لم يعد، منذ سنين خلت، خافياً على أحد أن الصراع على صدارة الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم محصور بين أندية لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة. وإن كان هذا الدوري هو الأقوى في العالم لشدة قوة المباريات فيه من الناحية التكتيكية والبدنية، وصراع الجماهير، فكبار اللعبة هناك، يحتكرون، منذ عشر سنوات بالحدّ الأدنى، اللقب فيه.
أما البقية فينافسون على المشاركة في «يوروبا ليغ»، أو البقاء ضمن فرق الأضواء بعيداً عن الهبوط الى الدرجة الأولى.
ويمكن القول إن قوة كرة إنكلترا تميّزت بمانشستر يونايتد ومانشستر سيتي أبناء المدينة ذاتها، إضافة الى جارهم الشمالي ليفربول، وتشلسي وأرسنال أبناء لندن، دون غيرهم. هم بقوتهم الكروية وقوتهم الاقتصادية فرضوا أنفسهم المعادلة الأقوى في ظل صراعٍ حامي الوطيس على اللقب الغالي.
يحاول كلّ من هؤلاء، وبمرور الوقت، إثبات أنه سيد إنكلترا. في المواسم السابقة، برز سيتي بعد امتلاكه من قبل الإماراتيين وضخ أموال هائلة فيه، وقبله كان تشلسي المدعوم من قبل الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش، بينما استفاد أرسنال أيضاً من عقودٍ رعائية إماراتية كبيرة، وعاش يونايتد من النعم الأميركية التي جلبها له آل غلايزرز على صعيد ضخ الأموال في خزينة النادي أو جذب رعاة من السوق الأميركية الكبيرة والدسمة.
لا يعني أبناء أي مدينة من المدن المذكورة أو المشجعين من كل البلدان هذا التفصيل تحديداً. لا يهمهم من يملك النادي، المهم أن تأتي أموال النفط أو الغاز، أو غير ذلك، بالألقاب، وعلى رأسها الدوري المحلي.
اليوم يتجدد الصراع بين تشلسي متصدر الدوري حالياً، وأرسنال صاحب المركز الرابع. وهذا الصراع دائماً كان يصل الى أقصى حالات الكراهية بين الاثنين. بين الجماهير من جهة، والمدربين من جهة أخرى. يحصل التلاسن أحياناً بين رأسي الجهاز الفني مباشرة على الهواء، طبعاً عدا عن المؤتمرات الصحافية التي تضج بالتصاريح النارية. يدرك الاثنان معاً أن الصراع «لندني»، لذا يرجح أن تكون مباراة بهذا الحجم، الأقوى حتى الآن في الدوري، قادرة بسهولة، على جذب متابعي البطولات الأوروبية الوطنية بشكلٍ عام.
ستعطي الموقعة صورة عن مصير مشوار الفريقين في البطولة

بطبيعة الحال، هو الاختبار الأصعب لتشلسي منذ انطلاق البطولة، وذلك بعد فوز فريق البرتغالي جوزيه مورينيو في خمس من أصل ست مباريات، مقابل تعادل واحد.
هنا، لا مناص من التذكير بأنّ صاحب الدور الأساسي لهذا الإنجاز هو الإسباني سيسك فابريغاس، إضافة الى مواطنه المهاجم دييغو كوستا. يكفي اسم الأول، حتى يعود بعض جماهير «الغانرز» إلى حرق قميصه مرةً أخرى. صانع اللعب هذا تمكن من ترجمة نصائح معلمه الأول مدرب أرسنال الفرنسي أرسين فينغر الى تطبيقات عملية، قدّمها في برشلونة أخيراً، وفي تشلسي حالياً. طبعاً لا يمكن نكران دور مدربيه في برشلونة، ودور مورينيو الآن. الأخير أقنعه بأنه لا يزال مميزاً، لذا نجح في التعاقد معه بدلاً من أرسنال الذي كان لديه خيار ضمه أوّلاً استناداً الى بند من بنود انتقاله الى «البرسا».
وصل أرسنال وسيسك الى حالة طلاق، رغم محاولة الأخير تبريد الأجواء مع فينغر وجماهيره، غير مرة. فينغر، لم يتحدث معه منذ انتقاله خلال الصيف الى «البلوز». ردّة فعل أرسنال كانت حاضرة أيضاً، فنادي «المدفعجية» الذي كان يرفع حول ملعبه أعلاماً لبعض لاعبيه الأسطوريين، من بينهم سيسك، ذهب الى إزالة صورة الأخير.
وفابريغاس سيكون محور الأنظار كونه سيتواجه مع من قيل إنه قادم لتعويضه أي الألماني مسعود أوزيل الذي استعاد مستواه وفعاليته، وخصوصاً بعد عودة الويلزي أرون رامسي ليسانده في خط الوسط.
على صعيد الهجوم، يلتقي كوستا مع داني ويلبيك. يغدق المدربان المديح لمهاجميهما، اللذين يتميزان بتحركاتهما التي تتسم بالذكاء الشديد وطريقة لعب مميزة تربط بين خطوط الملعب. ويلبيك جاهز، أما كوستا فيعاني من إصابة بتمزق في الأوتار، وغير معروف بعد مشاركته من عدمها. وهذه مشكلة لمورينيو، خاصةً أن المهاجم الإيفواري ديدييه دروغبا يبتعد عن الملاعب لأسبوعين.
في أذار الماضي، سحق تشلسي أرسنال 6-0. اليوم يخاف جمهور «الغانرز» من نتيجة مشابهة، لأن مستواه العام لا يبشر بالخير. صحيح أنه لم يخسر أي مباراة في الدوري، لكنه أيضاً لم يفز إلا باثنتين مقابل أربعة تعادلات في ست مباريات. أما «البلوز» فقد اعتاد الفوز.