«فضيحة كروية مدوّية»، «خسارة كارثية»، «مهزلة كروية في أوزبكستان». عناوين تصدرت الصحافة القطرية واجتاحت الشارع الرياضي في أعقاب خسارة منتخب الشباب (1-9) أمام أستراليا، في ختام مشاركة سيئة ودّع خلالها من الدور الأول بطولة كأس آسيا للشباب ما دون الـ 20 عاماً لكرة القدم.جاء الوداع المبكر للعنابي في البطولة التي تستضيفها أوزبكستان حتى 18 الشهر الحالي في سياق سلبي تعيشه الكرة القطرية منذ خروج المنتخب الأول بثلاث هزائم متتالية من كأس العالم التي استضافها على أرضه للمرة الأولى في الشرق الأوسط أواخر العام الماضي. كما تلقّى الدحيل، متصدر الدوري القطري، خسارة مذلة على أرضه أمام الهلال السعودي (0-7) في نصف نهائي دوري أبطال آسيا.
وبخسارته مبارياته الثلاث أمام إيران (0-1)، فيتنام (1-2) واستراليا (1-9)، سجل العنابي، بطل 2014، أسوأ مشاركاته في كأس آسيا للشباب التي بدأها في تايلاند عام 1980 حين حلّ وصيفاً لكوريا الجنوبية، ما شرّع له الأبواب وقتذاك أمام الإنجاز الأفضل في تاريخ الكرة القطرية بحلوله وصيفاً لألمانيا الغربية في كأس العالم للشباب في أستراليا 1981. وشهدت آخر مشاركات العنابي في بطولة آسيا للشباب 2018 بلوغه نصف النهائي قبل الخروج أمام كوريا الجنوبية.
وتستضيف أوزبكستان البطولة التي انطلقت عام 1977، بعد غياب خمس سنوات نتيجة إلغاء نسخة 2020 على خلفية جائحة كورونا.

المدرب يتحمل المسؤولية
وبينما اتفق المحللون والنقاد على تحميل المسؤولية الأكبر للمدرب الإسباني إينياكي غونساليس أباديا (34 عاماً)، دعا الإعلامي في قناة الكأس خالد جاسم إلى عدم القسوة على اللاعبين الشباب، بوصفهم نواة لمنتخب جيد مستقبلاً. واعتبر محمد مبارك المهندي، عضو الاتحاد القطري لكرة القدم سابقاً، أن «المنتخب يضم خامات ممتازة لكن الانسجام كان مفقوداً». وقال المهندي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «القيادة الفنية بدت ضعيفة. مدرب المنتخب لا يتمتع بالخبرة الكافية لكي يقود منتخب الشباب. وعندما يكون المدرب قليل الخبرة، سينعكس ذلك على اللاعبين». واستلم أباديا «عنابي الشباب» منذ آب 2021، بعد قيادته لفريق أكاديمية أسباير التي انضم إليها في صيف 2019، قادماً من تجربة طويلة مع الفئات العمرية في نادي أتلتيك بلباو. ويعزو المهندي (57 عاماً) سوء النتائج أيضاً إلى المشاركة الضعيفة للاعبين في الدوري المحلي، قائلاً: «المنتخب يملك نجوماً لكنهم غير مفعّلين وأغلبهم كانوا مبتعثين في إسبانيا». وأضاف: «لم يلعبوا كأساسيين مع فرقهم هناك وافتقدوا خوض المباريات التي توفر لهم الخبرة والاحتكاك، فالمشاركة الفعلية في المباريات تختلف تماماً عن مجرد المشاركة في التمارين».
وضمت قائمة المنتخب في البطولة أربعة لاعبين شاركوا في معايشة طويلة مع ناديين تمتلكهما أكاديمية أسباير: ثلاثة مع كولتورال ليونيسا الإسباني ولاعب مع أويبن البلجيكي، فضلاً عن لاعبين مع الكوركون الإسباني.

«الكفاءات الوطنية مطلوبة»
في أعقاب الإخفاق، أظهر الناشطون القطريون على مواقع التواصل الاجتماعي قلقهم على مستقبل المنتخب الأول، فغرد الإعلامي علي عيسى على تويتر: «إذا بتسميها مصيبة فهي مصيبة، وإذا بتقول كارثة فهي كارثة الكوارث»، وتابع: «النتائج في منتخبات الفئات السنية شيء معيب في حق بلد منتخبها الأول حامل لقب كأس آسيا». وتساءل المغرد بندر آل شافي: «إلى متى المجاملات والصمت عن هذه الهزائم المتكررة»، فيما تمنى اللاعب الدولي السابق مشعل عبدالله «إعادة النظر في موضوع أسباير».
ويُنظر إلى أكاديمية أسباير التي تأسست عام 2004، بوصفها المُصدّر الأول لمنتخبات الفئات العمرية في قطر. لكن المدرب الوطني عبد القادر مغيصيب بدا واثقاً أن هذا الجيل من اللاعبين سُيثري الأندية القطرية في المستقبل القريب. ويعتبر مغيصيب الذي يعمل محاضراً في إدارة التطوير في الاتحاد القطري لكرة القدم، أن ما حدث في أوزبكستان سيخضع للتقييم، وأن القائمين على الاتحاد الذين وضعوا أركان عمل بالشراكة مع أسباير، هم أدرى بما حصل. وقال مغيصيب (57 عاماً): «امتلك المدرب قاعدة جيدة لكنه لم يوفق في مساعدة اللاعبين للتعبير عن شخصيتهم». وأضاف في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أن ثمة دوراً للجانب النفسي. عند فقدان الكرة لا تجد تكاتفاً، وعند الاستحواذ لا ترى تناغماً». ويشير مغيصيب الذي عمل مدرباً في الفئات السنية في أندية السد والجيش (الدحيل حالياً بعد دمجه مع لخويا)، أن «التوظيف لم يواكب طموح اللاعبين كما أن المدرب لم يوفق في مساعدة اللاعبين على منحهم الحلول». ولاحظ مغيصيب أن أسباب تراجع الثلاثي الهجومي المبتعث إلى إسبانيا، أحمد الراوي، مبارك شنان وراشد عبد العزيز، تتلخص بعدم المشاركة في المباريات، «المواقف هي التي تصنع اللاعب»، داعياً أيضاً إلى الابتعاد عن المعسكرات الطويلة والمرهقة. وإذ يرى مغيصيب أنه «يفضل تواجد أحد الكفاءات الوطنية في الجهاز الفني للمنتخبات»، دعا محمد مبارك المهندي إلى أن يكون المدرب الوطني حلقة وصل «حتى يوصل المعلومة بشكل أفضل وأسرع».