مدريد وبرشلونة أمام الامتحان المصيري. حالة من الطوارئ في حدودها القصوى تعيشها المدينتان بعد السقوط الكارثي في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. بات اليقين تاماً في مدريد وبرشلونة بأن العامل النفسي سيكون العنصر رقم واحد لتحقيق النجاح المنشود في الإياب الليلة وغداً. هذا العامل النفسي يأخذ منحيين: تحفيز لاعبي الفريقين ومدهم بالمعنويات قبل المباراة وأثناءها، والضغط على الخصم وإرباكه قبل المباراة وأثناءها. من هنا، فإن جميع الوسائل والوسائط تستخدم حالياً في المدينتين لتحقيق هذا الهدف. الأمور لا تتوقف عند أغلفة الصحف الصادرة في مدريد وكاتالونيا، بل تتخطى ذلك إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر وفايسبوك، وصولاً الى الرسائل على البريد الإلكتروني والمنشورات لخدمة هذه الغاية.
ويبدو واضحاً أن عنصري الملعب والجمهور سيكونان الركن الأساسي في هذا العامل النفسي. ولا يخفى هنا أن الإسبان استلهموا هذا الأمر من الألمان أنفسهم خلال مباراتي الذهاب. ففي «أليانز أرينا» كان المشهد مهيباً حيث رفعت اللافتات الحمراء والبيضاء في كل المدرجات، وقد برزت مشاركة رئيس بايرن ميونيخ، أولي هونيس، في هذه الخطوة. أما في «سيغنال إيدونا بارك» فكان المشهد مذهلاً من خلال اللون الأصفر الذي طغى على المدرجات، مترافقاً مع هدير جمهور بوروسيا دورتموند طيلة الـ 90 دقيقة.
غير أن نتيجتي الذهاب الكارثيتين استدعتا عملاً أكبر في مدريد وبرشلونة لتحفيز جمهوريهما، حتى إن اللاعبين شاركوا فيه أيضاً! «أنت قوتنا» بهاتين الكلمتين أطلق ريال مدريد حملته لتحفيز الجمهور، إذ بثّ شريط فيديو على وسائل الإعلام ومواقع «الإنترنت» يتوجّه فيه لاعبو الملكي الى الجمهور لمساندته في المباراة المرتقبة، هذا فضلاً عن رسائل اللاعبين عبر صفحاتهم في «تويتر» و«فايسبوك».
وأكثر من ذلك، فقد بعث ريال مدريد برسائل نصية لأنصاره يدعوهم فيها للحضور الى ملعب «سانتياغو برنابيو» وأن يكون «صوتهم واحداً»، كذلك فإن روابط لجمهور ريال مدريد وزعت منشورات في العاصمة الإسبانية لحشد أكبر عدد من جمهور الملكي للمباراة، طالبين من هؤلاء الحضور الى الملعب بالقميص الأبيض ووشاح ريال مدريد والتشجيع بحماسة طيلة 90 دقيقة.
فضلاً عن ذلك، فإن الصحف المدريدية أسهمت في تحفيز الجمهور واللاعبين عبر تذكير الخصم دورتموند بقوة الملكي في العودة باللقاءات، فعنونت صحيفة «ماركا» «قوتنا هي أنت» مع صورة لرونالدو وجمهور ريال مدريد، مشيرة الى أن «سي آر 7» يحفز الجميع على العودة بالنتيجة. أما موقع «ديفينسا سنترال» المدريدي فقد وضع صورة للاعبي الملكي، يتقدمهم رونالدو بأزياء المقاتلين مع شعار 3 ــ 0 (الذي يحتاجه ريال للتأهل).
في برشلونة، تبدو الأمور مشابهة وإن بدرجة أقل من مدريد وذلك نظراً إلى تضاؤل حظوظ النادي الكاتالوني مقارنة بالملكي. غير أنه فضلاً عن تذكير صحيفة «سبورت» بقوة وأرقام ليونيل ميسي أمام الفرق الألمانية معنونة «نعم نستطيع» و«مع ميسي كل شيء ممكن»، فإن الاعتماد على جمهور «كامب نو» وأجواء الحماسة الضاغطة على الخصم يبدو رهان البرشلونيين الأول. من هنا، فإن لوحة مدهشة سيرسمها الجمهور الكاتالوني في المدرجات عند انطلاق المباراة أمام بايرن ميونيخ لتشكل عاملاً محفزاً لعزيمة ميسي ورفاقه ومؤثراً على معنويات فرانك ريبيري ورفاقه.
إذاً، أمام حجم قوة الألمان، لم يجد الإسبان سوى اللجوء الى العامل النفسي علّهم يحدثون الفارق، والمشهد يبدو واضحاً: إنها ورقتنا الأخيرة والوحيدة بعدما أفقدَنا الألمان كل شيء.