كثيرة هي الامور التي تداخلت وافرزت فشلاً كبيراً لمنتخب لبنان لكرة القدم للصالات في كأس آسيا 2016، بعدما كانت الآمال المعلّقة عليه كبيرة لتحقيق حلم طال انتظاره بالنسبة الى كرة القدم اللبنانية، ويتمثّل بالتأهل الى نهائيات كأس العالم. والحديث الواسع عن اصابة هذا الحلم والاضاءة عليه بكثرة اعلامياً، ضاعفا من هذه الآمال التي انتكست حالما بدأ المنتخب مشواره في اوزبكستان.
تراجع مستوى لاعبين أساسيين في المنتخب على نحو مفاجئ

الامر الواضح بالنسبة الى المتابعين كان عدم التوفيق الذي لازم المنتخب في مبارياته الثلاث ضمن المجموعة الاولى، وهو ما بدا واضحاً منذ المباراة الاولى امام قيرغزستان التي اهتزت فيها ثقة المنتخب كثيراً بعد هدف التعادل القاتل الذي تلقاه اثر خطأ لا يصدق من احد نجومه احمد خير الدين، لكن هذه المسألة لا تبرر تراجع مستوى لاعبين اساسيين على نحو مفاجئ، وهي الضربة التي اصابت المنتخب في الصميم، وخصوصاً بعدما كان المدرب الاسباني باكو أراوجو قد رسم خططه حولهم من دون ان يتمكنوا رغم الجهد الذي قاموا به من استعادة مستواهم الطبيعي في تلك الفترة القصيرة للمباريات الثلاث، فكانت هذه النقطة السلبية حاسمة على نحو كبير لانه في كأس آسيا لا مجال لأي تأخير او اضطراب في الاداء، وقد دفع المنتخب ثمناً باهظأ لهذا الظرف غير المتوقّع.
واذ كان من المفترض ان يذهب المدرب الى البحث عن حلول وجد نفسه امام طريقٍ مسدود لان اثنين من ابرز لاعبيه وهما كريم ابو زيد والقائد قاسم قوصان، ورغم المجهود الكبير الذي قاما به، لم يتمكنا من ملاقاة ايقاع المباريات لعجزهما عن هذا الامر بدنياً. واضيفت الى هذا الظرف اصابة احد الحلول الهجومية حسن زيتون وتحامل علي الحمصي على اصابته القوية في الكاحل للعب، التي حدّت من قدرته على تقديم كل ما لديه وهو الذي كان مع محمد قبيسي من افضل لاعبي "اللبناني".
تقاطع هذه الظروف ينقل الكلام الى مشكلة اساسية تخوّف منها المنغمسون عن كثب في اللعبة منذ فترة غير قصيرة، وهي الخيارات القليلة على صعيد اللاعبين الذين بامكانهم الدفاع عن الوان المنتخب، وقد ظهرت هذه المشكلة في آسيا مع عدم تمكن اراوجو من العمل من خلال تشكيلة متوازنة تضم اقله 8 لاعبين يتمتعون بالمستوى نفسه. ومع ظهور التطوّر الكبير على اداء المنتخبات الاخرى مقابل تطوّر بسيط في منتخب لبنان مقارنةً بمشواره الآسيوي السابق، طفت المشكلة المذكورة من خلال النتائج السلبية للمنتخب.
ضرورة وضع هيكلية جديدة للدوري تفرز لاعبين افضل
وهنا الكلام عن ضرورة وضع هيكلية جديدة لبطولة الدوري يمكنها ان تفرز لاعبين افضل ويتمتعون بمستوى يؤهلهم لمجاراة كبار القارة. ففي لبنان يدلّ التشريح الفني عن توقف نموّ اللعبة في الاعوام الاخيرة بحيث عجزت عن رفع مستوى اللاعبين او تقديم مواهب جديدة، والسبب الاول لهذه المشكلة هو في عدم مواجهة اللاعب اللبناني لتحديات كبيرة خلال البطولة، فاذا اخذنا مثلاً احد فرق المقدّمة يبدو ملموساً انه يخوض 4 مباريات قوية (من اصل 18) كحدٍّ اقصى في الدوري المنتظم (ذهاباً واياباً)، وهذا مردّه الى تواضع مستوى العديد من فرق الدوري التي حضر بعضها الى الملعب بعددٍ منقوص في مباريات كثيرة هذا الموسم. لذا يبدو من الضروري الاخذ بطرح اعتماد لاعبَين اجنبيين اثنين على ارض الملعب لتأمين احتكاك اقوى للاعب المحلي ورفع مستواه لكي يصل الى المستوى الذي بلغه اقرانه الآسيويون.
كذلك، تبرز مشكلة اخرى وتتمحور حول العفوية التي تعمل بها فرق عدة، بحيث ان غالبيتها لا تملك مدربين اجانب متفرّغين للتخطيط والعمل باتقان، ولا تتدرب على نحو مكثف ما يحدّ من تطوّر لاعبيها، وبالتالي لا تساهم في عملية تطوير اللعبة التي باتت تدور في الفلك عينه.
اذاً مشكلة فوتسال لبنان ابعد من فشل المنتخب، فاذا ربطنا كل هذه الظروف ندرك ان اللعبة اكتشفت حالياً موقعها الحقيقي على مستوى آسيا، وأن تغييرات جذرية على الهيكلية العامة باتت مطلوبة لكي لا تكون النتائج اسوأ مستقبلاً، حيث تنتظر لبنان مهمة اصعب بلا شك في اي تصفيات مقبلة بعدما باتت منتخبات المنطقة تسبقه بتطوّرها السريع، ومع ترقّب دخول "البعبع" الايراني على خط التصفيات، ما يضع المنتخب في خطر حقيقي لعدم التأهل حتى الى كأس آسيا 2018.