دائماً ما يكتفي لاعب ريال مدريد الكولومبي خاميس رودريغيز بالردّ على منتقديه على أرض الملعب. يبدو خجولاً في المؤتمرات الصحافية، وشخصاً لا يحبّذ الكلام أمام الكاميرات. فعله وكلامه على أرض الملعب فقط، الأرض التي يتقن لغتها جيداً، من دون الحاجة الى التصنع أو التكلف في قوله. كلمته هي هدف أو صناعة هدف بالحد الأدنى. برز ذلك بوضوح في كأس العالم الأخيرة في كل مباراة لعبها هناك، حتى أمام البرازيل، في الدور ربع النهائي الذي وصلت اليه كولومبيا للمرة الأولى. بعد خسارة المنتخب، كانت الصورة أقوى من تحليل ما فعله في المباراة. وقف المدافع دافيد لويز، وطلب من الجمهور البرازيلي التصفيق لنجم واعد مقبل على مسيرة حافلة بالإنجازات.
في البطولة، كان المنتخب الكولومبي يفتقد قائده الأول راداميل فالكاو، لكن ما فعله رودريغيز، الشاب (23 عاماً) ذو الوجه الطفولي، أنسى الجماهير فعل الأول، وبات هو محور المنتخب. تدور الكرة في مداره، ويوجّه اللاعبين بحسب ما يريد. لقد كان مدهشاً هناك، حتى إن ما فعله تجاوز توقعاته. كان مدرب منتخب الأوروغواي أوسكار تاباريز الأكثر صراحةً في وصفه له حين شبهه بأسطورة الكرة الأرجنتينيي دييغو أرماندو مارادونا. لتواضعه لم تعجب رودريغيز مقارنته بالأخير، وقال إن همّه مساعدة منتخبه. لديه الموهبة ليكون ضمن الصف الأول لأفضل اللاعبين، إذ سجل أكبر عدد أهداف في كأس العالم، وكان صاحب الهدف الأجمل أيضاً. كان كأس العالم مسرحه، وقبل بداية ذاك الحدث العالمي، كثر الحديث عن الصفقات التي من الممكن أن تظفر بها كبار الأندية، وكان يعلم أنها فرصته، وحسناً فعل.
قدّم أداءً رائعاً، وبعد اجتيازه الفحص الطبي، أعلن ريال ضمه مقابل 80 مليون يورو لمدة ست سنوات. 80 مليوناً لقيت الكثير من الانتقادات، من جمهور ريال مدريد حتى. كلما لمس الكرة، كانت الجماهير تنادي باسم الأرجنتيني أنخل دي ماريا الذي رحل الى مانشستر يونايتد نتيجة مجيء رودريغيز. ليس سهلاً أن تثبت وجودك في فريق بحجم ريال مدريد، والضغوط تنهال عليك من كل جهات الملعب. ثقته بنفسه هي التي أبقت مستواه الذي قدمه في كأس العالم ثابتاً. إظهار المهارات ليس سهلاً، لكنه يتحسن مباراةً بعد أخرى في شتى البطولات. هز الشباك في 4 منها: الدوري المحلي وكأس إسبانيا والكأس السوبر الإسبانية ودوري أبطال أوروبا. نال مديح الجميع داخل وخارج ريال مدريد بعدما ثبّت أقدامه في الفريق، وبات لاعباً أساسياً في معظم المباريات. نجح رودريغيز في اللعب بمركزه الأصلي خلف المهاجم، وفي مراكز مختلفة كلاعب جناح، أو كلاعب ارتكاز، بحسب ما تقتضي حاجة الفريق. تمكن من التأقلم بسرعة مع أدواره الجديدة، وأصبح يصنع ويسجل أهدافاً، عدا عن أدواره الدفاعية التي ألزم بها أنشيلوتي كل لاعبي الفريق. تسهل لديه حركات المراوغة، ويساعده جسمه الصغير نسبياً في سرعته، وقوته في المرور من دون بذل جهدٍ مضاعف أمام مدافعي الخصم. أما التسديدات فهي ما سبَّبت شهرته أولاً. دقة وقوة في التصويب، إن كان محاطاً من قبل المدافعين أو يقف وحيداً.
خاميس كان صفقة رائعة، على مستويات فنية وتكتيكية، وتجارية أيضاً. كان يستحق الـ 80 مليون يورو كلها. فقمصانه، كقمصان نجم الفريق البرتغالي كريستيانو رونالدو مطلوبة بكثرة في بلدان العالم. الصورة التجارية، كصورته على أرض الملعب، أخذت مجدها في السوق. بين فترة وأخرى، تصعد وتيرة الهجوم عليه أنه لا يستحق مبلغه، وأنه كان يجب بقاء دي ماريا بدلاً منه. يظلم الاثنان في المقارنة بينهما. كل لاعب لديه إيجابيات وسلبيات، ومن المؤكد أنهما أثبتا بعد مبارياتهما الكثيرة جداً أنهما لاعبان تطغى إيجابياتهما على سلبياتهما، ولا يحتاجان إلى شهادة أحد، لاعباً كان أو مدرباً، أو حتى من الجمهور.




مكافآت دوري الأبطال


ذكرت صحيفة «ماركا» أن لاعبي ريال مدريد تلقوا مكافأة الفوز بدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي التي تم الاتفاق عليها، إضافة إلى هدية تذكارية مميزة لكل لاعب. وتمثلت المكافأة بمبلغ نصف مليون يورو لكل لاعب، وتم منحهم ساعة من نوع «راديومير بانيراي». وكُتب على ظهر الساعة الإيطالية المصنّعة في سويسرا «أبطال دوري أبطال أوروبا 2014»، إضافة إلى اسم كل لاعب، وتبلغ قيمة هذه الساعة 30 ألف يورو.