بات يفوق القدرة على التحمل ما يفعله الاتحادان الدولي والأوروبي لكرة القدم في كل مرة يكون فيها عالم كرة القدم على موعد مع الجوائز الفردية للاعبين. مرة بعد أخرى، يتأكد الزيف والمحاباة الكبيران اللذان تتصف بهما هاتان المؤسستان الكبيرتان في عالم اللعبة.
أمس، تجدد الموعد مع إعلان أسماء المرشحين الثلاثة الذين سيتنافسون على جائزة أفضل لاعب في أوروبا التي ابتكرها الرئيس «الفذ» لـ«يويفا»، الفرنسي ميشال بلاتيني، قبل عامين، وقد ضمّت الفرنسي فرانك ريبيري، لاعب وسط بايرن ميونيخ الألماني، واحزروا من أيضاً؟ الأرجنتيني ليونيل ميسي، لاعب برشلونة الإسباني، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد. لا جديد، مكانك راوح!
لا يختلف اثنان طبعاً على أن ميسي ورونالدو لاعبان لا يشق الغبار لهما على أنهما فوق العادة وهما حالاتان استثنائيتان في يومنا هذا، لكن أما آن الأوان لكي تتسم هذه الجوائز الفردية بالإنصاف ونرى أسماء أخرى في لوائحها النهائية لغير هذين النجمين؟ الأمر ليس فيه انتقاصاً بتاتاً من «ليو» و«سي آر 7»، بل المراد أن وجود ميسي ورونالدو في اللائحة النهائية من عدمه لن ينقص شيئاً من قيمتيهما ومكانتيهما. بمعنى أكثر وضوحاً: ميسي ورونالدو يبقيان الأفضل حتى لو لم يقفا على منصة التتويج، إلا أن حسابات الـ«يويفا» تبدو مختلفة حيث يهمها أن يقف هذا النجمان وجهاً لوجه لحصد نجاح أكبر في الحفل، وطبعاً من دون إغفال مصلحة الرعاة والمعلنين وغيرهم في تحقق هذا الأمر.
الأهم من ذلك، أن الموسم المنقضي كان ليساعد الاتحاد الأوروبي على اتخاذ القرار «الجريء» بتنحية ميسي ورونالدو عن الجائزة، أو أحدهما، وذلك انطلاقاً من اكتفاء الأول بلقب الدوري الإسباني مع فريقه، فيما خرج الثاني خالي الوفاض من الموسم. وأكثر، فإن الأرجنتيني تحديداً لم يقدّم أي شيء يذكر في الأدوار الحاسمة في دوري أبطال أوروبا. بمعنى آخر: أن يتوج ميسي بلقب الدوري الإسباني وأن يحقق مع رونالدو نسبة عالية من الأهداف في الموسم الماضي، فهذا ليس بجديد على الإطلاق على النجمين.
الجديد، أن نرى لاعباً كالبولوني روبرت ليفاندوفسكي، مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني، يمطر شباك ريال مدريد في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ويقدم موسماً خارقاً تحدث عنه العالم بأسره. فأين ليفاندوفسكي من الجائزة؟
الجديد، أن نرى الهولندي أريين روبن يفك نحسه ويقود بايرن ميونيخ الألماني الى اللقب الأوروبي العتيد، مقدماً موسماً هو الأفضل طيلة مسيرته. فأين روبن من الجائزة؟
الجديد، أن نرى الألماني باستيان شفاينشتايغر قد بلغ مكانة عالية من التطور الفني وأضحى الأفضل في مركز الارتكاز في العالم بشهادة كل من تابع الأدوار الإقصائية في دوري أبطال أوروبا، وهذا ما يؤكده تفوقه التام على نجمين كبيرين هما: الإيطالي أندريا بيرلو في المباراة أمام يوفنتوس في ربع النهائي، والإسباني شافي هرنانديز في المباراة أمام برشلونة في نصف النهائي، وأكثر «تحجيمه» ميسي كما لم يفعل لاعب من قبل من خلال الرقابة اللصيقة التي فرضها عليه وقطع كراته على نحو مميز في مباراة ذهاب نصف النهائي. فأين «شفايني» من الجائزة؟
هذا من دون الحديث طبعاً عن لاعبين آخرين برزوا في البطولات الأوروبية في الموسم الماضي كالويلزي غاريث بايل، لاعب توتنهام هوتسبر الإنكليزي، والألماني ماركو رويس، لاعب بوروسيا دورتموند، والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش، لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي، وغيرهم.
أضف الى ذلك، كان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يختار لاعبَين غير ميسي ورونالدو، أو بدل أحدهما، لإعطاء الفرصة للاعبين آخرين تألقوا في دوري أبطال أوروبا للمنافسة وحصد، على الأقل، جائزة أفضل لاعب في أوروبا لكي لا نقل الكرة الذهبية للأفضل في العالم، وهذا ما تم في الموسم الماضي بمنح أندريس اينييستا الجائزة عينها بعد قيادته إسبانيا الى لقب كأس أوروبا 2012، غير أن مقاييس اختيار الأفضل التي تُعتمد في كل مرة تكاد تصيب العقل بالجنون: فمرة تكون الإنجازات الفردية هي الفيصل، ومرة أخرى يكون اقتران هذه الأخيرة بالألقاب هو الحاسم!
خلاصة القول، لا يجدي نفعاً الآن سوى أن يُمنح ريبيري جائزة أفضل لاعب في أوروبا لكي يحل الإنصاف و«يكفّر» الـ«يويفا» عن ذنبه بإبعاد العديد من النجوم عنها. أما عدم فوز الفرنسي بها فلن يكون «مفاجئاً» وذلك استناداً الى التجارب السابقة مع خيارات الاتحادين الدولي والآن الأوروبي الخاطئة والمجحفة بحق عشرات النجوم الكبار طيلة السنوات الماضية. ش



فخر التواجد بين الكبار


عبّر فرانك ريبيري عن فرحته لاختياره بين المرشحين الثلاثة لجائزة أفضل لاعب في أوروبا، حيث صرّح لموقع بايرن ميونيخ على شبكة «الإنترنت»: «هذا يجعلني فخوراً. أشعر بفرح كبير بالنسبة لي ولفريقي وللنادي». وفي حال فوز «القيصر الفرنسي» بالجائزة خلال الحفل الذي سيقام في موناكو في 29 من الشهر الجاري على هامش قرعة دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا، فإنه سيخلف الإسباني أندريس اينييستا (الصورة)، علماً بأن ليونيل ميسي فاز بالنسخة الأولى في 2011.