فرض ريال مدريد نفسه رقماً صعباً في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، إثر تألقه اللافت ضمن بطولة دوري الأبطال. تفوّق صريح يعود إلى عوامل مختلفة، أبرزها متانة خط الوسط المكوّن من لوكا مودريتش، توني كروس وكاسيميرو. ومع بداية انتهاء الحقبة الثلاثية، تنصبّ الأعين على رئيس النادي فلورنتينو بيريز، الذي يستعد لتقديم الشعلة إلى ثلاثي جديد شاب وواعد. الريال يحارب على أكثر من جبهة، وأهمها بالنسبة إليه هو دوري الأبطال، حيث تعادل في نصف نهائي الذهاب مع مانشستر سيتي على أرضه بهدف لمثله، وسيكون مطالباً بالحسم منتصف الأسبوع في لقاء العودة
في آخر تسع نسخ من دوري أبطال أوروبا، تُوّج ريال مدريد بطلاً للمسابقة خمس مرات، ليرفع رصيده إلى 14 بطولة بالمجمل كرقم قياسي. «هيمنة» لم تكن لتحصل لولا التوازن في خط الوسط بالدرجة الأولى.
التحوّل الجوهري حصل بعد إعادة كاسيميرو من فترة إعارةٍ في بورتو، وإشراكه أساسياً من قبل زين الدين زيدان عام 2015. شخصية زيدان نجحت في إقناع فلورينتينو بيريز باللاعب البرازيلي وأهميته بالنسبة إلى الفريق، لينتهي الأمر بكاسيميرو شريكاً لمودريتش وكروس في الوسط.
يُعرف كاسيميرو بوظائفه كلاعب ارتكاز تقليدي، يقطع الكرات ويقلل من هجمات الخصوم مع بذله جهوداً مضاعفة لتغطية المنطقة خلف الأظهرة عند الهجوم، ما يعطي زملاءه راحة في التقدم. مشاركة اللاعب البرازيلي في الوسط أدت إلى تحرير كروس ومودريتش اللذين زادت معدّلات صناعتهما للأهداف. هكذا، فرض الثلاثة أنفسهم كأحد أفضل خطوط الوسط في العالم، إن لم يكن أفضلهم.
بعد النجاح اللافت، أخذ ريال مدريد يفكّر في تعويض الثلاثي على مراحل. بدأ الأمر بالتخلّي عن كاسيميرو لمصلحة مانشستر يونايتد، ويبدو أن مودريتش (37 عاماً) وكروس (33 عاماً) لن يعمّرا كثيراً في قلعة سانتياغو برنابيو.
بديل كاسيميرو على المدى البعيد قد يتمثّل باللاعب إدواردو كامافينغا. انضم الشاب الفرنسي إلى ريال مدريد في اليوم الأخير من سوق الانتقالات الصيفية لعام 2021، لكنه عانى حينها في اقتحام التشكيلة الأساسية ضمن مركزه كمتوسط ميدان نظراً إلى زحمة النجوم. ورغم مشاركته أخيراً في مركز الظهير الأيسر، يبقى المركز المفضل لكامافينغا هو وسط الملعب المدافع أو محور الوسط، ما سيمثل بديلاً استراتيجياً لكاسيميرو يمكن الاعتماد عليه في المستقبل القريب.
بعدها بعام، وقّع ريال مدريد مع فرنسي آخر، هو لاعب وسط موناكو السابق أوريليان تشواميني في صفقةٍ تجاوزت قيمتها الإجمالية 100 مليون يورو باحتساب المتغيرات. يملك الفرنسي قدرات استثنائية في ما يتعلق بالقدرة الدفاعية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تشواميني في الهجوم بشكل هائل، ما يمكّنه اللعب في أكثر من مركز. هكذا، أصبح ريال مدريد يمتلك تشواميني إلى جانب مواطنه كامافينغا لإعادة هيكلة خط الوسط، من دون إغفال وجود الأوروغوياني المتألّق فيديريكو فالفيردي.
ومع ذلك، يبدو أن مساعي بيريز لن تتوقف عند الثلاثي الشاب، إذ يشير العديد من التقارير إلى اقتراب ريال مدريد من حسم التعاقد مع لاعب الوسط الإنكليزي جود بيلينغهام من بوروسيا دورتموند الألماني. يُعدّ ابن الـ 19 عاماً من أبرز الأسماء الواعدة في عالم كرة القدم حالياً، ما جعل ريال مدريد يستعدّ لضمّه مقابل 100 مليون يورو.
هي نهاية حقبة مقابل بداية أخرى. بيريز يقتنص الأسماء الشابة في الوسط لتعزيز منظومته بأفضل اللاعبين الواعدين في العالم. سوف يكون منتظراً رؤية كيفية إقحام المدرب للاعبين الشباب ضمن التشكيلة الأساسية على المدى الطويل، ومدى نجاحهم في قيادة ريال مدريد محلياً وأوروبياً، وخاصة في دوري الأبطال.