لا تسل في هذه الأيام عن أحوال القاطنين بجوار ملعب «أولد ترافورد» في مانشستر من جماهير يونايتد. «الشياطين الحمر» يبدون بلا حيلة ولا قوة حالياً. هم الذين تشهد الملاعب الإنكليزية على صولاتهم وجولاتهم من لندن بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها إلى ليفربول، باتوا حتى فاقدين القدرة على الحفاظ على زعامة مدينتهم أمام سيتي. صحيح ان الأخير يدين بقوته المستجدة الى الأموال الخليجية، إلا أن يونايتد يبقى، بما يمثله من عظمة، أكبر من أن يقاس بالجار الغريم، لكن الواقع «على الأرض» هو غير ذلك تماماً. فقبلاً كانت خسارة يونايتد التاريخية أمام سيتي بسداسية في «أولد ترافورد»، وبالأمس بالأربعة في ملعب «الاتحاد».
في حقيقة الأمر، كانت جماهير يونايتد قد طوت صفحة الستة قبل موسمين معتقدة أنها ولّت الى غير رجعة حيث «شفع» للفريق وقتها طرد جوني ايفانز، لكن الظنون والآمال خابت الأحد، فها هو يونايتد، المكتمل الصفوف، يبدو عاجزاً عن الوقوف نداً بوجه الجار.
ولكي لا يبقى الاطار محصوراً في البيت الواحد، فإن يونايتد حتى لم يستطع التغلب على تشلسي اللندني في «أولد ترافورد» مكتفياً بالتعادل، في حين عاد بهزيمة من ملعب «آنفيلد رود» أمام الغريم الأزلي ليفربول، ما أدى الى أسوأ بداية له في الـ «بريمييرليغ» منذ 9 سنوات باحتلاله المركز الثامن بـ 7 نقاط فقط من أصل 15 ممكنة.
في الواقع، كثيرون كانوا يتوقعون أن يظهر مانشستر يونايتد بصورة مختلفة عن ذاك الفريق الذي حمله «السير» الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون على كتفيه طيلة 28 عاماً، وهذا ما حصل بالفعل. اذ لا شك في أن جماهير «الشياطين الحمر» تستذكر في هذه اللحظات، قبل أي شيء، حضور مدربها «الأسطوري» بلبانته الشهيرة. ما يفتقده يونايتد حالياً هي تلك الحلول التي كان يجدها «السير» في أحلك الظروف، هي تلك الديناميكية التي كان يتمتع بها هذا الرجل رغم تقدمه في السن في فترته الأخيرة مع يونايتد، فكنت تراه ينتفض من مكانه عند تسجيل هدف أو تحمر وجنتاه على نحو واضح عند تلقي هدف. أما اللاعبون في الملعب فكانوا يتحركون على وقع حالة فيرغيسون: يهجمون كالليوث الغاضبة عندما يرون مدربهم مكفهر الوجه، ويدافعون بشراسة عندما يشعرون بحرص «السير» في المحافظة على النتيجة. هذه الصورة، هي، بالضبط، ما يفتقد اليها لاعبو مانشستر يونايتد حالياً مع خليفة «فيرغي» مواطنه ديفيد مويس. فما يبدو واضحاً أن الكيمياء تبدو مفقودة بين لاعبي يونايتد ومدربهم الجديد، أو بالأحرى فإن مويز بدا غير قادر على بث الحماسة في نفوس لاعبيه على غرار ما كان يفعله «المعلم» في أحلك الأوقات. بدا مويز في المباريات الثلاث الكبيرة حتى الآن فاقداً للحلول والابتكارات التي كان يخرج بها عقل فيرغيسون في الوقت المطلوب.
من البديهي طبعاً أن يكون مويز محور التركيز عند التطرق الى تخبط مانشستر يونايتد في المستوى والنتائج منذ بداية الموسم. فصورة مويز تبدو مختلفة كلياً عن صورة ناديه القوي الشكيمة والعنيد، وهذا لا يتوقف فقط على ظهوره بمظهر المستسلم والعاجز خططياً خلال المباريات، بل حتى في خياراته. فالأسئلة تبدو كبيرة في مانشستر حالياً حول اصرار مويز على الاعتماد على بعض الاسماء رغم وجود أسماء أخرى جديرة على دكة الاحتياط وكان «السير» يعتمد عليها. فأين ذهبت أدوار المكسيكي خافيير هرنانديز والبرتغالي لويس ناني والياباني شينجي كاغاوا وطوم كليفرلي وجوني ايفانز؟ السؤال برسم مويز طبعاً. فأمام سيتي مثلاً ظلت هذه الاسماء مجرد أسماء على الدكة ولم تقم بأي فعل في الميدان، باستثناء كليفرلي الذي دخل مكان آشلي يونغ، علماً أن داني ويلبيك لم يؤد على النحو المطلوب للفريق في ظل غياب الهولندي روبن فان بيرسي. ألم يكن الأجدى بمويز أن يستبدله بـ «تشيتشاريتو» أو أن يبدل مركز البلجيكي مروان فيلايني ويقحمه خلف روني مستفيداً من قدرته على التحكم بالكرة وإشغال المدافعين عن «الولد الذهبي» والجناحين؟ وهذا ما يضع أكثر من علامة استفهام، دون مبالغة، حول القدرات الخططية والقيادية للمدرب الاسكوتلندي.
صحيح أن مويز لا يزال في بداية المشوار وهو يخلف مدرباً كبيراً كفيرغيسون، غير أن الفشل أمام ثلاثة من كبار انكلترا يدفع الى دق ناقوس الخطر في مانشستر. وحده الفوز والاداء الجيد أمام الضيف ليفربول غداً في كأس الرابطة كفيل بأن يبدد الكثير من الأجواء القاتمة. إنها الفرصة الأثمن قطعاً أمام الاسكوتلندي لتدارك الأخطاء والانطلاق فعلياً مع مانشستر يونايتد، والا فإن كل شيء سيكون مباحاً في الأيام القادمة. والمباح هنا لا يستثني، بالطبع، القول لمويز كلمتين مختصرتين: «شكراً، مع السلامة».



تهكُّم على «تويتر»

في الوقت الذي وبّخ فيه مويز لاعبيه بعد الهزيمة أمام سيتي، فإن جماهير يونايتد انتقدت المدرب وتهكمت عليه في موقع «تويتر». فقد وضع احدهم صورة للاسكوتلندي مع تعليق: «ليس لدي أي فكرة عما أقوم به»، في حين لعب آخر على الكلمات مغرداً ««moyesout» يتجه نحو لندن»، في اشارة الى الفشل في ضم مسعود أوزيل.