قد يكون السبب الرئيسي وراء فراق المدرب موسى حجيج و فريقه عدم وجود انسجام بين ادارة النادي وحجيج، وخصوصاً على صعيد التعاطي بين الطرفين. وما يؤكّد ذلك عدم توافر معطيات فنية تشير الى وجوب إقالة حجيج، وخصوصاً على صعيد النتائج. فالنبي شيت صعد حديثاً الى الدرجة الأولى، فتعاقد مع حجيج خلفاً للسوري عساف خليفة، لقيادة الفريق وتثبيت أقدامه في دوري الأضواء، فأُلّف فريق جديد بمن "تيسّر" من لاعبين يملكون خبرة مباريات الدرجة الأولى.
إذاً الهدف الأساسي كان تثبيت الأقدام واحتلال مركز متوسط مع نهاية الموسم. انطلق الدوري وتوالت المباريات ومع وصول البطولة الى أسبوعها التاسع، يحتل النبي شيت حالياً المركز السابع برصيد 11 نقطة وبفارق الأهداف عن الراسينغ السادس. وهو سبق أن احتل مركز الوصافة في الأسبوعين الأول والرابع، وبفارق الأهداف عن المتصدر. حصيلة ممثل البقاع حتى الآن ثلاثة انتصارات على التضامن صور والغازية والساحل وتعادلين مع الإخاء والسلام زغرتا وأربع خسائر أمام الأنصار والراسينغ وطرابلس والعهد. ما يعني أنه بالمنطق الكروي وفي فريق يشارك للمرة الأولى في الدرجة الأولى وبعناصر جرى توليفها قبل أشهر فقط، فإن نتائج الفريق تبدو مقبولة، وخصوصاً أن الخسارة أمام الراسينغ جاءت بعد عرض جيد للنبي شيت، كما أن التعادلين مع الإخاء والسلام زغرتا جاءا قاتلين. الأول من خطأ كبير للحارس وحيد فتال، والثاني في الدقيقة 88 من اللقاء. أما باقي الخسائر، فجاءت أمام فرق تحتل المراكز المتقدمة، وتقدم عروضاً كبيرة، وهي العهد والأنصار وطرابلس. وبناءً عليه، فإن الجانب الفني، أو الخسارة الثقيلة من العهد، ليس وراء اقالة المدير الفني للفريق. فلو كانت الحال كذلك لكان الراسينغ على الأقل قد بدّل جهازه الفني بعد الخسارة الثقيلة أمام طرابلس 0 - 6 بدلاً من تجديد الثقة فيه، كما جاء في بيان للنادي أمس. وحتى الإخاء الأهلي عاليه انتظر حتى الأسبوع التاسع، واحتلاله المركز الأخير برصيد خمس نقاط، ليقرر استبدال مدربيه فادي العمري وبلال زغلول بالمدرب السوري حسين عفش.
إذا الموضوع لا يبدو للجانب الفني دور رئيسي فيه، وبالتالي لا بد من البحث عن أسباب أخرى. وهنا تبرز العلاقة بين حجيج وادارة النادي كي تكون أقرب الى المنطق كسبب أساسي وراء الإقالة. حجيج خرج الى الإعلام وتحدث عن تلاعب وأمور مدبرة ساهمت في الخسارة أمام العهد. لكن واقع المباراة لا يوحي بذلك من ناحية وجود مؤامرة عليه، في ظل مشاركة معظم اللاعبين الذين أتى بهم حجيج، ويعدّون محسوبين عليه ومقربين منه. أما بالنسبة إلى الكلام عن وجود قرارت ادارية بإيقاف لاعبين دون علمه، فهذا حصل قبل لقاء الراسينغ لا مباراة العهد، حين أوقفت الادارة سامر زين الدين لأدائه المتواضع أمام طرابلس دون إبلاغ حجيج، وهي خطوة خاطئة من الادارة.
لكن في موضوع زين الدين، هناك الكثير من اللغط. فمدافع النبي شيت وقّع مع النادي بعكس رغبة الرئيس أحمد حسين الموسوي، الذي ناقش حجيج في خياره هذا رافضاً استقدامه ودفع أي مبلغ كمقدم عقد، لكن حجيج أبلغ الموسوي بأنه لن يتكلّف قرشاً مقابل توقيع زين الدين، ذلك أن الأخير سيحصل على أموال من رجلي الأعمال علي وزياد حلوم اللذين تربطهما علاقة صداقة قوية بحجيج، لكن زين الدين لم يتلقَّ المبلغ الذي اتفق عليه مع حجيج، وهو أخذ يتردد على الموسوي شاكياً عدم حصوله على الأموال، فما كان من رئيس النادي إلا أن دفع له مبلغ 7500 دولار التي يطالب بها زين الدين.
وفي ما بعد، زادت قناعة الموسوي بعدم صوابية استقدام زين الدين نتيجة العروض التي يقدمها، محملاً إياه مسؤولية رئيسية في الخسارة أمام طرابلس، فكان قرار إيقافه بعدها، ثم عاد وأعفي عنه وعاود التمرين وكان حاضراً في لقاء العهد، وهو دخل بدلاً من مالك الموسوي في الشوط الثاني.
الراسينغ جدد الثقة بالجهاز الفني والإخاء يتعاقد مع عفش


أما في مباراة العهد فمن غاب هو محمد حلاوي، الذي تعرض لاصابة وأبلغ الادارة والمدرب بها عشية اللقاء وهو خضع لفحص طبي من قبل طبيب نادي النجمة مازن الأحمدية، الذي أكّد لحلاوي عدم قدرته على اللعب، برغم أن الأخير طلب أن يتلقى حقنة ويشارك في اللقاء لكن الأحمدية رفض ذلك لعدم جدوى الحقنة.
لكن حجيج قد يكون انطلق من فكرة وجود مؤامرة أو "تلاعب" كما وصفه نتيجة قناعة لديه بأن أمين السر المستقيل، الذي رُفضت استقالته أحمد علي الموسوي، لا يريد حجيج في الفريق، اضافة الى رغبة أمين السر بإشراك لاعبين من البقاع في المباريات، طالما أن اللاعبين الجدد لا يقومون بواجبهم، وهذا أمر لا يقتنع به حجيج. وهنا تبرز وجهة نظر محايدة ترى أن الموسوي أو أي شخص في النادي لم يكن يستطيع أن يتكلم أو يضغط على رئيس النادي أحمد حسين الموسوي في أي أمر لو كانت عروض الفريق جيدة، وخصوصاً أمام الأنصار والإخاء والسلام.
لكن النقطة التي أفاضت الكأس بين حجيج وآل الموسوي، تتمثّل في الطريقة التي تعاطى بها حجيج مع الرئيس وأمين السر بعد مباراة العهد، من ناحية عدم الرد على اتصالاتهما لساعات، في وقت كانا يريدان فيه الاجتماع به لمناقشة ما حدث، وخصوصاً مع وجود ملاحظات على طريقة تعاطي حجيج مع اللاعبين بين شوطي المباراة، حيث اكتفى بلومهم على أدائهم بطريقة قاسية جداً، قبل أن يخرج من غرفة الملابس دون أي ملاحظات فنية.
وهنا لم يكن أمام آل الموسوي سوى انهاء مهمات حجيج وابلاغه ذلك برسالة هاتفية، ومن ثم التعاقد مجدداً مع المدرب السوري عساف خليفة، الذي قاد الفريق الى الدرجة الأولى. ليبرز سؤال هنا: لماذ فُسخ التعاقد مع خليفة واستقدم حجيج طالما أن الادارة مقتنعة بقدرات المدرب السوري، وعادت واستعانت به مجدداً "لإنقاذ" الفريق؟