لم يكن إعلان مدرب تشلسي البرتغالي جوزيه مورينيو اكتفاءه بالتعاقدات التي أبرمها سوى خبر مطمئن انتظره نادي أتلتيكو مدريد الاسباني وجمهوره، إذ إن الـ«مو» امتص دماء الـ«روخي بلانكوس». تشلسي خطف نجم أتلتيكو دييغو كوستا والبرازيلي فيليبي لويس، وبينهما استعاد حارسه المعار البلجيكي تيبو كورتوا، ما جعل أتلتيكو يذهب إلى ترميم صفوفه من جديد بعد عميلة بناء طويلة قام بها المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني.
لا يمكن القول إن سيميوني ضيع جهوده، أو إن مورينيو قضى على الفريق الذي أخرجه من دوري الأبطال الموسم الماضي، على الأقل ليس الآن. فالبطولة الإسبانية على وشك الانطلاق والأموال التي حصل عليها أتلتيكو جراء وصوله الى نهائي دوري الابطال والفوز بالدوري المحلي ساعدته ولا تزال في التعاقدات.
طبعاً الأموال ذهب بعضها لسد الديون التي تثقل خزينة النادي منذ سنين، وأخرى لإبرام التعاقدات، لكن نادي العاصمة يعلم أن ما خسره يصعب تعويضه، لأن المستوى الفني لأولئك الذين رحلوا أعلى من الذين قدموا.
«الأتليتي» فرّط فيهم في وقت كانت تأمل فيه بعض جماهير العاصمة أن يستمر مسلسل النجاحات عقب ما تحقق في الموسم الماضي الاستثنائي. اللاعبون الثلاثة الذين رحلوا كانوا بمثابة العمود الفقري، لكنهم ليسوا الوحيدين، حيث ودّع دافيد فيا العاصمة الى نادي نيويورك سيتي، وانتقل دييغو ريباس إلى فنربخشه التركي. انتقالات بالجملة حصلت لا شك في أنها ستؤثر سلباً في المستوى العام للفريق، لكن العزاء في أن خط الوسط لا يزال على حاله، إضافةً إلى التعاقد مع بعض اللاعبين، فحلّ الحارس السلوفيني جان أوبلاك مكان كورتوا، والكرواتي ماريو ماندزوكيتش مكان كوستا، والظهير الأيسر البرازيلي غييرمي سيكيرا مكان لويس. كذلك انضم المهاجم الأرجنتيني أنخيل كوريا لتعويض فيا، في صفقة قد تنهار بالنظر الى مرض اللاعب والشكوك الكبيرة حول إمكان استمراره في عالم الكرة.
التعاقدات لم تنته، لكن الجهد الذي بذله سيميوني ليصل الى ما وصل اليه غير معلوم مدى استمراريته بنفس المستوى. أمام سيميوني تحدٍّ صعب، وخصوصاً في ظل التعريزات القوية لغريميه ريال مدريد وبرشلونة. وتصرفه في سوق الانتقالات ينم عن ثقة كبيرة بقدراته، وإذا ما استمر نجاحه، فسيعيد التأكيد أن الأندية تُبنى بالعقول لا بالأموال فقط. فشلت لغة المال وحكمت لغة العقل. جوزيه مورينيو أثبت ذلك مع ناديه بورتو البرتغالي الذي أطلق منه نجوميته، ولا يزال حتى الآن مستمراً بنفس التخطيط. يبدو «السبيشال وان» سعيد بما حققه من تعاقدات حتى الآن، وفي صفقاته الثلاث الأخيرة، إضافة الى سيسك فابريغاس من برشلونة، بات يملك الخبرة وعنصر الشباب في نفس الوقت. صفوفه امتلأت، ما يعني أن كلامه عن إنهائه البحث عن لاعبين جدد صحيح.
إذا ما استمر سيميوني في تحقيق النجاحات ولو نسبياً، يعني الحفاظ على مستواه العام من دون الاحتفاظ باللقب، فهذا يعني أن جمهور الكرة أمام تجربة شبيهة بتجربة يورغن كلوب مع بوروسيا دورتموند، الذي ما إن يكتشف أو يصنع لاعباً مميزاً، حتى تسحبه الأندية الكبرى، لكنه دون ذلك تبقى حاله كما هي، منافساً على المراكز الأولى.