«انتصار المنتخب الوطني أدخل السعادة إلى قلوب الشعب، وتحديداً مشجعي كرة القدم. اتقدم بالشكر من الذين صنعوا هذا الفرح». جملة قالها المرشد الأعلى للثورة الاسلامية في ايران، الامام علي الخامنئي، عقب تأهل منتخب ايران الى نهائيات كأس العالم في البرازيل الصيف المقبل. كلمة الإمام الخامنئي مع المشاهد القادمة من شوارع طهران، القلب النابض لايران، للفرحة العارمة للآلاف بالانتصار، تختصر ما يمثله هذا التأهل من أهمية للامة الايرانية، وما تمثله كرة القدم للايرانيين.
في حقيقة الامر، لا يمكن القول الا ان ايران تشكل علامة فارقة في محيطها في ما يخص كرة القدم. التأهل الحالي الى المونديال وقبله في اعوام 1978 و1998 و2006 والفوز بكأس آسيا ثلاث مرات لا يعكسان وحدهما مدى قيمة كرة القدم لدى الايرانيين، فإليكم، على سبيل المثال هذا المشهد المعبر.
الزمان: 7 تشرين الاول عام 1983. المكان: طهران، ملعب «آزادي». المناسبة: «دربي» العاصمة الايرانية بين الاستقلال وبيروزي. سعة الملعب: 100 ألف متفرج. عدد الموجودين لحظة اطلاق صفارة البداية: 128 ألف مشجع.
مشهد يختصر شغف الايرانيين بكرة القدم. في ايران لكرة القدم نكهة أخرى ورونق آخر. رونق تعبّر عنه المدرجات على نحو دائم في ملعب «آزادي» كما في ذلك المشهد في 1983. رونق تعبر عنه مهارة اللاعبين الايرانيين. كان ذلك في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية الجديدة وصولاً الى الجيل الحالي، جيل مونديال 2014، جيل جواد نيكونام ومسعود شجاعي ورضا غوشانيجاد والبقية. ثمة في اللاعب الايراني ما هو مختلف، ما هو ساحر: لمسته للكرة، فنياته، مهارته، قوة عزيمته.
قلنا فنيات ومهارة. فلنعد الى الذاكرة القريبة. من يمكن أن ينسى خوداداد عزيزي وكريم باقري وعلي دائي وحميد استيلي ومهدي مهدافيكيا وصولاً الى الساحر علي كريمي؟ هؤلاء وغيرهم وصلت شهرتهم الى العالمية وارتدوا قمصان أشهر الاندية الأوروبية تاركين بصمة واضحة فيها.
قلنا قوة عزيمة. فلنعد الى الذاكرة القريبة. من يمكن أن يُمحى من ذاكرته يوم 28 كانون الثاني عام 1997 في ملبورن عندما قلبت ايران تأخرها أمام اوستراليا 0-2 اياباً في المباراة الفاصلة المؤهلة الى كأس العالم 1998 بعد أن تعادلا 1-1 في طهران، الى تعادل 2-2 حملها الى المونديال الفرنسي، هناك حيث أذاقت الولايات المتحدة مر الهزيمة في دور المجموعات في مباراة تاريخية. المدهش في الكرة الإيرانية هو الخليط فيها بين المهارة اللاتينية والقوة الذهنية والبدنية الأوروبية.
التاريخ كرر نفسه الى حد ما في تصفيات مونديال البرازيل حيث أثبت مرة جديدة اللاعب الايراني قوته التي لا يضاهيه فيها أحد، على الأقل في محيطه، عندما انتزع الفوز من قطر في قلب الدوحة ومن ثم من كوريا الجنوبية في اولسان في الجولة الأخيرة، ليحصل على إحدى بطاقتي التأهل وأكثر على صدارة المجموعة.
هذا هو بالتحديد ما يميز لاعب الكرة الايراني خصوصاً، والرياضي الإيراني الذي يشارك في المحافل العالمية عموماً. هذه هي كرة القدم الايرانية التي تعكس غالباً صورة الشعب الايراني وتصميمه ومثابرته التي لا تعرف حدوداً.
في إيران، حب الكرة مسألة فطرية، نعم. في إيران، الموهبة مسألة فطرية، نعم. لكن لا هذا ولا ذاك يصنعان وحدهما الانتصارات. في إيران، عزيمة كروية وتحد للذات قبل الخصم هما الفيصل والعلامة الفارقة.. هما اللذان يُحسب لهما، دائماً، ألف حساب.



قادمون إلى البرازيل

عمّت طهران والمدن الإيرانية فرحة عارمة احتفالاً بالتأهل الى المونديال بعد الغياب عن نسخة 2010 في جنوب أفريقيا، حيث احتشد الآلاف في الشوارع والساحات، رافعين أعلام إيران ولافتات الإشادة والتحية للمنتخب الوطني، ومن بينها «برازيل، نحن قادمون».