الكل يريد نهاية مسلسل القضية التي أرهقت وأوقفت كرة القدم اللبنانية بشقّ بطولة الدوري لأندية الدرجة الأولى. الكل استعد أصلاً لاستئناف البطولة من خلال نشاطٍ لافت خلال الشهر الماضي في سوق الانتقالات لاستقدام أجانب ولاعبين مغتربين أو من أصول لبنانية. والكل يؤمن بأن الموسم سيستكمل بعيداً من المشكلات غير المستحبّة، فكانت مواصلة الاستعدادات إيذاناً بصدور قرار مركز التحكيم الرياضي المفترض أن تتحرك من بعده عجلة اللعبة بشكلٍ طبيعي.وبين تشاؤم البعض وتفاؤل البعض الآخر، يُحكى أن زمناً قصيراً يفصل اللعبة الشعبية الأولى في لبنان عن ملاقاة مصيرها لموسم 2021-2022، وسط مطالبات من هنا ومن هناك بتسريع العملية لأن الجمود يضرب الأندية فنياً ومادياً، وهي تدفع ثمن مشكلة ثنائية أو ثلاثية الأطراف لا أكثر، أقلّه حتى هذه اللحظة.
الواضح أن طرفي القضية الموجودة في مركز التحكيم الرياضي يريدان نهايتها أو تسريع الوصول إلى نهايتها، فالعهد والاتحاد لن يحضرا جلسة الاستماع الشفهية النهائية التي كانت مقرّرة اليوم، ما يفتح الباب أمام الوصول إلى خلاصة استناداً إلى المعطيات التي تمّ جمعها، والقسم الأكبر منها أفرزته شهادات رئيس الاتحاد اللبناني المهندس هاشم حيدر، أمين سرّ نادي العهد الحاج محمد عاصي، رئيس نادي النجمة اسعد صقال، رئيس لجنة الحكام محمود الربعة، مراقب المباراة غاندي عبد الخالق، وحكم اللقاء حسين أبو يحيى.

مناورة نجماوية وردّ عهداوي
قسم يمين وشهادات سرد خلالها المعنيون قصة تلك المواجهة بين العهد والنجمة وما أفرزته من أحداثٍ ومن ثم قرارات، وما سبقها من أجواء، وذلك على غرار ما ورد في شهادة حيدر أمام المُحكّمة رندا عبود حول تلقيه أكثر من اتصال قبل المباراة من مدير مكتب وزير الداخلية المقدّم أيمن مشموشي، ومن ثم اتصالاً أخيراً قبل موعد انطلاق المباراة بقليل، حيث أبلغه الأخير بوجوب تأجيل اللقاء لأسبابٍ أمنية، ليقوم رئيس الاتحاد بإبلاغ الأمين العام جهاد الشحف الذي كان قد غادر ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية.
التأجيل الذي لم يحصل كان عنواناً لجولات من الأسئلة التي طرحتها عبود، والتي بادر إلى الإجابة عليها حكم المباراة أبو يحيى بأنه لم يُبلّغ بأي تأجيل، وبأنه لم يكن عرضةً لأي ضغوط للدخول إلى الملعب، شارحاً كما المراقب عبد الخالق الإجراءات الفنيّة التنظيمية لإقامة أي مباراة، ومنها إلزامية وصول الفريقين إلى الملعب قبل ساعة ونصف على صافرة البداية. هذا في وقتٍ سرد فيه عبد الخالق الأحداث التي حصلت في الملعب ومنها ما طلبه منه أحد الضباط بالتحدث إلى وزير الداخلية، فكان ردّه بأن عمله يرتبط فقط باتحاد الفوتبول الذي لم يبلّغه بإلغاء أو تأجيل المباراة، وتواصله حصراً يكون مع المعنيين في الاتحاد. وبعد الهرج والمرج ومحاولات منع فريق العهد من الدخول إلى الملعب، طلب من الحكام والفريق المذكور الدخول بشكلٍ طبيعي.
«الأخبار» تكشف تفاصيل حصرية من جولات الاستجواب للمعنيين بالقضية


تأكيد العهد لتفاصيل ما حصل كان عبر عاصي الذي سرد وجهة نظر ناديه بحسب القصة التي ردّدها مراراً عبر وسائل الإعلام، بينما تبرير غياب النجمة كان عبر شهادة رئيسه الذي حكى عن ظلمٍ يتعرّض له ناديه منذ أعوامٍ، وعن اعتراضات على هذا الظلم لم تلقَ آذاناً صاغية، مشيراً إلى أن التغيّب عن المباراة لم يكن وارداً بل عدم وصول الفريق إلى الملعب بشكلٍ مبكر كان من باب المناورة والضغط، وهو كان يقوم بعملية التحمية في ملعبه للذهاب إلى الملعب في حافلة قدّم فاتورة استئجارها إلى عبود، كاشفاً عن خطة «ب» تتمحور حول نقل اللاعبين على الدراجات النارية إلى الملعب في حالة زحمة السير!
وأفادت مصادر «الأخبار» بأن عبود سألت صقال إذا ما كان فريقه يعاني من أي إصابات بفيروس «كورونا» قبل المباراة، فأجاب بالنفي، وهو ما ردّ عليه العهد بإعلانٍ نجماوي عن إصابة الظهير الأيمن أندرو صوايا بالفيروس قبل يومين على إقامة المباراة، إضافةً إلى إعلان خضوع القائد علي حمام لعملية في الوجه قبل 3 أيام على إقامتها. كما أرفق العهد في لائحة ردّه تعميماً اتحادياً يذكر إقامة مباراة في إحدى الدرجات الدنيا على ملعب النجمة في فترة بعد الظهر التي تزامنت مع عملية التحمية المذكورة.

طلب لردّ القضية
واللافت أن النجمة دخل على خط الاعتراض العهداوي ضد الاتحاد من خلال مذكرة توضيحية قدّمها محاميه نادر المعلم، وانطلق فيها من المادة 7-3-11 من النظام الداخلي للاتحاد التي تفيد بأن قرارات لجنة الاستئناف تكون نهائية ومبرمة ولا تخضع لأي طريق من طرق الاعتراض إلا أمام هيئة التحكيم. كما أن قراراتها لا يمكن الطعن بها أمام محاكم أخرى. وبحسب المذكرة، هيئة التحكيم المذكورة هي تلك التابعة للاتحاد لا هيئة التحكيم الخاصة باللجنة الأولمبية اللبنانية، فكان الطلب النجماوي بردّ القضية (من مركز التحكيم الرياضي) لعدم الاختصاص.
وهذه النقطة لحظها العهد في لائحة ردّه على الاستجوابات التي وصلته، موضحاً بعدم وجود ما يسمّى «هيئة تحكيم» في الاتحاد بل لجنة انضباط ولجنة استئناف الانضباط فقط. وأضاف الردّ العهداوي بأنه لا يحق للنجمة إرسال أي مذكرة لأنه ليس طرفاً في القضية بل إن طرفيها هما نادي العهد ولجنة استئناف الانضباط التابعة للاتحاد. لكن على ما يبدو أن الطلب النجماوي جاء بسبب احتمال تضرّر النادي الشعبي من أي قرار يصدر عن مركز التحكيم، فكانت هذه الخطوة التي أشار العهد بأنها لم تلحظ اعتراضه المستوفي برأيه لكل الشروط الشكلية سنداً لأحكام تحكيم النظام الرياضي، ولمجلس التحكيم الذي يستمد قوانينه وأنظمته من قوانين اللجنة الأولمبية التي تضمّ كل الاتحادات الرياضية، وبالتالي بما أن اتحاد كرة القدم هو عضو فيها يعني أنه يلتزم بقراراتها التي تُعدّ ملزمة لكل الاتحادات المنضوية تحت لواء اللجنة الأولمبية.
ولم يغب التحكيم بتفاصيله عن «الاستجوابات» بحسب تسمية مركز التحكيم الرياضي، إذ إن الربعة فنّد الحالات التحكيمية التي اتخذ النجمة على أساسها قرار تعليق مشاركته في الدوري ومن ثم التغيّب عن المباراة، فأجاب عن سؤال حول ركلة الجزاء التي لم تُحتسب للإخاء الأهلي عاليه في مواجهة العهد، فأكد خطأ حكم المباراة وقرار الاتحاد بمعاقبته عبر إقرار إيقافه. كما شرح تحكيمياً حالة ركلة الجزاء التي احتُسبت للتضامن صور في لقائه مع النجمة والتي لقيت اعتراضات نجماوية كثيرة، ومهّدت الطريق للأزمة الحاصلة، فاستشهد برأي خبراء التحكيم ولجنة الحكام في الاتحاد والبرامج التلفزيونية التي حاكت الحالة، من دون أن يُغفل مسألة أساسية في التحقيقات الحاصلة وهي قوله بأن حكامه لم يتبلغوا بأي تأجيلٍ للمباراة.