لم تذهب من الذاكرة القريبة بعد تلك اللوحات الفنية التي كان يرسمها روماريو وبيبيتو وزينيو ومازينيو وماورو سيلفا عندما كانوا يتناقلون الكرة بينهم بحرفنة وبسحر أدهش العالم. هذا السحر تكرر مع الكتيبة البرازيلية التالية التي ضمت رونالدو وريفالدو ودنيلسون وروبرتو كارلوس ومن ثم التحق بهم رونالدينيو. في هاتين الحقبتين، كانت إسبانيا بالكاد تبلغ الدور ربع النهائي في بطولتي كأس العالم وكأس أوروبا. أما البرازيل فكانت مسيطرة بالطول والعرض على الكرة العالمية، وقد توجت هاتين الحقبتين بلقبين موندياليين في 1994 و2002.
غير أنه منذ عام 2008، وتحديداً في 29 حزيران في العاصمة النمسوية فيينا على ملعب «إرنست هابل شتاديون»، بدأ زمن إسبانيا بعد التتويج بلقب كأس أوروبا. ومنذ ذلك التاريخ راح «الماتادور» يقضي على خصومه الكبار الواحد تلو الآخر، ورغم أنه لم يواجه منتخب «السامبا» في كأس العالم، إلا أنه تمكن من أن يسحب البساط من تحت البرازيليين، متبوّئاً ريادة الكرة العالمية، لينسى العالم سحر مهارات روماريو ورونالدو وريفالدو والبقية وتستحوذ الـ«تيكي تاكا» التي أجادها شافي هرنانديز وأندريس اينييستا ودافيد فيا وبقية زملائهم على الأضواء. بتعبير أوضح، انتقلت كرة القدم من ريادة برازيلية دامت منذ 1994 حتى كأس القارات 2005 إلى ريادة إسبانية لا تزال مسيطرة على العالم منذ عام 2008.
هذا هو العنوان العريض الذي يفرضه نفسه، قبل كل شيء، عند مجرد ذكر أن البرازيل وإسبانيا سيلتقيان وجهاً لوجه الاثنين فجراً، وما أروعه من لقاء في نهائي كأس القارات، وأين؟ في ملعب «ماراكانا» التاريخي.
إذاً، هو اللقاء «الحلم» الذي تمنى كثيرون أن تُختتم به كأس القارات، وفي مقدمهم البرازيليون. هو لقاء بين القوتين الكرويتين اللتين تناوبتا على السيطرة على العالم أداء ونتائج منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى الآن.
ولا يخفى أن كلا الطرفين كان يتوق للقاء الآخر. فإسبانيا من جانبها لم تضع البرازيل بعد على لائحة ضحاياها الكبار، فكيف إذا تم هذا الأمر في معقل البرازيليين «ماراكانا» فإنه سيكون، لا شك، تاريخياً؟ وأكثر، فإن الفوز الإسباني سيؤثر على معنويات أصحاب الأرض إذا ما تواجهوا مجدداً مع «لا فوريا روخا» في المونديال الذي يستضيفونه الصيف المقبل. فضلاً عن ذلك، تسعى إسبانيا للقبها الأول في كأس القارات لتوجيه رسالة إلى باقي كبار الكرة بأنها لا تزال في كامل قوتها، وخصوصاً بعد أن كادت الأمور تفلت من بين يديها أمام الطليان في نصف النهائي.
من جهة البرازيليين، تكفي الإشارة فقط إلى صافرات الاستهجان التي كان يطلقها الجمهور المحلي في مباريات إسبانيا في البطولة، رغم أن لا عدواة كروية تاريخية بين البلدين، وكذلك الحملة الإعلامية البرازيلية التي شُنت على لاعبي «لا فوريا روخا» واتهامهم بقضاء ليلة ماجنة مع راقصات بعد المباراة أمام الأوروغواي، ما أدى إلى سرقة أموال من غرفهم في الفندق، فإن ذلك يظهر مدى حنق البرازيليين من الإسبان وعدم تقبلهم فكرة أن هؤلاء قد سببوا، بشكل أو بآخر، إضعاف وهج الكرة البرازيلية عالمياً.
وأيضاً، فإن فوز البرازيل على إسبانيا تحديداً في نهائي كأس القارات، سيمد منتخبها الفتيّ، الذي يبشر بالكثير في الفترة القادمة، بجرعة هائلة من المعنويات قبل المونديال، وسيعيد إليه الكثير من هيبته في عيون باقي المنتخبات الكبرى التي فشلت جميعها في وضع حد للهيمنة الإسبانية.




الفوز المسروق

ذكّرت صحيفة «ماركا» البرازيليين بأنّ فوزهم على إسبانيا في المباراة المذكورة في1986 لم يكن صحيحاً، حيث أبرزت صورة هدف ميتشيل الذي لم يحتسبه وقتها الحكم الأوسترالي كريستوفر بامبريدج.



قبل 27 عاماً

سيكون نهائي كأس القارات اللقاء الرسمي الأول بين البرازيل وإسبانيا منذ مباراتهما في دور المجموعات في مونديال 1986 في المكسيك عندما فاز «السيليساو» بهدف نظيف سجله النجم الراحل سقراطيس.




إيطاليا للتعويض

لم يعد أمام إيطاليا بعد خسارتها في نصف النهائي أمام إسبانيا سوى التعويض على حساب الأوروغواي عندما يلتقي المنتخبان في مباراة تحديد صاحب المركز الثالث الأحد (19,00 بتوقيت بيروت).