6 نقاط من 6 ممكنة، هذه هي حصيلة تشلسي حتى الآن بعد مرحلتين من افتتاح الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم. بداية ولا أروع للفريق الأزرق الباحث عن عودة إلى القمة في الكرة الإنكليزية، هو الغائب عن الألقاب المحلية منذ عام 2012 عندما أحرز كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة بالتزامن مع لقب دوري أبطال أوروبا قارياً، فيما هو غائب عن لقب «البريمييرليغ» منذ عام 2010.
طبعاً، لا يزال القطار الأزرق الذي يقوده البرتغالي جوزيه مورينيو، في بداية الرحلة ولم ينطلق بعد بسرعته القصوى، لكن الفريق اللندني نجح بتحقيق الأهم، وهو حصد انتصارين أمام فريقين ليسا من القمة، هما بيرنلي (3-1) وليستر سيتي أول من أمس بهدفين نظيفين. غير أن من المهم القول هنا إن «البلوز» عانى في الموسمين الماضيين بسقطاته أمام فرق من نوعية هذين الفريقين، وهذا ما أبعده عن منصات التتويج على الأراضي الإنكليزية.
بطبيعة الحال، الحديث عن لقب «البريمييرليغ» لا يزال مبكراً، مبكراً جداً، وحتى الحديث عن هوية المنافسين يبدو مستحيلاً، لكن من غير المعقول عدم التوقف عند القوة التي بات يمتلكها تشلسي والتي، دون مبالغة، لم يُظهر سوى ربعها حتى الآن.

تعاقدات جوزيه مورينيو في الصيف زادت من قوة تشلسي، إن في التشكيلة الأساسية أو الاحتياطية


فلنبدأ من مباراة السبت. كل شيء كان جميلاً في ملعب «ستامفورد بريدج». اللون الأزرق الفاقع يطغى على المدرجات، أما على العشب الأخضر فأحد عشر لاعباً يحلم بهم أي مدرب: في المرمى البلجيكي ثيبو كورتوا، وفي الدفاع الإسباني سيزار أزبيليكويتا وجون تيري وغاري كاهيل والصربي برانيسلاف إيفانوفيتش، وفي الوسط الإسباني فرانسيسك فابريغاس والصربي نيمانيا ماتيتش والبرازيلي أوسكار والبلجيكي إيدين هازار والألماني أندري شورله، وفي الهجوم الإسباني دييغو كوستا.
شوط أول لم يكن بالمستوى المأمول، رغم السيطرة الزرقاء. أما الشوط الثاني، فمعاكس كلياً، مع أداء هجومي بعد أن سمع اللاعبون في الاستراحة، بالتأكيد، «ما يسرّ خاطرهم» من الـ«سبيشيل وان»، ليفتتح كوستا التسجيل بعد متابعة على دفعتين لإمرار عرضية من المميز ايفانوفيتش، ومن ثم يأتي الدور على هازار ليقول كلمته الجميلة باختراقة وتسديدة... فهدف ثانٍ.
وبعد هذين الهدفين، دخول للعاجي ديدييه دروغبا بعد عودته إلى صفوف الفريق حيث وقف الجميع في «ستامفورد بريدج» مصفقين ومرحبين بلاعبهم الأزلي، والمحصلة: مشهد جميل اختُتم عليه يوم الزرق في لندن.
هو يوم فرح لتشلسي صادف السبت إذاً، لكن ماذا ينتظر هذا الفريق في بقية الأيام، وما أطولها في الملاعب الإنكليزية، وما الذي سيصادف الفريق فيها؟
الحديث عن «البلوز» ينطلق من سوق انتقالات مورينيو. «الداهية»، كما يلقب، كان، بحق، داهية في التعزيزات التي أبرمها في هذا الصيف: كوستا وفابريغاس والبرازيلي المميز فيليبي لويس باتوا يرتدون القميص الأزرق، والحارس الواعد كورتوا عاد إلى الفريق بطلب من «مو». أصاب مورينيو بتعاقداته. المباراتان الأوليان تؤكدان ذلك: هدفان سجلهما كوستا، ومثلهما صنعهما فابريغاس، وأكثر منهما أنقذها كورتوا، فيما لويس ينتظر فرصته التي أخّرها تألق أزبيليكويتا.
إذاً، انتقالات ولا في الأحلام تضاف إلى تشكيلة من عالم الأحلام يمتلكها مدرب تحلم به كل الفرق، والنتيجة: نحن أمام تشلسي الأحلام.
يكفي فقط التوقف عند مقعد بدلاء «البلوز» لإعطاء الصك لهذا الوصف. تخيلوا أن تشلسي يمتلك فريقاً آخر من الاحتياطيين: من الحراسة بوجود المميز التشيكي بتر تشيك والخبير الأوسترالي مارك شفارزر، إلى الدفاع الذي يضم لويس والفرنسي الصاعد كورت زوما (يبلغ طوله 1,90 م) القادم من فترة إعارة إلى سانت اتيان في بلاده والذي اختارته صحيفة «ذا غارديان» البريطانية الشهيرة بين أفضل عشرة لاعبين صاعدين في أوروبا. أما في الوسط والهجوم، فهنا العجب العجاب: البرازيليان ويليان وراميريش والنيجيري جون أوبي ميكيل والهولندي ماركو فان جينكل والإسباني فرناندو توريس والمصري محمد صلاح ودروغبا.
ماذا بعد عن نقاط قوة تشلسي الأخرى؟ الحديث عن وجود أهم لاعبي العالم في التشكيلتين الأساسية والاحتياطية يكفي لاختصار قوة «البلوز»، لكن يجدر التوقف هنا عند السن الصغيرة لهذه التوليفة، وهذه نقطة شديدة الأهمية في موسم يتطلب نفَسَاً طويلاً ولاعبين يتمتعون بالقوة البدنية والحماسة. في تشلسي هذا هو المتوافر بالضبط.
وإذا كان الفريق يمتلك لاعبين متجانسين في كافة الخطوط ومن الأفضل في العالم وبدلاء لهم على مستوى عالٍ، فإن الميزات الأخرى التي يمتلكها مورينيو والتي بدت واضحة في المباريات التحضيرية والمباراتين الأوليين في الدوري الإنكليزي الممتاز تبدو عديدة. الحديث هنا طبعاً هو عن التكتيكات المتنوعة في دفتر خطط الـ«سبيشيل وان» عبر إمكانية صناعة اللعب والخطورة من المنتصف من خلال لاعبين «خلاقين» كفابريغاس وأوسكار، أو عبر الأطراف من خلال الأظهرة العصرية بوجود ازبيليكويتا وايفانوفيتش ولويس، وأمامهم أجنحة سريعة ومهارية بوجود هازار وشورله وويليان، فضلاً عن القدرة على اللعب بـ«لامركزية» هجومية عبر إتقان كوستا تبادل المراكز من خلال العودة إلى الوراء أو الاختراق من الجناح، أو اللعب بمهاجم صريح بوجود دروغبا وتوريس، أو بمهاجم وهمي هو شورله الذي نجح في هذا المركز نجاحاً منقطع النظير مع منتخب ألمانيا المتوج بطلاً للعالم.
إذاً، تشلسي على أتم الاستعداد والقوة للموسم الجديد. ما هو واضح، أو على الأقل متوقع، أن ثمة الكثير من العجائب ستخرج من أزرق لندن طوال الموسم، وأن ثمة الكثير مما سيقوله ويقرره ملعب «ستامفورد بريدج» في نهاية هذا الموسم.