مخطئ من يظن أن قطبي كرة القدم الاسبانية برشلونة وريال مدريد لم ينقلا صراعهما من ارض الملعب الى سوق الانتقالات الصيفية؛ فالحرب الباردة كانت حاضرة بينهما بطريقة او بأخرى. وهنا يمكن اعتبار ان اصرار ريال مدريد على استقطاب افضل لاعب في الدوري الانكليزي الممتاز الموسم الماضي الويلزي غاريث بايل، هو ليس سوى ردّة فعل على نجاح «البرسا» في خطف النجم البرازيلي نيمار الذي كان الفريق الملكي ينوي ضمّه الى صفوفه.اذاً، هذه المعادلة تأخذنا الى القول ان برشلونة فاز فعلاً بجولة في سوق الانتقالات، وهو الامر الذي جعل البعض يسخر من ريال مدريد ومن طريقة تحرّكه في سوق العرض والطلب حيث كان هدفه الاول ارضاء جمهوره الساخط بسبب حصول الغريم التقليدي على خدمات نجمٍ كبير قد يصنع الفارق في المرحلة المقبلة.
وبالفعل يأتي التهكّم على مدراء ريال مدريد من باب عدم قدرتهم على حسم الامور بالطريقة التي ينفذ بها المدير الرياضي لبرشلونة الحارس السابق أندوني زوبيزاريتا، رغبات المدربين المتعاقبين على برشلونة، وآخرهم المدرب المستقيل تيتو فيلانوفا الذي طلب التعاقد مع نيمار قبل وصول المدرب الحالي الارجنتيني خيراردو مارتينو.
نعم، قدّم برشلونة نجمه الجديد نيمار، وذهب الاخير الى بلاده ليقود منتخبه الى الفوز بكأس القارات، ثم عاد الى برشلونة وقاد الفريق الى الكأس السوبر الاسبانية، في الوقت الذي كان لا يزال فيه ريال مدريد غير قادرٍ على حسم صفقة بايل!
وبالطبع لكلٍّ من الفريقين ضرباته الناجحة في سوق الانتقالات هذا الصيف، وخطوات ناقصة في مكانٍ ما. فاذا كان برشلونة يريد البناء على تشكيلته التي جلبت لقب «الليغا» في الموسم الماضي، فان النقص في العمل كان في الجانب الدفاعي حيث الحاجة ملحّة الى قلب دفاعٍ قوي. اما ريال مدريد فانه قد يكون انجرّ مجدداً الى التبذير كردّة فعل على انكفائه محلياً واوروبياً.
لكن اي طرف كان الانجح في السوق هذا الصيف؟
أولاً، اذا ذهبنا للتحدث عن صرف الاموال، يتبيّن لنا ان «البرسا» قد لا يكون خاسراً على الاطلاق، اذ ان صفقته الاساسية كانت بمجيء نيمار مقابل 57 مليون يورو، بينما ذهب ريال مدريد الى «رشّ» المبالغ يميناً ويساراً، فاستقدم دانيال كارباخال مقابل 6.5 مليون يورو، وايسكو مقابل 30 مليون، وأسيير يارامندي مقابل 38.9 مليون، اضافة الى المبلغ الخرافي مقابل الحصول على خدمات
بايل.
وقد يأتي البعض ليقول ان النادي الملكي لا يجد مشكلة في الدفع، لكن لا شك في ان صرف مبالغ بهذا الحجم ستزيد من الضغط على الجهاز الفني لتحقيق الالقاب، وهو امر دمّر فرقاً عدة، وآخرها مانشستر سيتي في انكلترا، وقبله ريال مدريد نفسه في فترة من الفترات حيث لم يشفع له التبذير لحصد المجد.
نقطة ثانية يمكن الحديث عنها تتمحور حول نوعية التعاقدات. وهنا لا مجال للجدال حول ان صفقة الحصول على نيمار ستعود بالخيرات على «البلاوغرانا» الذي حصل على نجمٍ من المستوى الأول يمكنه ان يكون حاضراً لحمل الفريق على اكتافه في حال غياب النجم الاول للفريق الارجنتيني ليونيل ميسي، على ان يشكّل مع الاخير ثنائياً رهيباً لا يملك مثله اي فريقٍ في العالم.
في المقابل، قد لا تكون كل صفقات «الميرينغيز» بمثابة الخطوات لسدّ الحاجات الفنية. وفي هذا الاطار يشكّل كارباخال اضافة مهمة في ظل تواضع مستوى الظهير الايمن الفارو أربيلوا. والاكيد ان الريال يفكّر بشكلٍ مثالي في مجال استقدام شبّان محليين، لكن سعر يارامندي مبالغ فيه، وخصوصاً انه قد لا يكون بمقدوره ازاحة الالماني سامي خضيرة من مركز الوسط – المدافع حيث اثبت الاخير نفسه. والاسوأ ان يارامندي كلّف اكثر من إيسكو الذي يعدّ صفقة مميزة جداً، ولو ان عدم قدومه ما كان ليترك فراغاً في المركز الذي سيشغله بوجود العديد من اللاعبين الجيدين فيه.
وبالحديث عن اللاعبين المناسبين للفريق، فانه كان من الافضل على الريال تعزيز خط هجومه بعد رحيل الارجنتيني غونزالو هيغواين حيث كان بامكانه شراء مهاجمين اثنين او ثلاثة بالمبلغ الذي عرضه مقابل بايل الذي لا يأتي ليسدّ ثغرة واضحة في الفريق.
اما الاهم فان برشلونة الذي عوّض جزءاً من المبلغ الذي صرفه في صفقة نيمار عبر بيع دافيد فيا وتياغو ألكانتارا، فانه سيحصّل اكثر بكثير جراء الصورة الاعلانية البارزة للبرازيلي الذي بالتأكيد سيتفوّق على بايل في سوق بيع القمصان التي ستحمل اسميهما.




بايل خارج «الفورمة»

بعد اسابيع طويلة من المفاوضات، يُنتظر الإعلان الرسمي لصفقة ضم غاريث بايل اليوم في العاصمة الاسبانية مدريد. الا انه لا يتوقع ان يبدأ اللاعب نشاطه سريعاً مع ريال مدريد بسبب عدم جاهزيته البدنية حيث تغيّب عن تمارين توتنهام هوتسبر في الفترة الاخيرة اعتراضاً على عدم السماح له بالرحيل عن صفوف الفريق اللندني.