قد يشكّل ما أعلنه نادي الحكمة عن موافقته على العرض الرعائي المقدّم اليه من قبل شركات، بحسب ما جاء في بيانه الأخير، منعطفاً في موسمه لا بل في مستقبله، إذ يبدو جليّاً أنه رغم الأجواء الايجابية التي تمّ الإيحاء بها الى الرأي العام، لم تصل الامور الى الخاتمة السعيدة حتى الآن.
وربما ما تضمنه البيان من تأليف لجنة مصغرة قوامها عضوا اللجنة الإدارية مارون غالب وجورج شلهوب، يدلّ على أن الامور لا تزال بحاجة الى الدراسة، إذ عند هذه النقطة أشار البيان الحكموي الى أن مهمة اللجنة المذكورة ستكون «التفاوض وبتّ موضوع العقد ضمن الاصول وإجراء التعديلات على الاتفاقية ضمن سياسة النادي ومسلّماته».
وعند هذه النقطة يمكن التوقف، إذ بحسب بيان النادي الاخضر فإن العقد الذي كان قد تقدّم به حزب القوات اللبنانية في مرحلة أولى، ثم عبر شركات بحسب ما قيل في مرحلة لاحقة، يحتاج الى تعديلات، ما يفضي الى نتيجة واحدة، وهو أنه رغم الموافقة على العرض فانه لم يتم التوقيع عليه، وهذا ما يؤكده شلهوب الذي رفض في اتصال مع «الأخبار» الكشف عن الخطوات المقبلة التي ستقوم بها لجنته، مؤكداً ان «ثوابت الحكمة لا تتغيّر، وسنعمل على تأمين مصلحة النادي دون سواه، إذ لدينا إصرار على أنه لا ينتمي الى أي جهة حزبية معيّنة، ولا يمكن أحداً أخذه الى أي مكان». وأضاف: «نحن نرحب بالجميع وبكل شخص يريد المساعدة ودعم نادينا، وهذا دليل على أننا لا نرتبط بأي جهة بل ان الحكمة هو للجميع، وعملنا يأخذ هذا المنحى، وذلك من أجل المصلحة العامة». ويختم: «هذه المرحلة تحتاج الى التروّي والهدوء والعمل الدؤوب، ونحن متفائلون كالعادة».
لكنّ مصادر خاصة مواكبة للأوضاع تجزم بأن الطلاق بين المموّل وديع العبسي ونادي الحكمة أصبح أمراً حتمياً، إذ إن العبسي كان واضحاً بأنه يقبل دخول أي داعم على خط رعاية النادي، لكنه لا يمكنه القبول أبداً بصبغه بخطٍ سياسي معيّن، وهو الامر الذي سيؤدي الى ابتعاده نهائياً في حال بقي الطرف الآخر مصرّاً على وضع شعار إذاعة لبنان الحرّ على ملابس الفريق، وهي المعروفة بانتمائها الى القوات اللبنانية. وهذه المشكلة هي التي جعلت العبسي يقتنع بأنه ليس هناك من سبب للاستمرار بدعم الحكمة، لأن الأمور تأخذ منحى يبدو بعيداً من اقتناعاته في العمل من دون خلطه مع الأهواء السياسية، لذا فإنه كان واضحاً في قراره الاخير «أي شعار سياسي يرتبط بالحكمة يعني أنني سأخرج من المعادلة».
عدم توقيع العبسي أي عقدٍ مع النادي أو طلبه وضع إعلان لإحدى شركاته على ملابس الفريق أو في ملعبه، قد تكون المسألة التي أحرجت اللجنة الادارية الحكموية، التي كانت قد أشارت في بيانها الى أنها قبلت العرض المقدّم اليها بـ«الأكثرية» و«ليس بالإجماع». وفي هذا الإطار فإن مصدراً رفيع المستوى أشار الى أن المسألة عينها هي التي جعلت اللجنة الادارية تتجه نحو إبلاغ الامين العام في القوات اللبنانية عماد واكيم أنها لا تحبّذ وضع شعار إذاعة لبنان الحر على ملابس الفريق، لكن قبول الأخير بهذا الطرح يبدو مستبعداً. والأمر عينه بالنسبة الى الاطراف القواتية التي تدير المفاوضات مع إدارة النادي، والمصرّة على مطلبها، ما يعني أن الادارة المتمسّكة بالعبسي، بحسب ما جاء في بيانها، ستواجه مشكلة حقيقية على هذا الصعيد.
وفي موازاة هذه المعضلة، قد تصبح الإدارة في موقفٍ صعب، وخصوصاً أنها تحتاج الى ما يقارب 600 ألف دولار حالياً لتسديد مدفوعاتها، المقسّمة بين الرواتب ودفعات تخص اللاعب جوليان خزوع واللاعبين الاجانب، إضافة الى بعض الامور التجهيزية في ملعب غزير (بينها شاشة عرض سعرها 80 ألف دولار).
اذاً مشروع آخر قد يتركه العبسي مع الاندية اللبنانية بحسب ما تظهره المؤشرات الاخيرة، لكن هذا قد لا يعني ابتعاده عن الساحة السلوية، إذ بحسب مصادر مقرّبة منه فإنه طلب دراسة مشروع دعم منتخب لبنان الذي يرى أنه لا ينتمي الى أي جهة سياسية معيّنة، وهذا ما يتلاقى مع تطلعاته الشخصية، حيث قد يفاتح الاتحاد اللبناني بهذا الموضوع قريباً وسط اقتناعه بأن مبلغ المليوني دولار التي سيتكلّفها في الحكمة سيكون قسم منه فقط كفيلاً برعاية المنتخب ولاعبيه وإعدادهم بأفضل طريقة ممكنة مع مدربٍ أجنبي على مستوى عالٍ ومعسكرات ومشاركات خارجية بهدف حجز بطاقة التأهل الى نهائيات كأس العالم من بوابة بطولة آسيا التي يفترض أن يستضيفها لبنان هذه السنة.