انتهى دور المجموعات في بطولة كأس العالم في البرازيل. بلغة الأرقام، لُعبت 48 مباراة وسُجل 136 هدفاً بمعدل 2,83 هدف في المباراة؛ بينها 9 من نقطة ركلة الجزاء. بلغة الأرقام، شهدت المباريات 1,246 تسديدة باتجاه المرمى، و39,196 تمريرة و474 ركلة ركنية. بلغة الأرقام، ارتكب 1,367 خطأ ورُفعت 124 بطاقة صفراء و9 حمراء.
بلغة الأرقام، امتلكت هولندا أقوى خط هجوم بـ 10 أهداف تلتها كولومبيا بـ 9، وفرنسا بـ 8، فألمانيا والبرازيل وسويسرا بـ 7 أهداف.
بلغة الأرقام، كانت أوستراليا أضعف خط دفاع بـ 9 أهداف مناصفة مع الكاميرون، تلتهما هندوراس بـ 8، فإسبانيا والبرتغال بـ 7 أهداف.
بلغة الأرقام، كانت فرنسا الأكثر تسديداً على المرمى بـ 63 تسديدة، تلتها غانا بـ 56، فالبرتغال بـ 52.
بلغة الأرقام، تصدر الألماني توماس مولر والبرازيلي نيمار والأرجنتيني ليونيل ميسي لائحة الهدافين بـ 4 أهداف لكل منهم. بلغة الأرقام، كان النيجيري فينسنت إنياما أكثر الحراس تصدياً للكرات بـ 18 هجمة، تلاه الإكوادوري ألكسندر دومينغيز (17)، فالكاميروني شارل ايتاندجي (14).
بلغة الأرقام، كان الألماني طوني كروس أكثر اللاعبين تمريراً بـ 289 تمريرة، تلاه الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو (284)، فالألماني فيليب لام (279).
بلغة الأرقام، كان الهولندي دالي بليند والكولومبي خوان غييرمو كوادرادو أكثر اللاعبين صناعة للأهداف (3 أهداف).
كل هذه الأرقام تبدو مفهومة، لكن اللافت هو، طبعاً، ما ورد في الخانة الأخيرة، إذ إن اللاعبَين الأكثر صناعة للأهداف ليسا إلا ظهير أيسر (بليند) وجناح أيمن (كوادرادو)، وهذا ما يطرح بالتأكيد السؤال: أين صانع الألعاب التقليدي أو «الرقم 10 الأصلي» في مونديال 2014 بعد مرور الكم الأكبر من المباريات؟ الجواب: لا أثر له. وإذا ما عدنا بالذاكرة إلى المونديالات السابقة، فإننا سنقع على عدد كبير من «صناع اللعب» الذين عرفوا المجد انطلاقاً من المونديال: من الألمانيين وولفغانغ أوفيراث وتوماس هاسلر الى البرازيليين زيكو وريفالدو والفرنسيين ميشال بلاتيني وزين الدين زيدان والإنكليزي بول غاسكوين والروماني جورجي هاجي، وأخيراً في مونديال 2010 الهولندي ويسلي سنايدر. في المونديال البرازيلي، غاب صانع الألعاب التقليدي أو «الرقم 10 الأصلي» تماماً، والذي كان بالطبع يزيد المُشاهدة «حلاوة» لتمتعه غالباً بالمهارة الفنية والحلول الإبداعية والتمريرات الساحرة. ولعل هذا الغياب ينطلق من التغيُّر الخططي الذي استدعى توظيف المدربين لهؤلاء اللاعبين في غير مركزهم الحقيقي تلبية للتكتيك المعتمد، وهذا ما يمكن أن نراه في المنتخب الألماني حالياً على سبيل المثال، إذ إن صانع الألعاب «الرسمي» في «المانشافت»، هو النجم مسعود أوزيل الذي كان يترقبه كثيرون في هذا الحدث العالمي، إلا أن يواكيم لوف اعتمد على لاعب أرسنال الإنكليزي في مركز الجناح الأيمن، وهذا ما أسهم، على نحو كبير، بعدم ظهور أوزيل بقمة مستواه، وهي، بالمناسبة، مشكلة يعانيها هذا النجم منذ رحيله عن ريال مدريد الإسباني، حيث كان يلعب في مركزه الأصلي الذي أتاح له إبراز موهبته.
ما بات واضحاً أيضاً أن دور لاعب الارتكاز المبدع أو «العصري»، إذا صح وصفه، أو «الرقم 10 الوهمي»، إذا صحت تسميته، الذي يجيد الأداء الهجومي و«ضرب» الخصوم ومباغتتهم، بات مفضلاً لدى المدربين، سواء في الأندية أو المنتخبات على غرار لاعبين كالإيطاليين أندريا بيرلو ودانييلي دي روسي وماركو فيراتي والألمانيين طوني كروس وباستيان شفاينشتايغر وإيلكاي غوندوغان والبرازيليين باولينيو وفرناندينيو والفرنسي بول بوغبا والويلزي أرون رامسي والإنكليزي جاك ويلشير والإسباني تياغو ألكانتارا وغيرهم، أدى، بطبيعة الحال، إلى غياب دور صانع الألعاب التقليدي أو انتفائه بالأساس. وأكثر، ما يبدو مفارقة في هذا المونديال، أن مهاجمين يرتدون القميص «الرقم 10» خطفوا الأضواء حتى الآن، ولنا مثال في ذلك كريم بنزيما مع فرنسا وليونيل ميسي مع الأرجنتين ونيمار مع البرازيل، وهذا، بالتأكيد، ما زاد من مركز صانع الألعاب التقليدي، الذي اشتهر أصحابه بحمل هذا الرقم، نسياناً.