هنا الحديث عن نوعية اللاعب الآسيوي الذي قد يوافق على القدوم للعب في لبنان، وعلى مدى قدرته على صناعة الفارق من الجانب الفني، وعلى مدى استفادة النادي منه وتالياً الدوري.
سوريا والعراق أوّلاً
بوصلة الأندية ستتجه بلا شك الى سوريا والعراق تماماً كما هو الحال في الماضي البعيد عندما شكّل الدوري اللبناني ملاذاً مثيراً للاهتمام لنجوم البلدين الذين تركوا بصماتٍ لا تنسى فيه. لكن الحال تغيّر في المواسم القريبة الماضية لسببين، أوّلهما ان اللاعب السوري او العراقي المميّز شقّ طريقه باتجاه بطولات آسيوية اعلى مستوى وتحديداً تلك التي تؤمّن مبالغ كبيرة في منطقة الخليج العربي. أضف الى نقطة اخرى ان اللاعب العادي من البلدين المذكورين ظهر بمستوى اقل من اللاعبين اللبنانيين، فكانت الهجرة عكسية والدليل استعانة عددٍ لا بأس به من الفرق العراقية بلاعبين من لبنان واعتمدتهم كأجانب وسط تسجيلهم نجاحات متقطعة شجّعت على الاستمرار في التفكير بهم.
بوصلة الأندية ستتّجه أوّلاً إلى سوريا والعراق بحثاً عن لاعبٍ أجنبي آسيوي
أما من الناحية السورية، فإن التجارب الأخيرة التي شهدناها في الأعوام العشرة الماضية لا تشجّع على المضي نحو التفكير باللاعب السوري أوّلاً، اذ باستثناء لاعب النجمة والعهد السابق عبد الرزاق الحسين ومواطنه احمد الصالح الذي وقّع حديثاً للبرج بعدما لعب للعهد ايضاً وساهم بفوزه بكأس الاتحاد الآسيوي عام 2019، سجّل الدوري اللبناني صفقاتٍ غير موفّقة كثيرة بدأت من ثنائي النجمة: رجا رافع وعبد الرزاق حسن، ومرّت بلاعب الصفاء تامر الحاج محمد (ولو انه كان سيئ الحظ بسبب الإصابات التي طاردته)، وأيضاً بالمهاجم عبد الرحمن عكاري، وصولاً الى علاء حمادة خلال الموسم المنتهي.
الواقع ان وجهة الفرق اللبنانية لا بدّ ان تتغيّر على هذا الصعيد، اذ لم يعد بالإمكان ايجاد لاعبين متاحين من طينة الحارس السوري ماهر بيرقدار ومواطنه عساف خليفة، ولا من مستوى لاعب الوسط العراقي ليث حسين او مواطنه هوار ملا محمد. أما السبب فهو ان قلّة سجّلت نجاحات خارجية استحقت من خلالها الحصول على عقودٍ اكبر في بطولات أهم، امثال الثنائي السوري عمر السومة وعمر خريبين. أما الأكثرية الساحقة فتكشف سجلاتهم مدى عدم استقرار مستواهم بدليل توقيعهم لعددٍ غير قليل من الأندية.
الأردن خيار مثالي
إذاً عدم القدرة على إيجاد آسيويين بنفس مستوى أسلافهم من البلدان المحيطة، يخلق مشكلة خيارات فعلية للأندية اللبنانية التي لا يمكنها الاتجاه نحو دول الخليج لإيجاد ضالّتها، ولا حتى باتجاه شرق آسيا لإغراء أي لاعب، اذ حتى بلدانٍ متواضعة كروياً تستطيع تأمين المبالغ غير البسيطة لإبقاء لاعبيها، وضمّ لاعبين لبنانيين كأجانب، بدليل ما شهدناه حديثاً بانتقال المهاجم احمد حجازي الى النيبال حيث ظهرت الملاعب بحلّة تعكس قدرةً مادية داعمة للتطوير.
لذا قد يكون افضل الخيارات مثلاً اللاعب الأردني اذا ما أخذنا بعين الاعتبار مقارنةً بين الدوري في الأردن ومستوى المنتخب والفرق، وبين أقرب البلدان اليه، لكن هذا السوق لم تذهب اليه الأندية اللبنانية غالباً، وبقي افضل ما قدّمه كان لاعب النجمة خالد سعد الذي انضم الى «النبيذي» عام 2008 ليفوز معه بالدوري لاحقاً.
ويتفق مدرب العهد السوري رأفت محمد مع هذا الكلام، ولو أنه شدّد في اتصالٍ مع «الأخبار» على أن «المسألة لا ترتبط بالجنسية، بل بحسن اختيار اللاعب المناسب الذي يمكنه التأقلم مع الأجواء اللبنانية، والقادر على تقديم الإضافة الفنية وصناعة الفارق. لقد لعبت في الاردن وفي سوريا ودرّبت في لبنان، لذا أجد ان اللاعبين الأردنيين والسوريين هم الأقرب للانسجام مع البيئة اللبنانية».
ويضيف المدرب الذي قاد العهد الى لقبه التاسع في الدوري: «قد تبدو الأولوية لاستقدام لاعبٍ أردني مثلاً، لكن هناك صعوبة لاستقدام اللاعبين الدوليين من الأردن في ظلّ ما يتقاضونه هناك وحالة الاستقرار التي تعيشها اللعبة. لا أخفي أنني تواصلت مع 3 لاعبين أردنيين دوليين، لكن أيّاً منهم لم يبدُ متحمساً للّعب في الدوري اللبناني».
وكشف محمد لـ«الأخبار» أنه يفاوض الآن اسماً سورياً معروفاً يلعب في احدى الدول الخليجية، وقد قطعت المفاوضات شوطاً جيّداً، مضيفاً: «اللاعب السوري لديه قبول اكثر للاحتراف في لبنان، لكن فنيّاً الأولوية يجب ان تكون لاستقدام لاعبٍ يملك مستوى اعلى من اللاعب المحلي ولديه بشكلٍ رئيسي الإمكانية المهارية الجيدة وهو نوع اللاعب الذي تفتقده الغالبية الساحقة من الفرق اللبنانية».
بكل الأحوال لا يخفى أن الاعتماد على لاعبٍ آسيوي كأجنبي اضافي سيكون له ارتدادات ايجابية في الموسم المقبل ومستقبلاً، وخصوصاً بعدما بدا واضحاً ان عدداً من لاعبي الدوري اللبناني حضروا في الدرجة الأولى لإكمال صفوف فرقهم من دون ان يكون لهم التأثير الفعلي في نتائجها العامة.