الأرجنتين في نصف نهائي كأس العالم لأول مرة منذ عام 1990 بعد فوزها على بلجيكا 1-0. انتصار ثبت من خلاله أن الأرجنتين الفائزة بكل مبارياتها حتى الآن يتحسّن أداؤها مباراة بعد أخرى، وقد بدا ذلك واضحاً أمام بلجيكا.
صحيح أن الأرجنتين لم تكن تلعب كرةً جذابة بسبب الحذر الذي طغى على أدائها، إلا أن التكتيك الذي اتبعه المدرب أليخاندرو سابيلا كان مبنياً على الواقعية والحذر، وخصوصاً بعد الهدف المبكر الذي سجلته ودافعت عنه طوال اللقاء. في الدقيقة الثامنة من المباراة، تلقى غونزالو هيغواين الكرة وسددها داخل الشباك.
هيغواين كان رجل المباراة، فخطف هذا اللقب من ليونيل ميسي الذي حازه في كل المباريات السابقة. أول من أمس، ظهر هيغواين على صورة خورخي فالدانو الذي كان المهاجم الوحيد في استراتيجية 5-3-1-1 التي اعتمدها كارلوس بيلاردو عام 1986، حيث وضع الأخير أمام دييغو أرماندو مارادونا، وهو الأمر عينه الذي نراه اليوم مع سابيلا عبر تمركز ميسي وهيغواين على أرضية الميدان. فالدانو، بالدور الذي لعبه، أنهى مونديال المكسيك بأربعة أهداف، بينها هدف في المباراة النهائية أمام ألمانيا، مع ميدالية ذهبية حول عنقه.
أنخيل دي ماريا ترك حزناً كبيراً بسبب إصابة خرج على أثرها من أرض الملعب، حيث سيغيب عن باقي مباريات منتخبه. أما النجم الآخر، ميسي، فقد كان حاضراً اسمياً فقط، لكن بدا أن ظهوره على أرض الملعب من دون أن يقدم أي شيء يكفي أيضاً لفوز منتخبه. وهنا التصويب على أن حضوره أثّر نفسياً وبشكلٍ مباشر على البلجيكيين. وقد اعترف بهذا الأمر نجم بلجيكا إيدين هازار حين قال إن منتخبه كان يخشى مواجهة ميسي. سقطت بلجيكا في فخ الرهبة وقلة الخبرة، كما سقط ميسي في أكثر من محاولة أمام شباك الحارس تيبو كورتوا. ففي أواخر اللقاء، انفرد ميسي بالأخير، لكنه وللمباراة الثامنة على التوالي فشل في التسجيل في مرمى العملاق البلجيكي، وهي مسألة لافتة إذا أخذنا معدل تسجيل ميسي في الأعوام الثلاثة الأخيرة حيث سجل ما معدله هدفاً في المباراة الواحدة، لكنه منذ كانون الأول 2012 لم يتمكن من هزيمة كورتوا.

سابيلا خلق توازناً في التشكيلة الأرجنتينية، وهو أمر أساسي في ظل اعتماده استراتيجية هجومية. لا مكان لاستعراض المهارات، إذ اعتمد الأرجنتينيون على تغطية بعضهم بعضاً دفاعياً. الكل يلعب للمجموعة، وحتى ميسي وضع نفسه في خدمة فريقه وحاول تنظيم اللعب في فتراتٍ عدة، وخصوصاً بعد ضياع زملائه بين اللعب في العمق أو على طرفي الملعب.

يرجح انتهاء
مونديال دي ماريا بعد تعرضه لإصابة في فخذه ترك على أثرها الملعب أمام بلجيكا


الأرجنتين تملك
لاعبين مهاريين أفضل من هولندا
المباراة أمام هولندا لن تكون سهلة على الإطلاق. وخصوصاً بغياب دي ماريا، حيث سيكون الأمر قاسياً على سابيلا، لأن جناح ريال مدريد الإسباني هو أكثر اللاعبين صناعة للفرص والتسديد على المرمى في المونديال الحالي، وإصابته تعني إصابة الأرجنتين بشللٍ تام على الجهة اليسرى، وقد بدا هذا الأمر جلياً بعد خروجه. أمام هولندا، قد يضطر سابيلا الى نقل إيزيكييل لافيتزي باتجاه الميسرة لتتحسّن الأمور بعض الشيء.

هولندا ــ كوستاريكا

في المباراة الأخرى، بين منتخبي هولندا وكوستاريكا، قدّم الطرفان أداءً تكتيكياً عالياً، الأول هجومي، والثاني دفاعي. الكرة كانت عادلة، إذ استحقت «الطواحين الهولندية» الفوز والوصول الى نصف النهائي للمرة الثانية على التوالي، والخامسة عامةً، وذلك عبر ركلات الترجيح التي انتهت «برتقالية» بنتيجة 4-3 (الوقتان الأصلي والإضافي 0-0).
ستكون المواجهة بين هولندا والأرجنتين الخامسة بينهما في العرس العالمي، وفيها تميل الكفة للمنتخب البرتقالي الذي فاز مرتين 4-0 في الدور الثاني في مونديال 1974، و2-1 في مونديال فرنسا 1998، مقابل تعادل واحد 0-0 في الدور الأول لمونديال 2006 في ألمانيا، وخسارة واحدة 1-3 بعد التمديد في نهائي 1978 في الأرجنتين.
من جهة الأرجنتين، الحلّ سيكون بسيطاً للعبور الى النهائي. وهو جعل الهولنديين ينشغلون بميسي، وبالتالي التركيز على الشق الدفاعي أكثر من الهجومي. بطبيعة الحال، الأرجنتين تملك لاعبين مهاريين أفضل من هولندا، وهذا ما قد يصنع الفارق. سيكون من السيئ أن تلعب الأرجنتين بخطة رجل لرجل لمراقبة مفاتيح هولندا، وخصوصاً أريين روبن، لأنه يتحرك في كل الملعب، وبالتالي من المستحيل اللحاق به طوال اللقاء، ما يسبب متاعب بدنية جمّة لأي مدافع.

أما القائد روبن فان بيرسي فهو سيواجه مدافعين مختلفين عما واجهه أمام كوستاريكا، وتحديداً مايكل أومانا الذي نجح في إيقافه مثلما نجح في تعطيل النجوم الموكلة إليه مهمة مراقبتهم من الأوروغوياني إدينسون كافاني، الى الإيطالي ماريو بالوتيللي والإنكليزي واين روني.
على الصعيد التكتيكي، بات محسوماً أن ما يهم هو التأهل لا النتيجة الكبيرة أو الأداء. لذا، على ما يبدو ستلعب هولندا مدافعة بخمسة لاعبين، معتمدة على المرتدات، مثلما حصل مع إسبانيا في الدور الأول والتي انتهت بفوز رجال المدرب لويس فان غال 5-1. وفي حال وصول الطرفين الى ركلات الترجيح، فلا ضير بذلك من «ضربة المعلم» لويس فان غال بالدفع بالحارس البديل تيم كرول الذي دخل وتصدى لركلتي براين رويز وأومانا ليتمم المهمة.