قبل انطلاق الموسم الجديد في كرة القدم اللبنانية، قلّة من المتابعين توقعوا أن يكون عنوان اللقاء بين البرج والأنصار هو الصراع على الصدارة. لكن متصدر الترتيب العام حالياً فرض معادلةً جديدة في البطولة، ليكمل ما سعى إليه في الموسم الماضي عندما اجتهد لمنافسة العهد على اللقب، قبل أن يسجّل تراجعاً إلى حدٍّ ما في المراحل الأخيرة ليخطف منه الأنصار الوصافة في نهاية المطاف.المفارقة هنا هي أن «الزعيم» هو الوصيف قبل انطلاق المرحلة السابعة، وهو الذي يطارد صاحب العلامة الكاملة في أول ٦ مباريات، والذي سيبقى في الصدارة حتى لو خسر هذه المواجهة.
قمّة جماهيرية مرتقبة غداً بين البرج والأنصار (طلال سلمان)

مواجهةٌ ترمي بثقل ضغطها على الفريقين، إذ إن البرج ليس معتاداً على الوقوف في هذا المركز، وهو الذي عاد حديثاً منافساً عنيداً لكبار الدوري، لكن يبدو الإصرار لديه حاضراً لإسقاط كل تلك الأقاويل التي تحدثت عن ترتيب «غير حقيقي» للدوري على اعتبار أن البرجيين لم يواجهوا أحد الكبار حتى الآن.
لكن بغض النظر عن هذا الكلام يبدو هذا الفريق بلا شك واثقاً من نفسه أكثر من أي وقتٍ مضى، خصوصاً بعدما وجد التوازن بين الدفاع والهجوم (سجّل ١٣ هدفاً وهزّت شباكه ٣ أهداف)، والدليل على هذا الكلام الدور المؤثر الذي لعبه قلبا الدفاع مثلاً، الغاني ريتشارد بافور (مدافع الإسماعيلي المصري السابق)، وخضر حلاّق في حسم العديد من المباريات، إن كان من خلال تسجيلهما للأهداف أو من خلال قيادتهما للمنظومة من الخلف، أو من خلال إيقاف مفاتيح الفرق المنافسة.
اجتهاد البرج يبدو ملحوظاً، وعزّزه عمل إدارته بذكاء في ما خصّ التعاقد مع العنصر الأجنبي حيث استقدم مهاجمين سبق أن اختبرا معنى اللعب في الدوري اللبناني هما الغانيان ستيفن سارفو ودينيس تيتيه، لكن اللافت أكثر أن العنصر المحلي بدا الأكثر تأثيراً في نتائج الفريق خلال محطاتٍ عدة، لا بل إن العنصر الشاب له دوره المؤثر بشكلٍ كبير والمتمثّل بالمهاجم محمد صادق الذي يحتل وصافة الهدافين حالياً بـ ٥ أهداف خلف مهاجم الأنصار السنغالي الحاج مالك تال صاحب الـ ٨ أهداف.
خضة داخلية في الأنصار مرّت على خير بعد تطويقها سريعاً


هذا الأخير هو آخر من يقلق الجهاز الفني الأنصاري، إذ إنه لا ينفك يسجّل الأهداف مباراةً تلو الأخرى، متجهاً نحو إنجازٍ تاريخي يتمثّل بإحرازه لقب هداف الدوري للمرة الثالثة في مسيرته، وهو إنجازٌ لم يسبقه عليه أي لاعب محلي أو أجنبي آخر في تاريخ الدوري.
طبعاً الأنصار قدّم عروضاً قوية واضعاً نفسه كصاحب أفضل هجوم (سجّل ١٨ هدفاً مقابل ٤ أهدافٍ دخلت مرماه) مع عودة قائد المنتخب اللبناني حسن معتوق إلى التألق أيضاً، مسجلاً ٥ أهداف. لكن هناك ما قد يثير القلق، إذ إن الأخير بدا غير راضٍ عن استبداله في المباراة الأخيرة، وهي مسألة مشابهة كادت تزعزع استقرار الفريق بعد تغيّب النجم الآخر نادر مطر عن التمارين في مطلع الأسبوع بسبب عدم رضاه عن عدد دقائق اللعب التي يخوضها.
لكن بين مكتب رئيس النادي النائب نبيل بدر وملعب الأنصار حُلّت الأمور ومرّت الخضة الداخلية على خير بعد تطويقها سريعاً، إذ إن حنكة وخبرة المدرب جمال طه تجعله مدركاً لكيفية استيعاب نجومه والحفاظ على الهدوء ضمن مجموعته خلال مرحلةٍ حساسة جداً من عمر البطولة.
لكن رغم ذلك تبدو التحديات حاضرة أمام «الغزال الأسمر»، ومنها في ما خصّ إشراك التشكيلة الأنسب، وهو الذي حرص في أوّل ٦ مراحل على إشراك الشبان لتسجيل دقائق لعبهم، معطياً الثقة لحارس المرمى هادي كنج، وللمدافع ماكسيم عون، على حساب الحارس الأساسي نزيه أسعد، ووسط غياب الخبير حسين الدرّ.
حسابات طه ستكون بالتأكيد دقيقة لهذه الموقعة، إذ «ممنوع الغلط» حتى لا يبتعد البرج أكثر ولو أن الفارق الحالي بين الفريقين مقبول لأنه في حال بقيت الأمور على حالها سيتقلّص من ٤ نقاطٍ إلى نقطتين في ختام المرحلة الأولى بحسب النظام الجديد المعمول به في الدوري هذا الموسم.
إذاً الأنظار ستكون مسلّطة بشكلٍ كبير على أرض الملعب واللاعبين والمدربَين، لكن تركيزاً كبيراً سيكون محيطاً أيضاً بالطاقم التحكيمي للمباراة الذي سيكون أمام تحدّي إيصالها إلى برّ الأمان وسط توقّع ارتقاء مستوى النديّة إلى أعلى الدرجات، وهو أمر بلا شك سينعكس أيضاً على الحضور في المدرجات حيث كان جمهور الفريقين قد بدأ منذ أيام يجهّز ويحشد لهذه المواجهة المهمة إلى أبعد الحدود.



العهد وصيفاً مؤقتاً بعد عناء

(طلال سلمان)

رغم النتيجة الكبيرة التي حققها العهد بفوزه على الصفاء 4-0، في افتتاح المرحلة السابعة من الدوري، فإن المباراة التي أقيمت على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب في جونية، لم تكن على قدر الآمال فنيّاً.
مواجهة بدا فيه الطرف الفائز أفضل لكنه لم يعرف الطريق إلى المرمى الذي أغلقه الخاسر بكل لاعبيه، ومن دون أن يبادر حتى إلى تسديد أي كرةٍ باتجاه الحارس مهدي خليل.
الملل الذي أصاب المتابعين لفترةٍ لا بأس بها من اللقاء، كسره احتساب ركلة جزاء لبطل الموسم الماضي، سجّل منها في الدقيقة 67 نجمه محمد حيدر بكرة قوية إلى يسار الحارس ربيع الكاخي، وهي «البنالتي» الثالثة على التوالي التي يوقّع عليها هذا الموسم. وحسم العهد النقاط الثلاث في ظرف 17 دقيقة، إذ أضاف هدفاً ثانياً في الدقيقة 77 بواسطة محمد قدوح، إثر تمريرة بينية من حيدر، ومن ثم ثالثاً في الدقيقة 84 عبر قائده حسين دقيق إثر كرة عرضية متقنة من الظهير الأيمن حسين زين.
واختتم البديل النيجيري صمد قادري مسلسل الأهداف في الدقيقة 92، إثر هجمة مرتدة قادها قدوح، ليرفع حامل اللقب رصيده إلى 16 نقطة ويرتقي إلى المركز الثاني مؤقتاً، بينما تجمد رصيد الصفاء عند 8 نقاط في المركز السادس بعدما لقي خسارته الثانية على التوالي.
وتستكمل المرحلة اليوم بلقاء النجمة والشباب الغازية الذي سيقام عند الساعة 15.00 في ملعب أمين عبد النور في بحمدون، والذي سيستضيف السبت في التوقيت نفسه مباراة الإخاء الأهلي عاليه والسلام زغرتا. وبعيداً من قمّة السبت بين البرج والأنصار، يشهد يوم الأحد مباراتين عند الساعة 15.00 أيضاً، الأولى بين طرابلس وضيفه شباب الساحل على ملعب رشيد كرامي البلدي، والثانية بين التضامن صور وضيفه الحكمة على ملعب بلدية صور.