للأرجنتين ليونيل ميسي، للبرتغال كريستيانو رونالدو، للبرازيل نيمار، لألمانيا مسعود أوزيل، لإسبانيا أندريس إينييستا، وللبنان رضا عنتر.
طبعاً لا يأتي هذا الكلام في سياق مقاربة بين كرة القدم اللبنانية ونظيرتها العالمية، بل انه مجرد تصوير للايضاح بأن لكل منتخبٍ عالمي رمزاً يختصر بلاعبٍ واحد دون سواه. وفي لبنان كان هذا الرمز هو عنتر، الذي لا يوازيه اي لاعبٍ لبناني في المسيرة التي شقّ فيها طريقه الى العالمية وبات اسماً معروفاً في الخارج كما في الداخل.
رضا قال كلمته ومشى في طريق الاعتزال وبقي بعيداً عن كل المستفسرين عن سبب هذا القرار المفاجئ، الا قلّة من المقرّبين، الذين أشار اليهم بنفس الكلام بأنه بكل بساطة متعب. الكابتن الملهم اختار كلماته عند الحديث معه، فيوضح: «أنا متعب بدنياً وذهنياً ومجهد من كثرة السفر». ويضيف: «طاقتي تلعب دوراً كبيراً في كل مباراة ألعبها في المركز الذي أشغله، والسفر لمسافات طويلة هو أمر يؤثر في أي إنسان». ويختم: «لا تسنح لي الفرصة لأمضي بعض الوقت مع ابني، وهو يحتاج الى هذا الامر».
طبعاً، خرج كثيرون ليخوّنوا عنتر، معتبرين أنه يتخلى عن المنتخب في وقتٍ حسّاس، بينما اعتبر البعض أنه أدى قسطه للعلى، وبالتالي يحق له اتخاذ قرارٍ مماثل.
لكن في ظل هذا التجاذب، فإن الأكيد أن قرار عنتر لم يكن وليد الصدفة، وهو نتيجة أسبابٍ متراكمة يأتي في قاع لائحتها مسألة التعب الذي اشار اليه.
الواقع أن من تابع مباراة لبنان وتايلاند الاسبوع الماضي لم يكن يتخيّل أن عنتر سيخرج بقرار الاعتزال هذا، فهو بدا مستمتعاً بلعب دور القائد مجدداً، وكان أول الراكضين باتجاه حسن شعيتو لتهنئته بهدفيه، علماً بأنه كان أحد الملهمين في قرار المدرب الالماني ثيو بوكير اعتماد «موني» في مركزٍ متقدّم في الهجوم.
اذاً ما هي الاسباب الاخرى التي أفقدت المنتخب قائده؟
قلّة من المتابعين عن كثب تدرك ان قرار الاعتزال راود عنتر قبل 3 أشهر تقريباً، وقد أخبر بوكير نيّته بهذا الخصوص، وخصوصاً بعدما صُدم بمسألة تلاعب البعض بنتائج المباريات لمصلحة مكاتب المراهنات. الا أن الالماني أقنعه بالاستمرار، واعداً بالتعاون معه في ما خصّ المرحلة المقبلة، وقد بدا هذا الامر جليّاً عندما استُبدل عنتر امام تايلاند بعد اتفاقٍ مع بوكير قبل اللقاء لانه كان يعاني مسبقاً من التعب والاصابة.
وفي هذا السياق لا يمكن استبعاد مسألة ان الكلام المتكرر عن إقالة مرتقبة لبوكير، قد أثّر في نفس عنتر الذي قرأ المرحلة المقبلة ولم تعجبه صورتها على الاطلاق، وخصوصاً ان الكل يعلم أن ارتباطه ببوكير وثيق جداً، وقد كان الاخير بمثابة «عرّاب» له في مسيرته في الملاعب الالمانية. أضف أن وصول بوكير الى القيادة الفنية جدّد ارتباط عنتر بالمنتخب بعدما كان محبطاً في فترة ما أيام المدرب السابق اميل رستم حيث أخفي في إحدى المرات جواز سفره لكي لا يشارك في مستهل التصفيات المونديالية امام بنغلادش، الامر الذي أثار امتعاضه بشكلٍ كبير.
رأيٌ آخر يبرز في ما خصّ قراءة عنتر للمرحلة المقبلة، لكنها قراءة ساقطة فنياً، لان الرأي القائل بأن الكابتن السابق هرب بسبب شعوره بالحرج من وجود عدنان حيدر والعودة اللافتة لعباس عطوي «أونيكا»، قد لا يبدو دقيقاً، ولو انه تمّ تصوير الاول بديلاً يملأ الفراغ الذي خلّفه عنتر في خط الوسط عبر وراثته سريعاً القميص الرقم 20 في المباراة أمام أوزبكستان.
كثر هم اللاعبون الجيدون في المنتخب اللبناني، لكن اعتزال عنتر خسارة سيصعب تعويضها على بوكير أو خليفته. وللمشككين، يمكن مراجعة كل المباريات التي غاب عنها الكابتن وصولاً الى اللقاء الاخير في طشقند.