تنشغل الصحافة الاسبانية وتحديداً المدريدية حالياً بالحديث عن مستقبل الحارس إيكر كاسياس، وهي ذهبت بعيداً الى حد قولها ان كابتن منتخب اسبانيا يفكّر بالاعتزال بعدما تعافى من الإصابة التى أدت الى كسر في يده، وذلك بسبب بقائه على دكة البدلاء في الفريق الملكي. وتأتي الصحافة الاسبانية وخصوصاً الكاتالونية لتؤجج النار المشتعلة في غرف ملابس الريال عند كل كلام يقوله المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بشأن فريقه ولاعبيه، وعلى رأسهم كاسياس. وفي تصريح له عقب المباراة أمام ريال سرقسطة الاسبوع الماضي، قال مورينيو: «لا أعتقد أن مهمة كاسياس ستكون سهلة بالعودة كحارس أساسي للفريق في ظل تألق دييغو لوبيز وما يفعله في حماية المرمى».
ومما لا شك فيه أن «القديس» أحد أعمدة فريق ريال مدريد التاريخية لم يكن يمرّ بأفضل حالاته هذا الموسم منذ استلامه حملة الدفاع عن مرمى النادي الملكي كأساسي عام 2002. إلا أن مورينيو لا يرى في أي لاعب بمثابة أسطورة ورمز. الرمز بالنسبة اليه هو النادي. من يقدّم الأفضل لهذا النادي يكن في التشكيلة الأساسية. لا يعنيه ان كان اللاعب إسبانياً أو برتغالياً أو أياً كانت جنسيته، المهم أن يقدّم أداءً ممتازاً على أرض الملعب. ومورينيو عمل على تطبيق المبدأ الاقتصادي الذي يقول ما أن تنخفض القدرة التنافسية في السوق حتى تنخفض الجودة، والعكس صحيح. كل لاعب أساسي في الفريق عرف أن مركزه مهدد، من لاعبي الدفاع الى الوسط، فالهجوم. اما مركز حراسة المرمى فلم يكن يوماً ومنذ مجيء مورينيو محط تنافس، الى أن جاء لوبيز.
إبقاء كاسياس على دكة البدلاء قبل تعرضه للإصابة كان قراراً صعباً على مورينيو، ولا شك في أنه كان على علم بأنه سيواجه حرباً شرسة مع صحف مدريد خاصة وإسبانيا بشكل عام في حال اقدم على هذه الفعلة. مورينيو اختار ركن كاسياس على مقاعد الاحتياط في إحدى مفاجآت هذا الموسم الكبرى قبل تعرضه للإصابة وإشراك الحارس البديل أنطونيو أدان الذي لم يكن ولو للحظة منافساً قوياً لكاسياس على المركز الرئيسي. ثم ما لبث ان عاد الى مركزه الرئيسي حتى تعرض لإصابة أبعدته لمدة 3 أشهر تقريباً، ما استدعى إدارة الملكي إلى انتداب دييغو لوبيز.
وفي هذا السياق، اسهبت الصحافة المدريدية في نشر أخبار عن أحزاب وانشقاقات إسبانية وبرتغالية ومشاكل داخل غرف الملابس. واعتبر كثيرون أن كاسياس يعيش أزمة مع مورينيو وهو على علاقة قوية بزملائه لاعبي برشلونة فاستغلت الصحافة الكاتالونية هذا الحدث وقامت باستفتاء شعبي كاتالوني كبير حول انضمام كاسياس إلى برشلونة فكانت معظم النتائج تقول نعم. وهنا حاول الجميع الاصطياد في الماء العكر لتدمير ريال مدريد، فكل هذه الحملة الإعلامية كانت قبل أسبوع وُصِف بأسبوع الحسم، مباراتان مع برشلونة وأخرى مع مانشستر يونايتد. وقتذاك. وقبلها أيضاً، بدأت الصحافة بمهاجمة مورينيو بذريعة كاسياس، وذكرت أن الاخير ومواطنه سيرجيو راموس يقودان حرباً ضد المدرب لاخراجه من النادي، ما دفع اللاعبين الى اصدار بيانٍ مشترك نفيا فيه صحة الأخبار المتداولة. وتبيّن لاحقاً ان ما حصل لم يكن سوى من نسج الخيال بسبب اللحمة الموجودة في الفريق والتي تتجلى في الأداء داخل الملعب. وحتى في أسبوع «الحسم» سافر كاسياس مع الفريق ليقدّم دعمه له، وظهر مع مورينيو في المؤتمر الصحافي ليؤكد أن لا وجود للخلافات بينهما.
أما الآن، وبعد عودة كاسياس من الإصابة، جاءت الصحافة في محاولة جديدة لخربطة الامور مجدداً.
كيف يغيب أسطورة النادي عن المبارات المهمة؟ وكيف لا يعود الى المركز الأساسي؟
هذا هو السؤال الذي تطرحه يومياً واعادت الى الذاكرة ما حصل في موسم 2006-2007 عند مجيء المدرب الإيطالي فابيو كابيللو لتدريب «الميرينغيز». وقتذاك كان «الغالاكتيكوس» بقيادة أسطورة الهجوم راوول غونزاليس. وهذا النجم كان أساسياً في ريال مدريد، لكن مستواه تراجع في آخر 3 مواسم له مع الفريق وافتقد ما كان قادراً على تقديمه سابقاً، إلا أنه ظل أساسياً لأنه رمز مدريد ولم يجرؤ أحد على تغييره، حتى جاء كابيللو صاحب الشخصية القوية وأجلسه جانباً.
اليوم التاريخ يعيد نفسه مع كاسياس ومورينيو، اذ مع قدوم الأخير الى النادي الابيض بات كل اللاعبين ومنهم كاسياس بأمرته. كاسياس أمام تحدٍّ جديد ليثبت مكانته أمام لوبيز الذي برهن أنه من طينة الكبار من خلال ادائه الرائع الذي أنقذ مرمى ريال مراراً وتكراراً. إذاً لا معنى للرمزية من دون جهد وعطاء، اذ ان كاسياس إذا أراد العودة لمكانه عليه أن يعود الى مستواه الذي عرفه المدريديون، وعندها، لن يقف أحد في وجهه.