كان تجنيس أومري سبلمان أشبه بالفوز بلقبٍ كبير، إذ في ظل الأوضاع الراهنة في البلاد وغياب رئيس الجمهورية بدا وكأن هناك شبه استحالة لتحقيق هذه الخطوة حتى تصاعد الدخان الأبيض من مقر وزارة الداخلية والبلديات فصدرت الهوية اللبنانية للاعب وتالياً جواز سفره الذي يؤمل أن يأخذ منتخبنا بعيداً في رحلة كأس العالم التي عاد إليها بعد غيابٍ طويل.صحيح أن منتخب لبنان سبق واستعان بالعديد من المجنّسين للعب ضمن صفوفه، وكان أفضلهم طبعاً جو فوغل الذي غيّر من مفهوم كرة السلة وطريقة مقاربة لاعبي الارتكاز للمباريات بعدما تألق من كل المسافات، لكن وصول سبلمان إلى صفوف «رجال الأرز» يبدو مختلفاً بالنظر إلى نوع كرة السلة التي يلعبها هذا النجم، وإلى قدراته التهديفية المميّزة، والى أسلوبه الذي يلتقي بشكلٍ كبير مع الشكل العصري للعبة والتحديات التي تفرزها، وهي ستكون كثيرة بغض النظر عن الخصوم الذين سيواجههم لبنان في مجموعته حيث ينتظر عملية سحب القرعة لمعرفة هوياتهم.

هداف من طراز رفيع
طبعاً سمعة سبلمان سبقته إلى لبنان، فهو الفائز بلقب دوري الجامعات الأميركية (NCAA) مع جامعة فيلانوفا في عام 2018، وهو الذي خاض 96 مباراة في أقوى بطولة لكرة السلة في العالم أي الدوري الأميركي للمحترفين (NBA)، 46 منها مع أتلانتا هوكس و49 مع غولدن ستايت ووريرز بطل الموسم الماضي.
تكفي مشاهدة لقطات له عبر «يوتيوب» للتأكد من أنه سيكون نقطة قوة كبيرة في المنتخب اللبناني فهو من طينة اللاعبين الذين يمكنهم القيام بكل شيء على أرض الملعب من خلال انطلاقاته السريعة في المسافة كاملةً، وتصويباته الدقيقة من داخل وخارج القوس، وطابعه «المتفجّر» تحت السلة وفي الاختراقات التي ينهيها غالباً بطريقةٍ استعراضية مثيرة للدهشة.
سبلمان من طينة اللاعبين الذين يمكنهم القيام بكل شيء على أرض الملعب


من هنا، تولد قناعةٌ بأن استفادة فنيّة كبيرة تنتظر المنتخب عند وصول سبلمان، فهو ببساطة صاحب السيرة الذاتية الأهم الذي يرتدي ألوان لبنان، والخبرة التي حصدها في الملاعب الأميركية بدايةً، ما يساعده بشكل كبير للتأقلم مع المجموعة الغريبة عنه، والتي تبدو بحاجةٍ إلى هذه النوعية من اللاعبين.
لاعب قيادي وهداف وحاسم في آنٍ معاً، يلعب دور البطل في اللحظات الحساسة ويأخذ الأمور على عاتقه، تماماً كما فعل القائد السابق فادي الخطيب، وحديثاً أفضل لاعب في كأس آسيا الأخيرة وائل عرقجي، الذي ورغم قدرته وزميله سيرجيو الدرويش على تأمين تسجيل النقاط، يبقى المنتخب بحاجةٍ إلى إضافةٍ هجومية تزيد من الفعالية مع تغيّر شكل اللعبة حيث تتمتع المنتخبات العالمية بوجود هدّافين كثر على أرض الملعب بعيداً من وجود أي لاعبٍ بدورٍ محدود.

الاندماج في المجموعة
واللافت أن لبنان لم يعتمد على مجنّس في مركز لاعب الارتكاز حيث يُنتظر أن يكون الاعتماد الأساسي على علي حيدر، وهي مسألة ستلعب تركيبة الفريق الدفاعية دوراً في تظهيرها بأفضل شكلٍ ممكن لتعويض أي نقصٍ تحت السلة.
هذا العمل سيكون منوطاً بالجهاز الفني لخلق مجموعة متماسكة ومتفاهمة دفاعياً خصوصاً أن التجربة في المونديال ستكون مختلفة تماماً عن تلك التي خاضها المنتخب في كأس آسيا حيث شاركت أقوى منتخباتها مثل أوستراليا ونيوزيلندا بالصف الثاني، وهو أمرٌ لا تفعله بالتأكيد المنتخبات المونديالية المنتظر أن تكون حاضرة بنجوم الصف الأول.


ويعلّق مدرب المنتخب جاد الحاج على هذه النقطة بالقول: «سبلمان كان الخيار الأفضل أمامنا، ويمكننا الاعتماد على حيدر وكريم عز الدين في المركز رقم 5، وسنعتمد بشكلٍ كبير على المداورة (روتايشن) والضغط الدفاعي، فيكون الحلّ عبر نظام اللعب العام».
بكل الأحوال معرفة سبلمان بكرة السلة الآسيوية جيّداً وطريقة لعب منتخباتها وهو الذي ينشط حالياً مع فريق أنيانغ كوريا جينسنغ الكوري الجنوبي، ستساعد كثيراً في التحدي الآخر المتمثّل بكيفية دمج اللاعب الجديد سريعاً في نظام اللعب، وأيضاً في المقاربة الدفاعية حيث يفترض إيجاد التوازن بين أدائه الهجومي الرهيب ومستواه الدفاعي الذي لا يمكن مقارنته بما يفعله أمام سلة الخصوم.
ولا يشكك الحاج في إمكانية اندماج لاعبه الجديد سريعاً في المنظومة قائلاً لـ «الأخبار»: «الأمر المميّز في هذا المنتخب هو أن الكل اصبح يملك نفس الشخصية الدفاعية، ولا أجد مانعاً دون انغماس سبلمان بهذه الشخصية، فهو لاعب لديه الخبرة الكبيرة ويستطيع تعويض عدم لعبه مع المنتخب منذ فترةٍ طويلة، لذا لا تقلقني مسألة تأقلمه مع بقية اللاعبين». ويضيف: «لدينا حوالي الشهر من التحضير للاستحقاق العالمي، وهي فترة كافية مبدئياً لخلق كيميائية بينه وبين زملائه، وخصوصاً أننا سنخوض أقله 8 مباريات وديّة، ستكشف لنا الكثير من نقاط القوة وتلك التي سنعمل عليها بشكلٍ حثيث».