أثبتت مرحلة السداسيتين في الدوري اللبناني مدى أهمية التعاقد مع عنصرٍ أجنبي بحيث أن اللاعبين الوافدين إلى لبنان لعبوا أدوار البطولة في مبارياتٍ كثيرة، وهو أمر ازداد أخيراً مع استئناف الموسم وخصوصاً بعدما بدّلت بعض الأندية من أجانبها، وذلك في وقتٍ واصل أجانب آخرون تألقهم رافعين أسهمهم أكثر في البطولة، ما يجعلهم حتى هدفاً لأنديةٍ في محيطنا العربي.187 هدفاً شهدها الدوري حتى انقضاء الجولة الثانية من سداسيتَي الأوائل والأواخر (بينها 5 أهداف عن طريق الخطأ)، سجّل منها الأجانب 66 هدفاً (بينها هدف واحد عن طريق الخطأ)، وهي أهداف توزّعت بمجموع 49 هدفاً للمهاجمين، 7 أهداف للاعبي الوسط، و10 أهداف للمدافعين، ما يعني أن تأثير لاعبي الخطوط المختلفة يبدو واضحاً وإيجابياً.

المهاجمون نجوم الحسم
نهاية الأسبوع الماضي تؤكد هذا الكلام، فالمباريات الثلاث في دورة التصفية النهائية للأندية الأوائل حسمها اللاعبون الأجانب، إذ سجّل الاسكوتلندي لي إروين هدفي العهد في مرمى شباب الساحل، ومثله فعل متصدر ترتيب الهدافين حالياً وهداف الدوري مرتين السنغالي الحاج مالك تال (17 هدفاً) بثنائيته أمام البرج، مكرراً ما فعله في المواجهة الأولى بين الفريقين، بينما كان الوافد الجديد إلى النجمة البرازيلي جيفينيو العلامة الفارقة بين فريقه ومضيفه الشباب الغازية مسجلاً هدف المباراة الوحيد.
كما عرفت سداسية الأواخر مشهداً مشابهاً، إذ باستثناء التضامن صور الفائز على الإخاء الأهلي عاليه بهدفين محليين كونه استغنى سابقاً عن كل أجانبه، كرّر الكونغولي موغبايا دو ديو ما فعله في مباراته الأولى مع طرابلس عندما قاده إلى أول فوزٍ له هذا الموسم بتسجيله في مرمى الصفاء، إذ كان صاحب هدف الفوز في «دربي الشمال» أمام السلام زغرتا، ليجد الطرابلسيون ضالتهم بعد غيابٍ عن فرحة الانتصارات امتد لـ 11 مرحلة.
الأجانب يعكسون عمق المشكلة التي تعاني منها الأندية منذ زمنٍ طويل وتالياً المنتخب


أما المباراة الثالثة فكان بطلها لاعب أجنبي آخر وهو السنغالي بوكونتا سار الذي سجّل ثنائية، بينها هدف قاتل ليهزم الحكمة الصفاء (2-1)، محققاً أول فوزٍ له منذ 14 تشرين الأول الماضي، وللمفارقة ذاك الفوز كان على الصفاء (3-1) أيضاً وبفضل الهداف نفسه الذي سجل وقتذاك هدفين ومرر كرة حاسمة.
طبعاً يعكس أداء الحاج مالك ومواطنه سار وغيره من المهاجمين الأجانب عمق المشكلة التي تعاني منها الأندية منذ زمنٍ طويل وتالياً المنتخب، وهي تتمثّل بالافتقار إلى رأس الحربة الهداف، لدرجةٍ أصبح محبو المنتخب يتمنون لو أنه كانت هناك إمكانية لتجنيس لاعبٍ بإمكاناتهما الفنية على صورة ما فعلته بلدان كثيرة حول العالم، ومنها العربية والآسيوية على رغم تعداد شعبها الكبير على غرار الصين التي جنّست عدداً لا بأس به من اللاعبين البرازيليين وخصوصاً المهاجمين.

المدافعون هدافون
لكن وسط استحالة هذا الموضوع لاعتباراتٍ عدة في الفترة الحالية وربما المستقبلية، أكدت الكثير من المباريات الفوارق الفنية بين عددٍ لا بأس به من اللاعبين المحليين ونظرائهم الأجانب في مراكز أخرى، أمثال خط الدفاع الذي لم يقتصر دور المستقدمين من الخارج لتعزيزه على حماية المرمى، إذ إن مدافعاً مثل الغاني ريتشارد بافور بدا أكثر من مجرد لاعب صلب، فهو بأهدافه الأربعة هذا الموسم منح فريقه البرج أربعة انتصارات عندما ساهم بفوزه على الشباب الغازية في المرحلة الثالثة، ومن ثم قاده بهدفه إلى التغلب على التضامن صور في الجولة الخامسة، قبل أن يهزّ شباك الحكمة في الثامنة ليفوز فريقه مجدداً، ويسجّل رابع أهدافه في «دربي الضاحية الجنوبية» الأخير الذي انتهى بالتعادل مع شباب الساحل 1-1.
واللافت أن لاعبين أجانب استغنت عنهم الفرق بين مرحلتَي البطولة، لكنهم أثبتوا قبل أن يغادروا مدى قدرة العنصر الأجنبي على الحسم، وقد شهدت مباريات عدة هذا الأمر منها في الأسبوع الثالث عندما سجل الكونغولي جان باليكي هدف الفوز للنجمة أمام الإخاء، ومن ثم كرّرها في فوز «النبيذي» على السلام زغرتا (2-1) بعد أسبوعين، وأيضاً عندما لعب النيجيري صمد قادري دوراً رئيساً في فوز العهد على الحكمة (3-2) في الجولة الأخيرة من الموسم العادي، بينما اتضح التأثير السلبي لغياب الغاني ستيفن سارفو عن فريق البرج، وهو الذي كانت له بصمته في انتصارَي فريقه على الصفاء والإخاء توالياً. أما السنغالي أدرامي ديالو وعلى رغم توقّف عداد أهدافه عند 4 مع الصفاء، فإن ثلاثةً من هذه الأهداف حملت النقاط الكاملة للفريق إثر توقيعه على ثنائية في مواجهة الإخاء (3-1) في الأسبوع الثاني، وعلى هدف الفوز أمام التضامن صور في الأسبوع الذي تلاه.