مانشستر سيتي في أزمة. هذا ما يمكن أن يقوله كل من تابع مباراة الفريق الإنكليزي الأخيرة أمام سسكا موسكو الروسي في مسابقة دوري أبطال أوروبا. وهذا ما يمكن أن يقوله أيضاً من يلقي نظرة على لائحة ترتيب الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم عشية انطلاق المرحلة الحادية عشرة حيث سيواجه سيتي، كوينز بارك رينجرز اليوم.
بطل الموسم الماضي بات يبتعد بفارق ست نقاط عن تشلسي صاحب الصدارة. صحيح أن هذا الفارق ليس كبيراً إذا ما أخذنا في الاعتبار أننا لم نصل إلى منتصف المشوار حتى الآن، لكن المتابع عن كثب للمستوى المتراجع تباعاً لفريق المدرب التشيلياني مانويل بيلليغريني، سيقتنع من دون شك بأن هذا الفريق يسير نحو الهاوية.
وبالتأكيد عند الحديث عمّا يعانيه مانشستر سيتي لا يكون الأمر متعلقاً بما قدّمه أمام سسكا موسكو حيث كرّس نفسه مرة جديدة فاشلاً على الساحة القارية، على اعتبار انه منذ عودته الى المسابقة الاوروبية الأم عام 2011، خسر 10 مباريات مقابل 6 تعادلات و8 انتصارات فقط.
لكن الكلام هنا من بوابة المباراة المذكورة يأتي لأنه فتح الأعين على مشكلات جمّة يعاني منها «الأزرق السماوي»، وهي مشكلات لا يمكن اي مدربٍ ان يحلّها بسرعة لانها ترتبط بأكثر من لاعب وباستراتيجية كاملة، وذلك بعدما بدا لاعبو سيتي من دون هوية او من دون اي ترابط يقدّمهم على صورة فريقٍ متماسك.
الوضع حالياً يبدو مركّزاً على وجهة واحدة وهي البحث عن «كبش فداء» لتحميله مسؤولية ما يحصل مع الفريق، وهذا امر كان سهلاً في الساعات التي تلت الخسارة امام سسكا موسكو، بحيث وقع الاختيار سريعاً على العاجي يايا توريه، الذي سجل هدفاً رائعاً من ركلةٍ حرة، لكنه طُرد بالبطاقة الحمراء بعد اعتدائه على لاعبٍ منافس.
لاعبو سيتي من دون أي ترابط يقدّمهم على صورة فريقٍ متماسك


اذاً توريه اليوم هو من يذبح من قبل الكل. سيتي كان قد استقدم هذا العملاق من برشلونة الاسباني لسببٍ صريح، هو اضافة لاعبٍ يملك خبرة اوروبية واسعة وسبق له الفوز باللقب الاوروبي المنشود، ما يجعل منه قائداً لتوجيه دفة الفريق في بطولةٍ تختلف مقاربتها تماماً عن الـ»بريميير ليغ»، حيث ان اي خطأ استراتيجي بسيط من قبل المدرب يدفع ثمنه غالياً، وقد تأكد هذا الامر في مواجهة بطل روسيا.
على كل حال، يستحق توريه بمكانٍ ما كل اسهم الانتقاد، فهو بدا عبئاً على الفريق في الفترة الاخيرة، وفقد اهم ميزة لديه، وهي الروح القتالية التي تميّز بها في وسط الميدان، اذ بدا حملاً وديعاً حتى اللحظة التي فقد فيها رباطة جأشه وقام بحركته العدائية التي سببت طرده، ما قد ينهي مشواره في دوري الابطال هذا الموسم مع تضاؤل آمال سيتي بالتأهل الى الدور المقبل.
وعشية المباراة امام كوينز بارك رينجرز، يمكن القول ان مشاكل سيتي هي ابعد من تراجع مستوى لاعبٍ واحد، اذ ان هذه الصفة تنطبق على مجموعة لاعبين كان لهم حتى الأمس القريب التأثير الايجابي المباشر في النتائج التي يحصدها الفريق. فاذا كانت النزعة الدفاعية «الوحشية» قد غابت عن توريه اخيراً، فهذا ربما لانه لم يجد الى جانبه مقاتلين آخرين، فأهمل واجباته الدفاعية من منطلق اليأس من وضعٍ قائم.
كذلك، يضاف الى هذا الامر نقطة حاسمة اخرى، هي غياب الاسباني دافيد سيلفا، الذي سبّب فراغاً فكرياً لدى رجال بيلليغريني، الذين اعتادوا وجود رجلٍ «يخترع» لعبة ما ليصل زملاؤه الى الشباك من دون عناء كبير، وهذا ما افتقده الفريق منذ اصابة صانع الالعاب الموهوب. وهنا يمكن ربط ما يحصل بالاستراتيجية غير الدقيقة التي بني عليها سيتي، اذ رغم تخمة النجوم في تشكيلته فانه ليس لديه اي لاعب قادر على الحسم في المباريات الصعبة، اذ في نهاية المطاف الكل يعرف ان الارجنتيني سيرجيو اغويرو ليس مواطنه ليونيل ميسي او البرتغالي كريستيانو رونالدو اللذان يحملان فريقيهما على اكتافهما في الاوقات الحاسمة. وهذا الامر ينطبق على نجومٍ آخرين مثل البوسني إيدين دزيكو والمونتينغري ستيفان يوفيتيتش وغيرهم.
مشكلات فريق بيلليغريني كثيرة، وقد كشفت اخطاء الفرنسيين غايل كليشي وإلياكيم مانغالا، ان المسألة تتعدى مرور الفريق بيومٍ سيئ، بل ان عامل التركيز مفقود لدى غالبية افراده، والدليل ما ظهر عليه البديلان الفرنسي الآخر سمير نصري والبرازيلي فرناندينيو.
سماء سيتي الزرقاء باتت ملبدة بالغيوم السوداء وعاصفة مرتقبة في وقتٍ قريب.