4 فرق ألمانية أصابت 9 انتصارات، تعادلين مقابل خسارة واحدة بعد ثلاث جولات على بداية مسابقة دوري أبطال أوروبا. سجلت 30 هدفاً (مقابل 8 دخلت مرماها)، ودبّت الرعب في قلوب المنافسين على الساحة القارية.طبعاً ما حققته الفرق الألمانية قد يكون مسألة عابرة، وقد لا يستمر، بل قد نشهد سقوطاً مدوياً لأكثر من فريق في المراحل المقبلة.

لكن بغض النظر عن هذه التوقعات، لا يمكننا سوى التوقف عند ما حققته فرق «البوندسليغا» في ليلتي «التشامبيونز ليغ»، فرفعت أسهم دوريها في التداول حول البطولة الوطنية الأفضل في أوروبا، وطرحت سؤالاً عريضاً حول سبب الثقة التي تدخل فيها الفرق الألمانية للمنافسة في أوروبا.
بايرن وبوروسيا دورتموند دمرا روما الإيطالي وغلطة سراي التركي توالياً على أرضيهما، وشالكه وباير ليفركوزن حققا المطلوب في ملعبيهما.
4 انتصارات في 4 مباريات تعكس مسألة واحدة بأنه مهما واجهت الفرق الألمانية مشاكل على الصعيد المحلي، فإنها تنهض لتكون قوية عندما تواجه أقرانها الأوروبيين، فهي تستمد قوتها من مسائل عدة، يبدو تأثيرها واضحاً في الثقة التي يختزنها لاعبو «البوندسليغا» ومدربوها.
المسألة ليست مسألة فريق يضم نجوماً، ولا مسألة فريق يملك مدرباً ذا مستوى رفيع. المسألة هي مسألة تركيبة وهيكلية وقاعدة نادراً ما تجدها في بطولات وطنية أخرى.
فرق «البوندسيلغا» قوية لأنها تعيش حالة استقرار استثنائية.
المسألة هي مسألة تركيبة وهيكلية وقاعدة ناجحة

وهنا يطفو الى الحديث العنصر المادي بحيث إن أيّاً من فرق الدرجة الأولى الألمانية لا يرزح تحت الديون، في وقتٍ تخبطت فيه فرق أخرى في أوروبا بديونٍ كبيرة، ومنها فرق من الصف الأول في بطولاتها، أمثال فالنسيا في اسبانيا، ويوفنتوس في ايطاليا، ومانشستر سيتي في انكلترا.
هي مسألة نظام، اذ من وضع الأسس لإطلاق «البوندسليغا» أجبر بـ«ديكتاتورية» الأندية على اعتناق نظام لا يعير اهتماماً للتبذير في سوق الانتقالات، بقدر ما يخصص الأموال للاستثمار في قطاع الناشئين، وهو أمر بدأ الألمان يقطفون ثماره حالياً، والدليل ما يفعله إيريك دورم مع دورتموند، وجوليان دراكسلر وماكس ماير وليون غوريتزكا مع شالكه، وجوليان براندت وهاكان كالهانوغلو مع ليفركوزن.
وانطلاقاً من هذه النقطة، يمكن التصويب على مسألة مهمة أخرى، إذ ليس مستغرباً أن تبقى فرق «البوندسليغا» قادرة على التأدية بأفضل طريقة ممكنة، رغم خسارتها لنجومها تباعاً، فنظام الناشئين في ألمانيا يعدّ الأفضل في العالم، والدليل أن لاعبين مثل ماركو رويس وطوني كروس ومسعود أوزيل وماريو غوتزه وتوماس مولر وغيرهم يعدّون بين الأفضل في مراكزهم إذا لم يكونوا الأفضل، وهم أصلاً تخرجوا من أكاديميات أنديتهم. وهذه النقطة لم يعد هناك من جدال حولها أصلاًً، وخصوصاً بعدما رفعت ألمانيا كأس العالم في البرازيل، إضافةً الى بروز لاعبي «البوندسليغا» من الجنسيات المختلفة مع منتخبات بلدانهم خلال التظاهرة الكروية المذكورة.
وما يعزّز من قوة الفرق الألمانية أكثر هي حدّة المنافسة، إذ صحيح أن بايرن أكل الجميع في الموسم الماضي وانسحاباً الى بداية الموسم الجديد، لكن غالباً ما تتبدل موازين القوى بدخول فرقٍ جديدة على خط الأربعة الأوائل الذين يذهبون لتمثيل البلاد في دوري الأبطال، والدليل وقوف بوروسيا مونشنغلادباخ وهوفنهايم وماينتس خلف الفريق البافاري حالياً على لائحة الترتيب العام.
المستقبل للألمان في أوروبا. هذا ما بات يعرفه الجميع، وأقله الطليان الذين زاحموا الإسبان والإنكليز يوماً على زعامة القارة، لكن فجأة أصبحت فرقهم مجرد جسر عبور، لا بل الأسوأ أنها تتلقى الهزائم أينما حلّت، إذ أن يسقط يوفنتوس البطل أمام أولمبياكوس اليوناني، فهذا يعني أن أفضل الإيطاليين على الساحة القارية حالياً هو ليس لاعباً أو مدرباً، بل حكم اسمه نيكولا ريتزولي.
مرحلة جديدة من الدوري الألماني تبدأ الليلة. مرحلة تدخلها الفرق القادمة من معارك دوري الأبطال وهي منهكة جراء المجهود المضاعف الذي قامت به في تلك الأمسيات، لكنها جائعة للمزيد، جائعة للانتصارات ولحصد الألقاب. يغريها كثيراً اليوم أن المباراة النهائية التي ستقدّم الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين الى بطل القارة، ستقام على الملعب الأولمبي التاريخي في العاصمة الألمانية برلين، حيث عرف الألمان دائماً أمجاداً في المجالات المختلفة.