من المعروف أنّ اعتلاء منصات التتويج مرتبطٌ باستقرار النادي إدارياً وفنياً، وهو أمرٌ يتم بناؤه تدريجاً داخل قلعة ستامفورد بريدج بالعاصمة البريطانية لندن. الألقاب رافقت تشيلسي في أغلب مواسم الإدارة السابقة، بقيادة كل من مارينا غرانوفسكايا وبيتر تشيك تحت ملكية الروسي رومان أبراموفيتش. اشتُهر «البلوز» حينها بكثرة إقالة المدربين عند تراجع النتائج بهدف البقاء في دائرة المنافسة. آخر مشاريع الإدارة السابقة قادها المدرب الألماني توماس توخيل، الذي حقق خلال بضعة أشهر من موسم 2021 ـ 2022 لقب دوري أبطال أوروبا، ومن بعده كأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية. وفي الوقت الذي بدا فيه أن الجهاز الإداري والمالك قد وجدوا ضالتهم بالمدرب توخيل، دَخَل تشيلسي بأزمةٍ مع الحكومة البريطانية، على خلفية ربط اسم رومان أبراموفيتش بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال العملية العسكرية في أوكرانيا التي انطلقت في شباط الفائت ولا تزال مستمرة.هنا، تغير كل شيء. تم عرض تشيلسي للبيع وفازت مجموعة قادها الأميركي تود بولي بأحقية الشراء. أسابيع قليلة بعدها ظهر خلالها بولي في الوسط الإعلامي الرياضي أكثر مما ظهر أبراموفيتش طيلة حقبته في تشيلسي، والتي امتدت بين عامَي 2003 و 2022.
كان بولي واضحاً في أقواله وأفعاله. أراد تغييراً هيكلياً شاملاً في النادي للمنافسة أكثر على الألقاب. قام في بادئ الأمر بحل مجلس الإدارة السابق، ثم عزَلَ المدرب توماس توخيل وعيّن مكانه الإنكليزي غراهام بوتر في أكبر اختبار للأخير خلال مسيرته التدريبية. بولي وشركاؤه يسعون حالياً إلى السير على نهج مانشستر سيتي عبر امتلاك أسهم في أكثر من نادٍ بهدف تمويل صفقات «البلوز» من دون خرق قوانين اللعب المالي النظيف، كما التركيز على المواهب الشابة مناصفةً مع فريق السيدات. كل هذا لن يحدث بين ليلةٍ وضحاها، المشروع بحاجة قبل أي شيء إلى الوقت.
يجب تصفية اللاعبين الذين لا يتناسبون مع عقلية المدرب غراهام بوتر


يبدو أن الإدارة الجديدة بدأت تأخذ شكلها النهائي. ما ينقص الفريق حالياً هو الثبات الفني. أبدى الملّاك مراراً وتكراراً ثقتهم بالمدرب بوتر، الذي سيقود المشروع طويل الأمد.
وبعيداً عن حاجة بوتر للاعبين يتناسبون مع أفكاره، يجب بالدرجة الأولى تصفية النادي من العناصر «غير المجدية». سياسة الإدارة السابقة بتغيير المدربين مراراً وتكراراً ولّدت عدداً كبيراً من اللاعبين الذين لا تتوافق إمكاناتهم ووظائفهم مع المدرب الجديد. خط الهجوم يبدو «عقيماً» في تشيلسي، والوسط الذي لم يتغير كثيراً في آخر أربعة مواسم، بقيادة أنغولو كانتي وماتيو كوفاسيتش وجورجينيو، أصبح مكشوفاً أمام الخصوم، ما أضعَفَ تباعاً الخط الخلفي. لا شكّ بأن الإصابات الكثيرة التي تضرب لاعبي النادي أخيراً لعبت دوراً بارزاً في تراجع النتائج، غير أن التغيير شبه الشامل، دفعةً واحدة، كان له الأثر الأكبر.
بدأ النادي بدعم المنظومة تدريجاً منذ الصيف، وهو بصدد القيام بصفقاتٍ تخدم الحاضر والمستقبل. تم استقدام بعض اللاعبين خلال الأيام الماضية، أبرزهم مهاجم أتلتيكو مدريد جواو فيليكس على سبيل الإعارة وجناح شاختار الأوكراني ميخايلو مودريك. وقدم فيليكس أداء مبشراً في مباراته الأولى مع النادي اللندني ضد فولهام، والتي طرد في شوطها الثاني نتيجة الاندفاع الزائد.
يبدو أن الأسابيع المقبلة سوف تكون مزدحمة في سوق الانتقالات، على أن يتخذ الفريق تشكيلاً واضحاً بعد انتهاء الموسم، حيث قد يتم التخلي عن عدد كبير من اللاعبين واستقدام آخرين يتناسبون مع نظرة النادي والمدرب.
مشروع تشيلسي واعد، بغض النظر عن النتائج الكارثية أخيراً، لكنه يتطلب الوقت الكافي لتصحيح الأمور قبل التفكير في اعتلاء منصات الألقاب مجدداً، كما يجب على بوتر أن يطوّر من نفسه. التقييم الحقيقي يبدأ من الموسم المقبل.