تمتلكه الفرق الكبرى في إيطاليا أو حتى بأسماء ارتدت قميص روما نفسه سابقاً. وأكثر، فإن الفريق فقد أهم مواهبه والتي كان يعوّل عليها كثيراً وهو الأرجنتيني إيريك لاميلا المنتقل الى توتنهام الانكليزي.
لكن في المقابل، يمكن القول بأن روما كسب مدرباً واعداً هو الفرنسي رودي غارسيا القادم من ليل الذي استطاع أن يبدل صورة الفريق رأساً على عقب ويزرع فلسفته الهجومية في عقول اللاعبين، يضاف الى ذلك الحافز الكبير لتوتي ودي روسي، قبل غيرهما، لفعل شيء يمحو خيبات السنوات الطويلة الماضية.
حتى ليلة أول من أمس، كان كثيرون لا يزالون يشككون بقدرة روما على متابعة تألقه من باب أن ما حصل ليس إلا «فلتة شوط» برأيهم، أما أنصار النادي فكانوا يضبطون النفس في إطلاق العنان لآمالهم خشية ما تخبئه الأيام لهم، وتحديداً أمام كبار «الكالتشيو». لكن ما قبل مباراة «سان سيرو» الأخيرة ليس كما بعدها بالتأكيد، فالكل باتوا يهابون قوة «الجيالوروسي» الآن. أما أنصار هذا الأخير، فقد آن أوانهم ليفرحوا... ليحلموا بما هو قادم.