قبل أيامٍ قليلة خرج الاتحاد اللبناني لكرة السلة ببيانٍ معلناً إعادة العنصر الأجنبي بقوة بمعدل لاعبَين اثنين لكل فريق ابتداءً من الموسم المقبل، وذلك في موازاة العودة أيضاً إلى نظامٍ فني قديم مختلف عن النظام الحالي للبطولة.كل هذه القرارات تهدف بالأساس إلى إعادة الصورة السابقة للبطولة من حيث قوة المنافسة والاستعراض وغيرها من الأمور المثيرة التي تعيد الاهتمام إليها بالشكل الذي عرفته في أحلى أيامها.
لكن اللعبة عادت سنوات إلى الوراء أمس بصورةٍ سلبية، وهي ارتبطت تحديداً بمشهدٍ قديم بدا كلاسيكياً خلال مواسم عدة عرفت منافسة حامية الوطيس بين قطبي اللعبة الرياضي والحكمة. وقتذاك غلبت النزعة المناطقية، وأحياناً السياسة والطائفية كل الروح الرياضية والمنادين بها. لكن أمس لم يكن هناك أي داعٍ لحصول هذا الإشكال الكبير الذي عرفه ملعب المنارة، إذ إن المباراة ليست إقصائية أو نهائية بل إنها مجرد مواجهة عادية لن تؤثر منطقياً على تأهل الفريقين إلى المرحلة المقبلة من البطولة.
لكن رغم كل هذا كان التوتر حاضراً منذ البداية وشعر به كل الموجودين في الملعب، فأعاده البعض إلى الفوز الذي حققه الحكمة على حامل اللقب ذهاباً وتغنى به كثيراً ما استفز جمهور الرياضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأسابيع طويلة، وخلق مناوشات كلامية بين مشجعي الفريقين، انسحبت أمس توتراً حتى على أرض الملعب، بدأ عندما تلقى صانع ألعاب الرياضي علي منصور خطأين تقنيين أدّيا إلى طرده من المباراة.
لكن الفتيل الذي أشعل الأزمة كان قبل 1.7 ثانية على نهاية الربع الثالث حيث كانت النتيجة تشير إلى تقدّم أصحاب الأرض بفارق 4 نقاط (56-52)، فحصلت مشادة كلامية بين نجم الحكمة علي مزهر وأحد المشجعين، تطوّرت إلى إطلاق مشجعين شتائم من الاتجاهات المختلفة في الملعب الممتلئ، ما استدعى تدخل عناصر من مكافحة الشغب بقوة، وهو ما أثار رد فعل من جمهور الرياضي الذي بدأ برمي كل ما وصل إلى يديه باتجاه الملعب قبل أن يقتحمه محاولاً الوصول إلى لاعبي الحكمة وخصوصاً مزهر.
انسحب الحكمة من مواجهة الرياضي بعد اجتياح الجمهور للملعب


حالة الهرج والمرج اشتعلت من جوانب مختلفة ولم ترحم أحداً من الموجودين في الملعب وسط عجز عناصر قوى الأمن عن السيطرة على الوضع بسبب عددهم القليل الذي لا يلتقي مع حجم مباراةٍ من هذا النوع أو عدد الجمهور الكبير، وهي مسألة كانت مؤثرة على حلّ الإشكال الذي دفع إلى الطلب من لاعبي والجهاز الحكموي الدخول إلى غرف الملابس لتأمين لسلامتهم، لكن حتى نزول رئيس الاتحاد أكرم الحلبي للحرص على سير هذه المسألة لم يبرّد الأجواء، إذ اصطدم بكشّاف الفريق الأخضر جاد مبارك ليدخلا في مشادةٍ كلامية قاسية لا شك في أنها ستتسبّب بإيقاف الأخير لفترةٍ غير قصيرة.
ومع إخراج الجمهور من الملعب، رفض الحكمة بلسان رئيسه إيلي يحشوشي استكمال المباراة ليقرّ الحكام خسارة فريقه (0-20)، وذلك في وقتٍ أشار الحلبي إلى أن «هناك من يسعى إلى إيقاف البطولة وعدم استكمالها»، منتظراً بحسب قوله نتائج التحقيق من القوى الأمنية. كما أكد الحلبي أن الاتحاد سيجتمع بشكلٍ طارئ واستثنائي لاتخاذ قرارات حازمة «والبطولة ستستكمل ولو من دون جمهور أو في ملاعب محايدة». وهذا ما حصل فعلا، حيث قرر الاتحاد مساء امس، توقيف جمهور الرياضي 6 مباريات وتغريمه 500 وحدة ونقل مبارياته إلى ملعب محايد. اضافة الى تثبيت قرار الحكام بتخسير نادي الحكمة (20 - 0) مع الحق لنادي الحكمة الطعن أمام لجنة الإعتراض والإستئناف. هذا اضافة الى توقيف إداريين من الفريقين بناءً للمادة 148.
بطبيعة الحال، ما حصل لن ينتهي هنا، ولم يبدأ أيضاً هنا، إذ إن التوتر بين الحكمة والاتحاد كان حاضراً في أكثر من مناسبة، وتحديداً منذ الموسم الماضي مع إيقاف مدرب «الأخضر» جو غطاس، ومن ثم الكلام المتبادل في المجالس الخاصة، قبل أن يعلن يحشوشي قبل أيام قليلة بأنه يحمل في جعبته العديد من المسائل التي سيكشف عنها.