في ليلة وضحاها اصبح «البعبع» حملاً وديعاً، واصبحت منطقته مشاعاً للمهاجمين من اجل القيام باستعراضاتٍ خاصة. برشلونة الفريق الذي كان يدوّخ منافسيه انتكس فجأة، فلم تعد الخسارة امام ميلان الايطالي (0-2) في ذهاب دور الـ 16 لمسابقة دوري ابطال اوروبا لكرة القدم، مجرد صدفة، اذ جاءت الهزيمة المريرة على ملعبه امام ريال مدريد (1-3) في اياب نصف نهائي كأس اسبانيا لتقطع الشك باليقين وتؤكد ان حالة طوارئ لا بد ان تعلن في «كامب نو» لان الامور ليست على ما يرام.
لكن هل هي مسؤولية المدرب أم مسؤولية اللاعبين أم ان الخصوم اصبحوا اكثر دراية؟
الحقيقة كل هذه العناوين الثلاثة المشتركة يفترض ان ينظر اليها «البرسا» عشية مواجهته المرتقبة مع ريال مدريد على ملعب «سانتياغو برنابيو» بعد ظهر غدٍ ضمن الدوري الاسباني.
البداية يمكن ان تكون من عند المدرب المؤقت جوردي رورا، الذي لا يمكن القول انه يتحمّل كامل المسؤولية في ما حصل بل جزءاً منها، فالامر الواضح ان الفريق الكاتالوني لا يملك خطة «ب» في الوقت الحالي بل انه يؤدي بطريقة كلاسيكية جعلته مكشوفاً امام الخصوم. ببساطة، عند مواجهة رورا لأي مدربٍ تكتيكي على مستوى عالٍ سيسقط في الامتحان، اذ ان طريقة لعب برشلونة اصبحت مقرؤة تماماً، ويمكن اخذ الكثير من الامور المشتركة من انتصارَي ميلان وريال مدريد للتأكيد على ان الفريقين ضربا متصدر «الليغا» بنفس الطريقة.
التعليمات كانت واضحة من مدربَي ميلان ماسيميليانو أليغري وريال مدريد البرتغالي جوزيه مورينيو، وهي وضع حدٍّ لاستعراض الـ «تيكي تاكا» الذي اشتهر به برشلونة او اجبار الفريق الشهير بتمريراته المتواصلة ان يكون اكثر بطئاً.
وهنا كان العمل على الالتحامات البدنية والضغط على حامل الكرة في منطقة خط الوسط، وهي المسألة التي شلّت تماماً الثنائي المحرّك شافي هرنانديز واندريس إينييستا. وبالفعل تأخر رورا كثيراً للشعور بهذه اللسعة، ولو انه وجد الترياق المناسب لها وهي عبر الدفع بتياغو ألكانتارا الذي يعدّ من اللاعبين الذين يجيدون تسريع وتيرة اللعب في خط الوسط، وقد بدّل بالفعل من صورة «البرسا» رغم لعبه اقل من ربع ساعة امام الريال. حلٌّ آخر وجده رورا لكن متأخراً، ويرتبط بالناحية الهجومية ايضاً، وتحديداً في ما خصّ عزل النجم الارجنتيني ليونيل ميسي من قبل مدافعي ميلان وريال مدريد. وهنا يمكن لحظ ان وجود ميسي في مركز المهاجم الوحيد قد يكون قاضياً على «البرغوث»، فهو يحتاج الى المؤازرة في العمق، ما دفع رورا الى اشراك دافيد فيا، وكذلك المؤازرة على الاجنحة لتخفيف الضغط على ميسي فأدخل كريستيان تييو، لكن بعد فوات الآوان.
واذا كان رورا يتحمل جزءاً من الاخطاء التنظيمية في الهجوم، فان مدافعي «البرسا» يتحملون جزءاً آخر من المسؤولية في ما آلت اليه الامور اخيراً، اذ اصبح من السهل الوصول الى الشباك الكاتالونية عبر الهجمات المرتدة التي كانت في اساس فوز ميلان وريال مدريد. وهذا الامر مردّه الى نظرية اصبحت واقعاً وتقول بأنه لا يمكن ان يكون هناك توازناً هجومياً ودفاعياً في ظل وجود الظهيرين الايمن البرازيلي داني ألفيش، والايسر جوردي
ألبا.
وهنا التصويب على ان الثنائي المذكور يهوى الانطلاق الى الامام تاركاً مساحات فارغة في الخلف، ومع بطء قلبَي الدفاع كارليس بويول وجيرارد بيكيه اصبح من السهل ضرب «البرسا» عبر المرتدات، اذ ان الاخيرين فقدا شيئاً من السرعة الضرورية للركض نحو الرواق واغلاقه عند ارتداد الفريق الخصم، وقد برع في هذه المسألة الارجنتيني خافيير ماسكيرانو عندما غطى غيابهما للاصابة في بداية الموسم الحالي. وهنا تبدو الحاجة ماسّة الى الفرنسي إيريك أبيدال الذي كان يعوّض ترك ألفيش لمركزه عبر تحوّله قلباً للدفاع مقابل ذهاب بويول او بيكيه للقيام بعملية التغطية على الجهة اليمنى ما يبقي على التوازن الضروري في العملية الدفاعية.
وبطبيعة الحال فان «البرسا» اصبح هشّاً في الخلف، وهو عليه النظر بتمعّن الى هذه المسألة في عملية بنائه لفريقه الجديد للموسم المقبل، حيث ان استقدام حارسٍ جديد وقلب دفاع شاب ومهاجم خلاّق سيكون امراً مفصلياً لاعادة انعاش فريقٍ قادرٍ على العودة الى التسلّي بخصومه كما دأب على فعلها في المواسم القريبة الماضية.
لكن ورغم كل هذا السرد لا يمكن القول ان الامور هي باسوأ حالاتها بالنسبة الى برشلونة، اذ انه يحضر الى العاصمة الاسبانية «والليغا» في جيبته تقريباً، فرغم النشوة المدريدية بالنصر الاخير لا يمكن تجاهل ان «البلاوغرانا» كان رائعاً حتى الاسابيع الاخيرة والدليل تركه الفريق الملكي متخلفاً عنه بفارق كبير يبلغ 16 نقطة.




استفزاز مدريدي مرتقب

يبدو أن ريال مدريد يريد الاستمتاع بأكبر قدرٍ ممكن بتفوّقه على برشلونة في كأس إسبانيا، إذ ذكرت تقارير صحافية أن النادي الملكي تقدّم بطلبٍ للاتحاد الإسباني لإقامة المباراة النهائية على ملعب «كامب نو»، في خطوة تعدّ استفزازية لأن المدريديين يرصدون الاحتفال على أرض ملعب غريمهم عندما يواجهون أتلتيكو مدريد في 18 أيار المقبل.