يمر منتخب لبنان لكرة القدم حالياً في فترة من التوتر مع وجود أجواء ملبدة بين بعض اللاعبين من جهة، وبين لاعبين والمدرب ثيو بوكير من جهة أخرى. ولا تحتاج هذه الأجواء الى منجم أو محلل كي يلاحظها في التمرين. فهي ظاهرة بين بعض اللاعبين على خلفية موضوع التلاعب الذي يتوجب إيجاد حل سريع له عبر إصدار العقوبات حتى يتم تنفيس الأجواء المحتقنة. والكلام ليس مبالغاً فيه حول أهمية هذا الموضوع وهو لا يشكل نسبة ضئيلة من أسباب تراجع المنتخب اللبناني. والحديث هنا ليس بهدف الدفاع عن المدرب ثيو بوكير الذي يتحمل جزءاً من المسؤولية، بل بهدف وضع الإصبع على الجرح وتبيان مدى سلبية موضوع التلاعب على أجواء المنتخب. فالصورة أشبه بالانقسام السياسي بين 8 و14 آذار، ولكن ضمن معادلة «متلاعب أو مش متلاعب».
مشكلة أخرى تظهر بوضوح تتعلّق بالعلاقة بين بوكير وبعض اللاعبين وتحديداً هيثم فاعور وأحمد زريق وعلي السعدي. والغريب أن المعلومات الواردة من الطرفين تؤكّد على عدم وجود أي أمر شخصي. فمن جانب بوكير فهو يرفض مقولة أن علاقته متوترة بهؤلاء اللاعبين، لكن لديه بعض الملاحظات على سلوكيات أحدهم خارج الملعب.
وضمن السياق عينه، فإن اللاعبين أحمد زريق وهيثم فاعور يؤكدان حرصهما على العلاقة الجيدة مع بوكير الى درجة أن اللاعبين يصران على فضل بوكير الكبير عليهما. ففاعور يعتبر أن أحداً لم يكن يسمع به قبل قدوم بوكير وأن ما وصل اليه يعود الى ما ساعده عليه بوكير. وحول ما قيل عن ادعائه الإصابة فإن مقربين من فاعور يؤكدون أنه لم يتغيّب عن التمارين إلا بالتنسيق مع طبيب الفريق جوني ابراهيم. لكن يقول المقربون أن فاعور عاتب على طريقة تعاطي بوكير معه وهي التي دفعته الى التفكير بعدم اللعب، والذي جاء بعد تصرفات قام بها بوكير وليسش قبل ذلك. لكن فاعور نفسه يشدد على احترامه لبوكير ورغبته بأن تعود الأمور الى ما كانت عليه سابقاً، خصوصاً أنه أبلغ المدرب المساعد بيتر مانديرتسما بأنه قد يكون أخطأ في السابق لكنها صفحة وطواها ويريد العودة الى الالتزام بالنظام.
ويرفض فاعور ما يقال عن أن طريقة تعامل بوكير معه مردها الى وجود مشكلة بين فاعور وقائد المنتخب رضا عنتر حصلت سابقاً، وأن عنتر هو من طلب استبعاد فاعور. فالأخير يؤكّد على حسن العلاقة مع قائد المنتخب «فنحن كالأخوة وكل هذا الكلام غير صحيح وبامكانك سؤال عنتر وهو سيؤكّد ذلك».
وكذلك الأمر بالنسبة لزريق الذي يشدد على أن بوكير يشكل له قيمة كبيرة وهو يسعى مع فاعور ليجلسا مع بوكير في اجتماع تصفية قلوب كونهما غير راضيين عن الحال التي وصلت اليه العلاقة بين اللاعبين وبوكير. فزريق يؤكّد أنه لا يتخاذل مع منتخب لبنان وهو لم يغب عن أي تمرين في قطر، وهو أمر أكّده الطبيب ابراهيم، بل يريد أن تعود الأمور الى سابق عهدها.
إذا المسألة تحتاج الى من يجمع الطرفين ومعالجة الوضع القائم والذي يؤثّر أيضاً على أجواء المنتخب، وهنا يأتي دور اللجنة العليا للاتحاد التي من المفترض أن تجلس مع بوكير لمناقشة أمور عدة، ما دامت لجنة المنتخبات جرى حلها سابقاً، وبالتالي أصبحت المسؤولية ملقاة على عاتق اللجنة العليا. والاجتماع مع بوكير لا يتوقف على مشكلة زريق وفاعور والسعدي، بل يتخطاها الى مجمل عمل المرحلة المقبلة طالما أن الاتحاد لم يقيل بوكير وبالتالي هو من سيقود المنتخب في لقاء تايلاند الهام ضمن تصفيات كأس آسيا في 22 آذار. فهناك ملاحظات من قبل أطراف عدة على قرارات بوكير وبالتالي لا يمكن أن تترك الأمور دون مناقشة ومساءلة. وكان من المفترض أن يجتمع بوكير مع الاتحاد أمس حيث حضر عند الساعة الرابعة عصراً، ليفاجأ بعدم وجود اجتماع فلم يكن أمامه سوى المغادرة، ليتأجّل الاجتماع علماً أن الاتحاد وبوكير لم يجتمعا منذ ما قبل لقاء إيران في 6 شباط الماضي.
وهذا أمر يسجّل على اتحاد اللعبة الحريص على ما جرى تحقيقه على صعيد منتخب لبنان وانجازه الكبير، وبالتالي فهو مطالب بالتدخل لتصويب أي خطأ يحصل، وعدم الاكتفاء بالتلويح بالتغيير والذي قد يكون مطلوباً للمنتخب. ولكن حتى ذلك الوقت لا يمكن أن يعيش المنتخب فترة من «تصريف الأعمال» وهو في مواجهة استحقاقات مهمة. وعليه، لا يمكن أن تمر مباراة إيران والخسارة الثقيلة مرور الكرام دون مساءلة بوكير ضمن اجتماع خاص تطرح فيه جميع الأمور على طاولة النقاش وتحديداً خياراته الفنية وعلاقته ببعض اللاعبين.
وهنا يمكن الحديث عن التغيير المرتقب والكلام عن رغبة بالتعاقد مع مدرب من مستوى رفيع يليق بما وصل اليه المنتخب، وهذا أمر يسجّل للجنة العليا، رغم الامكانات المادية المتواضعة لبنانياً. لكن هنا لا بد من السؤال حول من يحدد ما إذا كان هذا المدرب يصلح لمنتخب لبنان أم لا. فمن الممكن أن يكون هناك مدرب لديه سيرة ذاتية كبيرة ولديه خبرة طويلة في الملاعب لكن فلسفته والمدرسة التي ينتمي اليها قد لا تناسب مع الامكانات اللبنانية على الصعيد الفني. وهو أمر يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار قبل التعاقد مع أي مدرب أو التفكير به حتى عبر مناقشة هذا الأمر مع أشخاص فنيين قادرين على تحديد مدى ملائمة فكر المدرب الفني لأسلوب المنتخب اللبناني.
وبالعودة الى تمرين المنتخب أمس، فقد غاب عنه اللاعبان زريق وفاعور بسبب الإصابة إلا انهما كانا حاضرين في الملعب. وشهد التمرين مشاركة عدد من اللاعبين الجدد كعباس عطوي «أونيكا» وحسن شعيتو وحسين عواضة وحسن ضاهر وعامر محفوض وألكس خزاقة وهشام الشحيمي وكريم تاج الدين، اضافة الى لاعبي المنتخب السابقين بمن فيهم قائد النجمة عباس عطوي الذي شارك رغم أنه كان يعاني من اصابة في الأسبوع الماضي في كاحله ولعب مع فريقه أمام الغازية بعد تلقيه الحقن على مدى ثلاثة أيام قبل المباراة.