سواء هز الشباك او صام عن التهديف، فإن المهاجم الايطالي ماريو بالوتيللي صار احد النجوم الاساسيين الذين تتحدث عنهم الصحافة العالمية والرأي العام الكروي بكثرة، لكن قد يكون بالوتيللي الوحيد بين هؤلاء النجوم الذين تثير اخبارهم جواً من المرح، وخصوصاً عند اطلاقه تعليقات مثيرة للجدل. كذلك، قد يكون هذا المهاجم الاسمر الوحيد الذي تفوق الانباء السلبية عنه نظيرتها الايجابية، ولهذا السبب توقّع كثيرون ألا يطول عمره في الملاعب، فهو في فترة قصيرة جداً من مسيرته اثار جلبة واسعة، وكاد يقضي على سيره في درب النجومية والتطور مرات عدة، بدايةً عندما كان لاعباً في صفوف إنتر ميلانو، ولاحقاً عندما انتقل الى مانشستر سيتي الانكليزي. وطبعاً لا ضرورة للحديث عن شخصية بالوتيللي، او لسرد بعض من تصرفاته على ارض الملعب او خارجه، لكن ما يمكن قوله إن مسألة تحليق «سوبر ماريو» في عالم النجومية ترتكز على عامل اساسي، وهو نفسي قبل كل شيء آخر. وهذا الامر تعامل معه ميلان على النحو المطلوب بالنسبة الى لاعب من هذا النوع، اذ إنه ضمن لبالوتيللي حرية شخصية الى ابعد الحدود قبل وصوله لارتداء قميص «الروسونيري»، فأطلقه حرّاً في الملعب وخارجه. ويدرك المتابعون عن كثب أن مدرب ميلان ماسيميليانو أليغري لا يكلّف مهاجمه «الثوري» كثيراً من المهمات الاستراتيجية على ارض الملعب، وذلك بعكس ما كان يحصل معه في مانشستر سيتي، حيث كان مواطنه روبرتو مانشيني مصرّاً على ان يقوم بالوتيللي بدور دفاعي ما، عبر الضغط على حامل الكرة في منطقة التهيئة الخاصة بالخصم، او الانتقال في بعض الاحيان الى منتصف الملعب والمشاركة في الصراعات البدنية في محاولة منه لاستخلاص الكرة. وطبعاً فإن النقطة الاخيرة تسبّبت في طرد «سوبر ماريو» مرات عدة بسبب عدم تمكنه من السيطرة على نفسه، بل إن اعصابه كانت لا تحمله في حالات كثيرة، فاعتدى على خصومه. اما النقطة التي سبقتها، فهي لا ترتبط بأي شكل من الاشكال بأسلوب لعب نجمنا المذكور، الذي لا يهوى الركض كثيراً، بل إنه يفضّل ان يلعب دور الانتهازي عندما لا تكون الكرة في حوزته، لذا فإننا رأينا ان بعض الاهداف التي سجلها أخيراً جاءت من كرات مرتدة اليه، حيث عاجلها بتسديدة قوية في الشباك.
اذاً في ميلان أعطوا بالوتيللي الحرية وأطلقوا يديه، والدلائل على هذه المقولة كثيرة جداً، إذ إن ثقة استثنائية منحت للاعب على نحو لم يعرفه سابقاً عندما لعب لفريقيه السابقين، فمدربه اليغري لا يمانع ابداً وقوف هذا الشاب المتهوّر لتسديد ركلات الجزاء، وهي مسألة لم يكن ليحبذها العديد من المدربين الذين يختارون عادة اكثر اللاعبين هدوءاً وتركيزاً لتنفيذ هذه المهمة. كذلك، تذهب الثقة ببالوتيللي الى ابعد من هذه النقطة، فهو الآن يقوم بتسديد الركلات الحرة ايضاً، رغم انه لم يُعرَف عنه تخصّصه في هذا المجال.
المعادلة بسيطة في ميلان، اذ إن النادي اللومباردي يريد نجماً ايطالياً لفريقه، ولم يجد في سوق الانتقالات سوى بالوتيللي لمنحه الفرصة لتحقيق ما فشل في اصابته مشاغبون سابقون ارتدوا الالوان السوداء والحمراء، وآخرهم انطونيو كاسانو، الذي سجّل في بدايته انطلاقة افضل من بالوتيللي، لكنّ فرض القوانين عليه كبّله بعض الشيء، وقلّص من عطاءاته، وهو امر قد ينجو منه بالوتيللي ويصبح النجم الكبير لايطاليا إذا واصل العيش في فسحة الحرية التي أوجدها له ميلان.