يثنون عليه دائماً في البرتغال. النجم كريستيانو رونالدو أصبح أفضل من مواطنيه أوزيبيو ولويس فيغو. هكذا يُنظر إليه في «برازيل أوروبا». تجاوز الاثنان معاً وتصدر قائمة هدافي المنتخب البرتغالي. كان هذا الأمر متوقعاً.
«شرف لي أن أتجاوز أحد أكبر لاعبي الكرة في البرتغال»، هكذا يقول رونالدو. مع كل النظرة الفوقية التي يتسم بها هذا النجم، إلا أنه يتواضع دائماً أمام عمالقة الكرة السابقين في بلاده وخارجها. لا يمكنه إلا أن يتواضع أمامهم. لا تنقصه مشاكل مع صحافة بلاده، تكفيه الصحافة العالمية التي لم ترحمه يوماً.
وإذ ينظر البعض إلى عدم إمكانية مقارنة رونالدو باللاعبين الكبار السابقين مثل البرازيلي بيليه أو الأرجنتيني دييغو مارادونا، فإن ذلك بسبب ضعف الوصول إلى مراحل متقدّمة في البطولات العالمية. ففي بطولة أوروبا 2004، عندما اعتمدت البرتغال بشكل كبير على الثنائي المخضرم فيغو وروي كوستا، تمكن رونالدو من الظهور بشكل قوي، وكان قريباً من إحراز اللقب لولا الخسارة المفاجئة أمام اليونان في المباراة النهائية. ترك رونالدو الشاب آنذاك الملعب باكياً، رغم اختياره ضمن التشكيلة المثالية للبطولة بعد إحراز هدفين فقط، وإذا كان هذا العدد قد تسبب بخيبة أمل لرونالدو، إلا أن خيبة الأمل زادت في البطولات الكبرى الثلاث التالية حيث أحرز هدفاً واحداً في بطولة أوروبا 2008، كما أحرز هدفاً واحداً في كأس العالم 2006 وآخر في كأس العالم 2010. وبمقارنته الدائمة مع الأرجنتيني ليونيل ميسي، لا يظهر الأخير بأفضل حال من «الدون»، مع منتخبه لم يقدم أي شيء يذكر حتى الآن.
ما يشفع لـ«ماكينة الأهداف» في بلاده هو تخطيه رقم أوزيبيو، وإن كان معظم هذه الأهداف في مباريات التصفيات. أصبح الآن في بلاده أسطورة. تخطي هذا الرجل ليس سهلاً، إلا أنه كان سيحصل عاجلاً أو آجلاً. ففي مباراته أمام إيرلندا الشمالية ضمن تصفيات كأس العالم 2014، التي انتهت بفوزه 4-2، سجل «الدون» ثلاثية تاريخية منقذاً بذلك منتخبه من الخسارة، وخصوصاً أنه كان يلعب بنقص عددي رافعاً رصيده الى 43 هدفاً ليصبح الثاني بعد بدرو باوليتا الذي سجل 47.
انهال عليه المديح، وكانت معظم الصحافة البرتغالية تتشابه في عناوينها. صحيفة «ريكورد» وصفته بـ«اللاعب العظيم»، فيما عنونت صحيفة «آبولا» أنه «اللاعب الأفضل في العالم»، فيما أوردت «بوبليكو» أنه «المنقذ». في هذا الوقت، استغل المدافع البرتغالي بيبي، زميل «سي آر 7» في ريال مدريد، الفرصة ليقول: «رونالدو علامة فارقة في تاريخ الكرة البرتغالية، إنه لاعب نموذجي، ومحترف مثالي». إن كان كلام بيبي يتعارض مع بعض البرتغاليين الذين يرون أن فيغو هو الرقم 1 في البرتغال، جاء الأخير لينضم الى القافلة ذاتها ويقول ان رونالدو أفضل البرتغاليين وأفضل لاعب في العالم. لربما اقتنع فيغو بذلك بعدما قطعت عدد أهداف رونالدو أرقامه، وهو الذي كان ينتقده بين الفينة والأخرى سابقاً. لكن ما حصل أخيراً بات يُصعّب على نجم برشلونة وريال مدريد السابق الاختباء فيه خلف اصبعه.
«هو أحد أكثر اللاعبين تكاملاً في التاريخ»، يسجل برأسه وقدميه ومن المناطق القريبة والبعيدة ويصنع الأهداف، وهو متخصص في الركلات الحرة المباشرة وقوي الشخصية وبات يدافع بقوة أيضاً.
لم يدع رونالدو أي فريق أو منتخب، مهما كان صعباً، شباكه نظيفة. من بايرن ميونيخ وبرشلونة الى هولندا وإسبانيا. في شباك «الماتادور»، صُنف أحد أهدافه الذي لم يحتسب لسذاجة من قبل زميله ناني، أفضل الأهداف التي سجلها يوماً.
المسألة منطقية جداً، الذين يشككون بموهبة رونالدو وقدراته هم من يخشونه على فرقهم. الخشية هنا تتحول الى كراهية، وبالتالي يكرهونه وينكرون ما يقدمه حتى عندما يرون إبداعاً قلّ نظيره أمام أعينهم.
في صغره، عندما كان لاعباً لسبورتنغ لشبونة، بزغ نجمه في مباراة ودية أمام مانشستر يونايتد، اذ شكل مصدر إزعاج كبير لدفاع مانشستر والحارس الفرنسي فابيان بارتيز. هنا قرر «السير» الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون التعاقد معه بعدما نصحه الجميع، بمن فيهم لاعبوه، «بأنه لن يخيّب أملنا في البطولات الكبرى أبداً». راهن عليه، لكنه خرق التوقعات وحقق قفزة سريعة. ففي حين كان يجب عليه الانتظار لفترة أطول على دكة الاحتياط بحسب ما قيل وقتها، أثبت العكس واستفاد بشكل ممتاز من الفرصة التي أتيحت له.
الجميع كانوا ينتظرون رؤية رونالدو في مباراة اليوم أمام البرازيل. كانت ستحصل مبارزة قوية ومبكرة بينه وبين نجم برشلونة الحالي نيمار. إلا أن النجم البرتغالي لم يتمكن من السفر برفقة بعثة منتخب بلاده إلى بوسطن لخوض المباراة الودية وذلك بسبب المشاكل البدنية التي عانى منها منذ بداية الأسبوع وأجبرته على الغياب عن تدريب البرتغال.
يرتقب الجميع في البرتغال منافسة رونالدو لجميع نجوم المونديال. يأملون عبره الوصول الى مراحل متقدمة بالحد الأدنى. نفس شعار الحملة التي أطلقها نجوم ريال مدريد لحث مشجعيهم على ملء مدرجات ملعب «سانتياغو برنابيو» لمؤازرتهم في إياب نصف نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي أمام بوروسيا دورتموند، سيكون شعار الجماهير البرتغالية في المونديال المقبل: كريستيانو رونالدو «مصدر قوتنا هو أنت».