الدوحة | أحدهم، أنشأ منذ سنوات، موقعاً إلكترونياً، باسم «Messivsronaldo». ليس هناك أي أخبار في الموقع. هناك موضوعان فقط، واحدٌ عن ليونيل ميسي، والثاني عن كريستيانو رونالدو. باقي ما في الموقع، إحصائيات شاملة لكل ما قدّمه نجما الأرجنتين والبرتغال في مسيرتهما، لكنه لا يُظهر إحصاءات كل لاعبٍ على حدى، بل يُقارنهما طوال الوقت. إذا طلبت عدد أهداف رونالدو من خارج منطقة الجزاء في دوري أبطال أوروبا خلال موسمٍ معيّن، عليك أن ترى أرقام ميسي في البطولة عينها وخلال الموسم نفسه.أهداف ميسي من ركلاتٍ حرة؟ موجودة، وكذلك أهداف رونالدو. الأرقام القياسية التي كسرها رونالدو؟ تفضّل، ومعها الأرقام التي كسرها ميسي.
(أ ف ب )

المقارنة بين اللاعبين خُلقت منذ سنوات، بخاصة بعد انتقال رونالدو إلى ريال مدريد، ليلعب في الدوري الإسباني، حيث برشلونة، نادي ميسي الأوّل وما قبل الأخير. مقارنةٌ خلقها الإعلام أوّلاً. كان لا بُدّ من أن تكون هناك منافسة بين لاعبَين، ولو أنّهما لا يلعبان في المركز عينه. لا بُدّ من وجود مادة دسمة للإعلام والتسويق والمال والأعمال والجمهور. مارادونا وبيليه يُبعثان من جديد. وهذه الحقبة، شارفت على النهاية، واليوم، يبدأ البحث عن نجمين جديدين، ومُعسكريَن.
في قطر، خلال المونديال، يُردد الجمهور الأرجنتيني أنشودة صارت على لسان الجميع. يقولون فيها إن «مارادونا أكبر من بيليه»، بالقيمة طبعاً. البرازيلي لم يلعب في عصر الأرجنتيني. اعتزل بعد عامٍ على بداية مشوار مارادونا، لكن المقارنة جائزة لدى الجمهور والإعلام. أساساً، هذان النجمان، يُقارنان مع رونالدو وميسي اليوم، في السؤال الكبير الذي له إجابة عند الجميع: من أفضل لاعب في العالم؟ لكن بطبيعة الحال، لكل بلدٍ نجم، ولا بُد من أن تكون هناك مقارنة بين نجمين كبيرين في البلدين الجارَين. هذه المقارنة لم تُخلق بين ميسي ورونالدو البرازيلي، ولو أنّهما لعبا لسنوات في فترةٍ زمنيّةٍ واحدة، فكان رونالدو البرتغالي، القادم إلى الدوري الأكثر شُهرةً في العالم، ومن إنكلترا، إلى إسبانيا، حيث صار الـ«كلاسيكو» الحدث الأضخم.
لم تكن المنافسة شديدة بينهما على الصعيد الدولي كما في الأندية


بعد 2009، عقب تحقيق برشلونة السداسيّة التاريخية، وانتقال رونالدو إلى ريال مدريد، كان سهلاً على أيّ إعلاميّ أو صانع محتوى، أن يضع اسميّ رونالدو وميسي في جملةٍ مفيدة، أو غير مفيدة على الإطلاق. رونالدو يُحطّم رقم فلان، ويقترب من ميسي. ميسي يُسجّل هذا الرقم من ركلات الجزاء، أقل من رونالدو. رونالدو يُسجّل قفزة قياسيّة ويُسجّل رأسيّة، وميسي قفز ذات مرة أمام الحارس العملاق «إدوين فان دير سار» وسجّل برأسه. الأرقام غزت مواقع التواصل الاجتماعي، وتسلّلت إلى المقالات الصحافيّة. الكل يُقدّم ما يريده الجمهور، الذي خلقه الإعلام أيضاً. رونالدو نفسه، عرف أنه لا يُمكن أن يبقى في المنافسة مع ميسي، من دون أن يُحجّمها، بعدد الأهداف حصراً، ولذلك، تغيّر دوره في الملعب، وبدلاً من أن يكون الجناح البرتغالي المهاري في لشبونة ومانشستر وأول أيّام مدريد، أصبح «الماكينة التهديفية» التي لا تهدأ، وهكذا نجح. لم تعد المقارنة بعدد المراوغات أو التمريرات الحاسمة أو صناعة الفرص، بل بالأهداف فقط، وهذه، تأتي بالألقاب الفرديّة والجماعيّة.

المقارنة بين ميسي ورونالدو خُلقت منذ سنوات (طلال سلمان)

لم يفز رونالدو بكأس العالم، لكنّه حقّق لقبي اليورو ودوري الأمم الأوروبي. ميسي فاز بكوبا أميركا مرة واحدة فقط. لم تكن المنافسة شديدة بينهما على الصعيد الدولي كما في الأندية، أو في ناديين تحديداً، ريال مدريد وبرشلونة. بقيَ كأس العالم الحدّ الفاصل بينهما؛ اللقب النّاقص، الذي إن توّج أحدهما به، يتفوّق على الآخر، برأي كثيرين. لم يحصل ذلك مع رونالدو، ومن الممكن أن يحصل مع ميسي الذي بات قريباً منه بعد أن تأهّل إلى النهائي.
اليوم تبدأ نهاية حقبة هذين النجمين، ويبدأ البحث عن آخريَن. كيليان مبابي وإيرلنغ هالاند مثلاً. على المال أن يجمعهما في دوريّ واحد. أو جود بيلينغهام وجمال موسيالا، شرط أن يخرجا من ألمانيا. لا إعلام كبير هناك، ولا استثمار ضخم كما في إسبانيا وإنكلترا. رحلة البحث عن معسكرَين، ماركا وسبورت، أديداس ونايكي، شامبو ضد القشرة ومشروب غازي. موعدٌ مع الاستثمار في نجميَن، وخلق عداوة رياضية بين جمهورين. العالم ينتظر المولودين حديثاً والصيحة الجديدة، لكن ذلك لن يوقف المنافسة الأبديّة، بين لاعبَين، قد نراهما بالبدلة بعد الاعتزال النهائي، فتكون، أرماني وغوتشي.