لا يفرق كيف تبدأ المباراة، بل المهم كيف تنهيها. هذا هو العنوان العريض الذي يمكن الخروج به من مباراة هولندا أمام المكسيك. في حقيقة الأمر، المكسيك لم تلعب مطلع المباراة على نحو رائع فحسب، بل يمكن القول إنها حتى الدقيقة 70 كانت الطرف الأقوى، لكن الدقائق الـ 20 الأخيرة كانت كفيلة بأن تقلب الحلم الى كابوس.
ما حصل أمس جاء ليؤكد أن في المراحل الحاسمة في بطولة ككأس العالم، لا تكفي الحماسة وحدها، وخصوصاً أمم المنتخبات الكبرى، بل إن بعض الجزئيات قد تجعل كل ما تحقق يذهب هباءً منثوراً.
ففي مدى 6 دقائق بين الدقيقة 88 والدقيقة 94 من الوقت بدل الضائع، ضاع كل ما فعله المكسيكيون، بل يمكن القول إنهم هم من تسببوا بهذه الخاتمة الحزينة، وتحديداً مدربهم ميغيل هيريرا الذي أخرج النجم جيوفاني دوس سانتوس أخطر لاعبي تشكيلته في الدقيقة 60 والذي افتتح التسجيل بتسديدة رائعة من خارج منطقة الجزاء (48)، مقابل قراءة صائبة من نظيره الهولندي لويس فان غال الذي أخرج النجم روبن فان بيرسي، الذي لم يكن في يومه على الإطلاق، وبول فيرهايغ، وزج بدلاً منهما كلاس يان هونتيلار (د. 76) وممفيس ديباي (د. 56) على التوالي، وهذا ما أدى الى تراجع المكسيكيين وأفسح المجال أمام هولندا للوصول الى مرمى غييرمو أوتشوا بعدما كانوا عاجزين عن ذلك إزاء الأداء الهجومي والضغط العالي للمكسيك بقيادة دوس سانتوس.
أمس، المكسيك كانت الطرف الأفضل معظم فترات اللقاء، والحارس أوتشوا تألق على نحو لافت كتصديه لتسديدة ستيفان دو فري التي وصلته من ركلة ركنية، فأبعدها بأعجوبة لتصطدم بالقائم الأيسر (57)، وكذلك لتسديدة أريين روبن بعد توغل في المنطقة (74)، وفان بيرسي لم يكن في يومه، والحرارة والرطوبة لم تخدما لاعبي «الطواحين» غير المعتادين هذه الأجواء، لكن في النهاية فاز الهولنديون وفي الدقائق القاتلة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على مدى أهمية الخبرة والحنكة في مثل هذه المواقف والظروف، وهذا ما تتميز به المنتخبات الكبرى، على عكس ما حصل مع المكسيك، وهو ما تظهره ركلة الجزاء التي «منحها» رافايل ماركيز _ المفترض أنه أكثر لاعبي المكسيك خبرة _ لهولندا عندما عرقل روبن في الوقت بدل الضائع، وسط طوق من مدافعي المكسيك والتي ترجمها هونتيلار بنجاح، بعدما كان ويسلي سنايدر قد أدرك التعادل في الدقيقة 88 من تسديدة صاروخية من داخل منطقة الجزاء بعد كرة لعبها له هونتيلار برأسه على «طبق من ذهب» من ركنية روبن.
أمس، لم تكن هولندا في يومها على عكس المكسيك، لكنها خرجت فائزة، وهذا الأهم، هنا مكمن قوة الكبار.