«القدم الذهبية» باتت في الأسواق. القدم اليسرى الذهبية لليونيل ميسي بكامل تفاصيلها (بعد الحصول على قالب قدم اللاعب) أصبحت في متناول الجميع. أصابها اليابانيون. لم يسبقهم إلى هذا الابتكار أحد. وجدوا المعادلة سريعاً، وبوضوح تام: الذهب للذهب (ميسي).
هكذا، أراد اليابانيون أن يعبّروا عن حبهم لميسي بطريقتهم. أرادوها طريقة مبتكرة، ساحرة، أخّاذة. غير أن الحصول على هذه التحفة الذهبية لن يكون يسيراً؛ إذ إن ثمنها هو فقط 4 ملايين يورو! ما المانع إذاً من القبلة.

القبلة غير مكلفة، وهي أكثر تعبيراً. هذا ما فعله بالضبط شاب سويدي خلال المباراة الودية التي جمعت منتخب بلاده والأرجنتين قبل شهر تحديداً، حيث اقتحم أرض الملعب حتى يطبع قبلة على رأس ميسي. قبلة هذا الشاب اختصرت حب العالم بأسره لهذا النجم الذي بات أكثر من مجرد نجم. ميسي بات جزءاً من يوميات كثيرين. هؤلاء الذين لا يغمض لهم جفن إلا إذا تابعوا آخر تفاصيل حياة هذا الشاب الأرجنتيني. إلا إذا اطمأنوا إلى أيقونتهم. نعم، سلامة ميسي خط أحمر بالنسبة إلى كثيرين. الأمر لا يتوقف على مدينتي برشلونة التي يعيش فيها، ولا على روزاريو التي ولد فيها. ميسي في كل مكان وداخل كل قلب. خذوا مثلاً ما حصل قبل نحو شهرين، وتحديداً في مباراة برشلونة وبنفيكا البرتغالي في دوري أبطال أوروبا.
وقتها خرج ميسي على حمالة من الملعب بعد تعرضه لإصابة. قلوب كثيرة خفقت ودعوات كثيرة أطلقت متضرعة أن يكون «ليو» بخير. كان بالإمكان، دون مبالغة، أن يصيب الكرة الأرضية ما يمكن تشبيهه بالزلزال لو صدقت كلمة ميسي التي قالها بعد المباراة: «خلت أن هذه التسديدة (قبل تعرضه للإصابة) كانت الأخيرة في مسيرتي». تنفس العالم الصعداء عند ثبوت أن الإصابة عرضية. انفرجت أسارير كثيرين وابتسمت وجوه آخرين بعد أن اطمأنوا إلى سلامة أيقونتهم.
في الواقع، لا يمكن تعداد المواقف التي تعبر عن محبة العالم لميسي لكثرتها. فمنذ أفول نجم مواطنه «الأسطورة» دييغو أرماندو مارادونا، لم يمر نجم حظي بعشق محبي «الساحرة المستديرة» كميسي. عشق وصل إلى حدّ الجنون والهستيريا بـ«ليو»؛ إذ لا يمكن حصر المرات التي اقتحم فيها مشجعون أرض الملعب لإلقاء التحية على «البرغوث»؛ فبعد الشاب السويدي اقتحم فتى إسباني أرض الملعب خلال مباراة برشلونة وغرناطة في «الليغا» ليحتضن ميسي.
أما قبله، فإن شاباً ألمانياً دخل الى أرض الملعب في فرانكفورت خلال مباراة ألمانيا والأرجنتين الودية ليقدم باقة زهر لـ«ليو». فرانكفورت الألمانية لا تقل محبة لميسي عن مالمو السويدية اذاً. ورود هنا وقبلات هناك. أما في كالكوتا الهندية، فالقصة مختلفة. هناك، استُقبل ميسي استقبال الفاتحين لدى زيارته هذه البلاد لخوض مباراة ودية أمام فنزويلا على ملعب «سولت لايك». الصرخات أُطلقت والدموع انهمرت من 100 ألف متفرج لحظة دخول «ليو» الى أرض الملعب. كادت المدرجات تنفجر كرمى لعيني هذا الأرجنتيني.
في الرياض، لم تكن الصورة أقل جنوناً من كالكوتا. هناك، ولحظة أن داست قدما ميسي أرض المطار، ساد هرج ومرج لدى استقباله. صورة ذلك الشرطي الذي كان يحمي «ليو» من معجبيه لا تزال حاضرة في الأذهان. من فرط توتره نسي أن فوّهة بندقيته أصبحت في وجه ميسي. صورة انتشرت في صحف العالم بأسره. «ماذا فعلت؟ كدت تقتله»، قالها كثيرون للشرطي السعودي.
تهكم إذاً على هذا السعودي، لكن الرضى كان كبيراً على ذلك المشجع الأرجنتيني. ففي بوينس أيرس، وخلال المباراة التي جمعت الأرجنتين والباراغواي، رفع مشجع لافتة طريفة موجهة لميسي كتب عليها: «ميسي أنت تسعدني أكثر من زوجتي».
الجنون بميسي لا ينحصر فقط بالمتفرجين؛ إذ إن اللاعبين أيضاً مهووسون بلاعب برشلونة. هذا ما كانت عليه الحال بعد نهاية مباراة الأرجنتين وكوستاريكا في تصفيات المونديال؛ اذ احتشد اللاعبون الكوستاريكيون حول «ليو» لإلقاء التحية عليه وأخذ توقيعه.
ميسي لم يخيّب ظن هؤلاء. ابتسم لهم وردّ عليهم التحية. ميسي لا يقصّر في هذا الجانب، حتى لو طلب منه احد الحكام صورة تذكارية. تخيلوا أن حكماً أراد ان يؤرخ للحظة وجوده على أرض الملعب مع ميسي. نعم، هذا ما حصل بالضبط خلال مباراة الأرجنتين وتشيلي، حيث طلب الحكم الباراغواياني نيكولاس يغروس من ميسي أن يلتقط صورة تذكارية إلى جانبه، وهذا ما كان له.
في الولايات المتحدة لا شعبية كبيرة لكرة القدم، لكن هذا الأمر لم يمنع من أن يصبح اسم ميسي على شفاه الأميركيين، بمن فيهم رئيسهم باراك أوباما. نعم، أوباما تحدث في البيت الأبيض عن ميسي خلال استقباله فريق لوس أنجلس غالاكسي، حيث قال: «الفريق (غالاكسي) أهداني قميصه رقم 10 وعليه اسمي، فهل سأتألق مثل ميسي؟ اتمنى ذلك». المفارقة هنا أن كلام اوباما كان على مسمع النجم الإنكليزي ديفيد بيكام الذي دخل القلوب في بلاد «العم سام» عندما لعب في النادي المذكور.
الجنون بميسي لا يتوقف فقط عند كل ما سبق، حيث وصل الأمر إلى أن يصبح النجم الأرجنتيني مادة للبحث العلمي؛ إذ إن باحثين في جامعة برونيل الانكليزية أجروا دراسة على مهاراة ميسي، توصلوا فيها إلى أن دماغ «ليو» هو السبب في ذلك.
غير أن الهولنديين قرروا الانطلاق من حيث وصل إليه الإنكليز، إذ إن الطبيب بيتر ميديندروب في جامعة رادبود نيميغن عرض أن يجري دراسة على دماغ ميسي!
الأمور وصلت إلى حدود اللامعقول إذاً، أو فلنقل تخطت اللامعقول. نعم، فهل يمكن وضع حادثة إلقاء القبض على أحد تجار المخدرات في كولومبيا، الذي قام بتمويه عملية التهريب من خلال حقيبة بإلصاق صورة ميسي عليها، في غير هذا الإطار؟ هذا هو، بالضبط، «جنون ميسي» بالـ«جرم المشهود».