تركيزٌ كبير وعملٌ حثيث بعيداً من الإعلام كانا القاسم المشترك بين معسكرَي الأنصار والنجمة طوال الأيام الأخيرة. كلا الفريقين يعلمان تماماً أنه لن يكون مقبولاً بالنسبة إلى جمهوريهما العريضين الخروج بخسارةٍ وبموسمٍ خالي الوفاض. هي المسألة التي تضع ضغطاً كبيراً على الأنصاريّين، إذ بالنسبة إلى مشجعيهم لا يمكن أن ينهار الفريق ويفقد كل الألقاب التي حصدها في الموسم الماضي وامتداداً إلى مطلع الموسم الحالي، ودائماً على حساب النجمة.«الأخضر» كان قد عمل أصلاً بعد بدايةٍ متدهورة في الدوري اللبناني، على إعادة بناء تشكيلته التي اختُبرت فعلياً في كأس الاتحاد الآسيوي حيث فشل في التأهل عن مجموعته. هناك على الساحة القارية لم يكن الأنصار ينتظر الكثير، إذ إن عملية التعافي تحتاج إلى وقتٍ للمنافسة آسيوياً، لكن الفوز على النجمة ليس بالأمر البعيد المنال، وخصوصاً أن الجانب المعنوي يصبّ في مصلحة حامل اللقب 15 مرة (رقم قياسي) انطلاقاً من تفوّقه على غريمه التقليدي في المواجهات الحاسمة بينهما.
لكن الأنصار نفسه يعلم أنه في أسوأ أيام النجمة، تمكّن الأخير من التفوّق عليه، والعكس صحيح. لذا فإن مستوى التوتر قد لا يكون منخفضاً في المعسكر الأنصاري، حيث عمل المدرب الأردني عبد الله أبو زمع على جمع كل التفاصيل الفنية الخاصة بالخصم، وكان حريصاً حتى على متابعة مباراة «النبيذي» مع طرابلس التي كانت مؤجلة.
صحيحٌ أن هذه المباراة هامشية وقد لا تعطي فكرةً لأبو زمع حول ما يجول فعلاً في خاطر نظيره التونسي طارق جرايا، لكن أهميّتها تكمن في تعرّفه على مدى جهوزية خصمه بدنياً على الأقل، علماً أن هذه المباراة بالذات يمكن وضعها في خانة نقاط الأفضلية عند النجمة قبل «الديربي» لسببٍ بسيط، وهي أنها أبقت الفريق في جو المباريات التنافسية الرسمية التي افتقدها الأنصار، وهو الذي كان ينتظر مباراةً مؤجلة أيضاً، لكنها لم تُقم بسبب انسحاب شباب البرج من البطولة.
في الواقع قد لا يغيّر جرايا الكثير من أفكاره، فالتجربة الآسيوية التي أقصي منها النجمة، لم تكن معياراً نهائياً أيضاً بالنسبة إلى الفريق، على اعتبار أن الوضع أسهل وأوضح على الساحة المحلية.
في أسوأ أيام النجمة، تمكّن من التفوّق على الأنصار، والعكس صحيح!


هذه الساحة التي تشهد أنباءً جيّدة من الناحية النجماوية في الفترة الأخيرة، حيث يبدو أن الاستقرار يسود أروقة النادي مع الإعلان عن تمديد عقود لاعبين مؤثرين في الفريق، ولو أنه خسر عنصراً كان ليلعب دوراً مهماً وحاسماً في النهائي، وهو المهاجم محمود سبليني الذي كان أفضل هدّافي الفريق في الدوري بـ10 أهداف، قبل أن يضع توقيعه وبصمته على عقدٍ مع العهد بطل لبنان، الأمر الذي أثار الغضب النجماوي فكان الفراق قبل طيّ صفحة الموسم بشكلٍ كامل.
بطبيعة الحال، تشير المصادر إلى أن هذا الهدوء النجماوي يخبّئ وراءه غضباً لا يزال مشتعلاً تحت الرماد، وهو يرتبط بالجمهور المعارض للإدارة، والذي وافق على الهدنة من أجل عدم التشويش على تحضيرات الفريق لكأس الاتحاد الآسيوي ومن ثم لنهائي الكأس. لذا فإن هذه المباراة تحمل اعتبارات كبيرة وكثيرة لأن خسارتها قد تُعيد مشهداً هزّ الرأي العام الكروي ويتمحور حول الانقسام النجماوي والمطالبات الشعبية باستقالة رئيس النادي على وجه الخصوص.
بكل الأحوال، من المنطق القول إنه لا يمكن توقّع نتيجة مباريات الكؤوس التي تحمل مفاجآتٍ غالباً، وكذا لا يمكن تحليل الكثير في ما خصّ الجانب الفني للفريقين اللذين يقرأ كل واحدٍ منهما الآخر بشكلٍ جيّد، لتكون الكرة في ملعب كلٍّ من المدربين لاتخاذ القرارات الصحيحة على صعيد الخيارات في ما خصّ الأسماء التي يمكن أن تخدمه وتوصله إلى منصة التتويج.
تلك المنصة فتحت ممرها إلى «الزعيم» بعد تعادلٍ وركلاتٍ ترجيحية ابتسمت له في نهائي الموسم الماضي، وهي الخسارة التي لم يهضمها الغريم الشعبي حتى الآن، ويرى جمهوره أنها كانت غير عادلة، ما يعطي الموقعة قبل أن تبدأ زخماً تنافسياً استثنائياً، يمكن لمسه من كلام لاعبي الطرفين، ومن استعدادات جماهيرهما الأكبر في الرياضة اللبنانية للزحف نحو ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية ولو بأعدادٍ محدّدة، حيث سيكون العرس الختامي لموسمٍ حمل أحزاناً أكثر من الأفراح ويستحق بالتالي إنقاذه من قبل قطبَي بيروت قبل أنقاذ نفسهما.