كل مباراة في دوري أبطال أوروبا هي بمثابة النهائي بالنسبة الى باريس سان جيرمان بطل الدوري الفرنسي. كل مباراة تقرّبه أكثر من اللقب الذي يطمح إليه منذ زمنٍ بعيد، وهو اللقب الذي لا يزال «حرقة في قلبه» منذ مطلع التسعينيات تقريباً. كيف لا والغريم الأزلي مرسيليا كان الوحيد الذي حمله الى فرنسا عندما توّج به عام 1993.
في تلك الحقبة، ذهب باريس سان جيرمان الى وضع كل إمكاناته الفنية والمادية لنسخ إنجاز النادي الجنوبي، فقام بتركيب فريقٍ مؤلف من خيرة لاعبي فرنسا عندما جمع في صفوفه الحرس برنار لاما، والمدافعين ديدييه دومي وأنطوان كومبواريه وآلان روش، ولاعبي الوسط بول لوغوين وفنسان غيران ودافيد جينولا ودانيال برافو. وأضاف الى هؤلاء ثلاثياً برازيلياً لا يمكن نسيانه مؤلفاً من ريكاردو وراي وفالدو، ومعهم النجم الليبيري الكبير جورج وياه.
لكن أقصى ما بلغه هذا الفريق المدجج بالأسماء المهمة كان الدور نصف النهائي في دوري الأبطال لموسم 1994-1995، وهو إذ لم يخسر في 10 مباريات متتالية بقيادة المدرب لويس فرنانديز، خرج أمام ميلان الإيطالي، بعدما سحر أوروبا بكرةٍ جذابة مطيحاً أندية كبيرة مثل بايرن ميونيخ الألماني وبرشلونة الإسباني.
الليلة، يتقابل باريس سان جيرمان مع برشلونة في عصرٍ مختلف تماماً عمّا كانت عليه الأوضاع في الماضي البعيد. الفريق الفرنسي الذي ضمّ يوماً فقط 4 لاعبين أجانب، بحسب ما ذكرنا أعلاه، بات مقراً للقاء النجوم من مختلف الجنسيات، فهناك الإيطالي والبرازيلي والهولندي والأرجنتيني والأوروغوياني والسويدي، الى جانب مجموعة من الأسماء المحلية الدولية والواعدة، وبقيادة مدربٍ صاحب اسمٍ كبير في الكرة الفرنسية هو لوران بلان الذي كان «بريزيدان» الدفاع في المنتخب الفائز بكأس العالم عام 1998.
هذه هي التركيبة أرادها نادي العاصمة، الذي لا يفكر في الدوري المحلي، إذ إن «ليغ 1» كان تحصيل حاصل، فهو أصلاً بالنسبة الى باريس سان جيرمان مجرد محطة لأخذ تلك البطاقة التي تضعه على الساحة الأوروبية ليجرّب حظه مرة أخرى في المكان الذي يلاقي طموحاته وطموحات إدارته الثرية، التي ترى أن «البريستيج» هو الفوز بدوري الأبطال لأنها تعلم تماماً بأن ناديها لن يقف يوماً في مصاف كبار أوروبا، من دون أن يضع في خزائنه الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين وحيث توجد الكأس القارية الوحيدة التي ظفر بها وهي كأس الكؤوس الأوروبية عام 1996.
وبسبب «البريستيج» كان باريس سان جيرمان قد قام بتحديث ملعبه «بارك دي برانس» لتصبح صورته أكثر عصرية، وهي خطوة سبق أن أثارت استغراب وسائل الإعلام الفرنسية، رغم أنها قد تبدو مبررة، وخصوصاً أن فرنسا على أبواب استضافة كأس أوروبا بعد أقل من عامين. لكن هناك في «حديقة الأمراء» ينظر القيّمون الى الأمر بطريقة مختلفة، وحتى اللاعبون الذين دخلوا في المشروع الكبير، أمثال السويدي زلاتان إبراهيموفيتش (سيغيب عن اللقاء أمام برشلونة بسبب الإصابة)، قبلوا ترك بطولات محلية أفضل للتحوّل الى باريس، فهم صحيح أنهم حصلوا على أجورٍ أعلى، لكنهم في الوقت عينه وجدوا ما يلتقي مع طموحات افتقروا الى بلوغها مع أندية أخرى. وهنا الحديث عن تأكيدات بأن الهدف الأول والأخير هو لقب الأبطال الذي يحلم أي لاعبٍ بتدوينه في سجله. إذاً الإغراء لم يكن المال فقط، بل وعود بجلب أفضل اللاعبين لبلوغ الهدف المنشود، وهذا ما حصل بعد تقاطر نجومٍ عديدين، مثل الأوروغوياني إدينسون كافاني والبرازيليين تياغو سيلفا ودافيد لويز والأرجنتيني إيزكيال لافيتزي...
لكن، هل يبدو باريس سان جيرمان قادراً على فعلها؟ الجواب قد لا يهضمه محبو هذا الفريق، إذ إن المباراة الأولى أمام أياكس أمستردام الهولندي (1-1)، أظهرت ضعف شخصية بطل فرنسا على الساحة الأوروبية، وهو سيعيش مشكلات أكبر بكثير عند مواجهته أحد الكبار، أقله قد يحصل هذا الأمر الليلة أمام عملاق يعرف كيفية تدمير شخصية خصمه.