بسبعة أهداف نظيفة، صَدَم بايرن ميونيخ برشلونة الإسباني في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. نتيجة وحدها كافية لوصف بايرن ميونيخ بطل ألمانيا بالفريق غير العادي. فريق إذا ما نجح بالفوز في المباراة النهائية لمسابقة الكأس المحلية أمام شتوتغارت، وبالمباراة النهائية في دوري الأبطال أمام بوروسيا دورتموند، فهو سيكون أعظم من حقق ثلاثية، وذلك استناداً الى لغة الأرقام التي لا تكذب أبداً.
والحديث عن الأرقام والوقائع يأتي هنا للتوضيح بأن ما أقدم عليه بايرن ميونيخ حتى يومنا هذا لم يكن صدفة أو من خلال الحظ، إذ إن الفريق البافاري سار في ركب التطور منذ المباراة الأولى له على الصعيد المحلي، وتحديداً منذ خروجه متوّجاً بالكأس السوبر الألمانية على حساب بوروسيا دورتموند (2-1) في آب الماضي.
هذا الانتصار المذكور كان بمثابة مقدّمة تفيد بأن «هوليوود الكرة الألمانية» عائد لبسط سيطرته على «البوندسليغا»، إلا أن أحداً لم يتوقع أن يمتد بطشه الى أوروبا حيث شرع في ضرب خصومه بالنار على غرار ما فعل أمام أرسنال الإنكليزي، ثم يوفنتوس الإيطالي وأخيراً برشلونة.
إذاً، فارق النقاط الـ 20 الذي يفصل بايرن عن دورتموند في الدوري المحلي يعطي فكرة عن الحالة الاستثنائية لفريق المدرب يوب هاينكس، وهو بثلاثية سيكرّس نفسه أفضل بطل على كلّ الصعد في هذا المجال.
فإذا عدنا بالذاكرة، وتحديداً عام 1988، عندما ظفر بي أس في ايندهوفن الهولندي بثلاثيته، نجد أن الأخير تأهل بشق النفس الى نهائي الأبطال بفضل فارق الأهداف التي سجلها خارج أرضه في الدورين ربع النهائي ونصفه، كما أنصفته ركلات الترجيح في المباراة النهائية أمام بنفيكا البرتغالي.
وفي عام 1999، كان الحظ المطلق الى جانب مانشستر يونايتد محلياً وقارياً. فأوّل الألقاب في كأس إنكلترا احتاج فيها الى وقت إضافي لتخطي أرسنال في نصف النهائي، حيث أهدر الهولندي دينيس بيرغكامب ركلة جزاء كان يمكن أن تغيّر كل شيء. وفي نهائي الأبطال، يعلم الكل الطريقة الخرافية التي فاز بها على بايرن. أما الدوري فقد انتظر حتى المرحلة الأخيرة لحسمه وبرصيد متدنّ من النقاط (79 نقطة).
أما عام 2009، الذي شهد تتويج برشلونة بالثلاثية، فالكل يعرف أن الفريق الكاتالوني عَبَر الى النهائي بظلم الحكم النروجي طوم هينينغ أوفريبو بحق تشلسي الإنكليزي في نصف النهائي، وبهدف متأخر من أندريس إينييستا. وفي 2010 أخرج أنتر ميلانو الإيطالي برشلونة من نصف نهائي المسابقة الأوروبية بطريقة دفاعية معيبة، في الوقت الذي استفاد فيه من خلو الساحة المحلية بسبب عدم وجود ميلان ويوفنتوس في موقف المنافسين الحقيقيين على لقب «السكوديتو».
كذلك، تكثر الأمثلة على هذا الصعيد، فكل من حقق الثلاثية لم يكن يكتب التاريخ بالطريقة التي فعلها بايرن، فهو تنزّه في الدوري والكأس المحليين وشرع يضرب بالأربعة والستة، محققاً نتائج تشبه تلك الخاصة بكرة المضرب في الفترة الأخيرة. أما أوروبياً، ولو أنه عاش أزمة على أرضه أمام أرسنال الإنكليزي في إياب دور الـ 16، فإن السبب كان التراخي بعد الاستعراض ذهاباً في «ستاد الإمارات».
الواقع أن بايرن أنهى ليلة الأربعاء تاريخاً وعظمة خطّها برشلونة طوال الأعوام القريبة الماضية، وفتح صفحة خاصة في التاريخ الكروي مقدّماً فريقاً لا يجيد كتابة الانتصارات سوى عبر جهد لاعبيه وعرقهم بعيداً عن كل التأثيرات والظروف الأخرى التي خدمت مصلحة الأبطال السالفي الذكر ورفعتهم الى أعلى درجات المجد.