لا يمكن المزاح مع «الفيفا». هذه هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها عقب اليوميين الماراثونيين اللذين قضاهما مندوب الاتحاد الدولي السويسري بريمو كورفارو، يرافقه الاردني ماجد العبوة، مدير المكتب التطويري الاقليمي للفيفا، في الربوع اللبنانية.
الرسالة كانت واضحة: قبول ما يطلبه «الفيفا» من تعديلات، والا فالعزلة. وهذه المبادرة كانت قد تلقفتها اندية الدرجة الاولى برحابة صدر في اجتماعها مع كورفارو، القادم من قسم التطوير الخاص بالاتحادات الوطنية في «الفيفا»، ولم تجد فيها اندية الدرجة الثانية اي أذيّة لوضعها في عملية التصويت التي يفترض ان يجري من خلالها انتخاب اللجنة العليا للاتحاد في الانتخابات المقبلة.
الجدال الابرز ارتبط مباشرة بالمادة 6-2 الخاصة بالمندوبين والتصويت، التي تحدد عدد هؤلاء المندوبين او اعضاء الجمعية العمومية، وهي المسألة التي أثارت حفيظة أندية الدرجة الرابعة التي حوّلت الاجتماع الذي عُقد معها الى دائرة نقاش حادّ، كان الهدف منه تغيير ما يحمله كورفارو معه، أو على الأقل تحقيق مكاسب معيّنة تحفظ لها على حدّ اعتبارها ما هو حقها.
الا أن كورفارو كان واضحاً وحازماً في آن واحد بأنه لا يمكن لبنان ان يشذّ عن قاعدة ما يجري تطبيقه في مختلف اصقاع العالم حيث يعمل «الفيفا» على الزام كل الاتحادات الوطنية بتصويب أنظمتها وفق مبادئه الاساسية، ولبنان ليس الوحيد في هذا الإجراء المتبع «فهناك الإمارات (32 عضواً في الجمعية العمومية) والسعودية (62 عضواً) وعمان (42 عضواً) وبلدان اخرى في المنطقة لم تجد سبيلاً للسير في طريق التطوّر سوى التعامل بايجابية مع مطالب الفيفا، وبالتالي فإن لبنان لا يختلف عنها في شيء».
كورفارو ارسل تهديداً مبطّناً إلى الاندية المتسائلة عن امكانية تجميد عضوية لبنان في حال عدم موافقتها على المقترح في الجمعية العمومية، قائلاً: «لدينا 208 اتحادات وطنية اخرى يمكننا العمل معها، وطبعاً قبول ما نقدّمه يدفع الفيفا والاتحاد الآسيوي للقدوم الى لبنان بكامل دعمهما، بينما العكس صحيح في حال الرفض»، مشيراً الى ان هناك برامج تطويرية عدّة ستكافأ عليها الكرة اللبنانية، بسبب تعاونها مع «الفيفا»، منها ما يختص بالانماء وتشييد الملاعب في المحافظات المختلفة، ووصولاً الى تقديم مقرّ جديد للاتحاد اللبناني.
الاصوات المعترضة كانت كثيرة وتحديداً تلك التي تخصّ الدرجتين الثالثة والرابعة، ما ترك شعوراً بأن الجمعية العمومية ستصوّت ضد النظام الجديد، وبالتالي فان المقترح سيسقط ويُسقط معه لبنان في هوة عميقة، في الوقت الذي كان فيه كورفارو «يضرب على الطاولة» في كلّ مرة يتحدث فيها ممثلو الاندية عن ظلم ما، وخصوصاً ان الجهد الذي بُذل للوصول الى هذه الصيغة كان كبيراً، علماً انه في البلدان المتقدمة التي تتبع أنظمة «الفيفا» هناك تقسيم لمستويين على صعيد الاندية، الاول يجمع اندية النخبة التي تمثلها اندية الدرجتين الاولى والثانية، وهي التي تكون حاضرة في الجمعية العمومية، بينما تتبع اندية الدرجات الدنيا للاتحادات المناطقية. الا ان الاتحاد اللبناني كان مصرّاً على عدم إبعاد اندية الثالثة والرابعة عن الجمعية العمومية، في خطوة وصفها كورفارو بأن «أندية الثالثة مثلاً محظوظة جداً، لان الاتحاد المحلي قاتل من اجلها واعطاها نصف عددها لناحية مندوبيها».
الختام حمل معه مفاجأة كبيرة عندما صوّت 46 نادياً من الدرجة الرابعة من أصل 60 نادياً حاضراً لمصلحة التعديلات، وذلك بعدما ابدى كورفارو ليونة نسبية لزيادة ممثل لكل محافظة التي ستكون انديتها ممثلة بثلاثة مندوبين، ما عدا بيروت الممثلة بمندوبين لكونها تملك العدد الاقل من الاندية في الرابعة.
وبنصاب 109 نوادٍ تُعادل 237 صوتاً، جرى التصويت بالموافقة على النظام الجديد الذي سيجرى تطبيقه ابتداءً من الانتخابات المقبلة، بحيث حصل على 191 صوتاً (احتاج الى 158 صوتاً)، لتتألف الجمعية العمومية في المرحلة المقبلة من 12 صوتاً مخصّصة لأندية الدرجة الأولى، بينما حصلت اندية الدرجة الثانية على 14 صوتاً لـ 14 نادياً (ستصبح لاحقاً 12 صوتاً لـ 12 نادياً)، والدرجة الثالثة على 12 صوتاً لـ 24 نادياً (عددها 22 حالياً)، والدرجة الرابعة على 14 صوتاً لـ 96 نادياً، إلى صوتين لأندية كرة القدم للصالات، وصوت لأندية الكرة النسائية، وصوت لكرة القدم الشاطئية.



الأولى رأس الحربة


بدت أندية الدرجة الأولى مؤازرة بشكلٍ كبير لدعوات رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر، وللمشروع الذي حمله مندوب «الفيفا» بريمو كورفارو معه، وقد جرت مناقشته مع الأخير بشكلٍ حرفي تقريباً في الاجتماع معها. وقد بدا ممثلو أندية العهد الحاج محمد عاصي، والأنصار محمود الناطور، والصفاء عصام الصايغ، الأكثر اصراراً لملاقاة مطالب الاتحاد الدولي، انطلاقاً ممّا بدا عدلاً بالنسبة الى أندية الأولى، فاستناداً إلى تأثيرها في اللعبة، لا يمكن أن تتساوى مع إحدى الدرجات الدنيا في عملية التصويت.