خطف أياكس الأضواء عام 2019 إثر وصوله إلى الدور نصف النهائي من بطولة دوري أبطال أوروبا. فريق شاب مليء بخريجي الأكاديمية «مُطعّم» ببعض لاعبي الخبرة، تمكّن من إقصاء ريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، لكنه حُرم من الوصول إلى أول نهائي له في المسابقة منذ 23 عاماً بعدما سجل لوكاس مورا هدفاً لتوتنهام في الثواني الأخيرة.وبعد مرور قرابة عامين ونصف عام، يبدو أياكس مستعداً لتكرار المغامرة. الفريق مكتمل الصفوف ويظهر أكثر نضجاً واتزاناً عما كان عليه في 2019. يُحسب لأياكس استمراره في النسق العالي. فبعد نهاية الموسم «الاستثنائي»، تخلت الإدارة عن أغلب نجوم الفريق مقابل مبالغ ضخمة، وهو ما ساهم تباعاً في تراجع المردود على الصعيد الأوروبي خلال الموسمين الماضيين.
رحل العديد من اللاعبين البارزين؛ على رأسهم فرينكي دي يونغ، ماتيس دي ليخت، حكيم زياش وفان دي بيك. فيما كان دوشان تاديتش، دالي بليند، نيكولاس تاليافيكو، أندري أونانا ودايفيد نيريس أبرز الصامدين في فريق أمستردام الحالي من جيل 2019.
لم تكن الطريق معبدة لإعادة الهيكلة، إذ قامت الإدارة على فتراتٍ متقطعة بالتدعيمات الملائمة حتى نجح أياكس في بناء فريق جديد يمكنه المنافسة على أعلى مستوى.
دفاعياً، قام مدير كرة القدم في أياكس، مارك أوفرمارس، بعمل كبير لتعويض الفراغ الذي تولّد بعد انتقال دي ليخت إلى يوفنتوس وتقدم بليند في السن، فقام بتدعيم الخط الخلفي عبر التوقيع مع المكسيكي إدسون ألفاريز والأرجنتيني ليساندرو مارتينيز. انضم الثنائي إلى النادي بعد أشهرٍ فقط من الهزيمة «المدمرة» في دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام، ورغم مواجهتهما صعوبةً في وضع بصمة سريعة داخل الفريق، تمكن اللاعبان من التأقلم في نهاية الموسم الماضي ليقدما ثنائية متينة هذا الموسم، حيث استقبلت شباك الفريق 5 أهداف فقط في الدوري خلال 23 مباراة.
مقارنةً بعام 2019، لا يبدو فريق أياكس الحالي أكثر نضجاً فحسب، بل أكثر اتساقاً وفعالية أيضاً


هجومياً، يُحسب للإدارة رهانها على المهاجم سيباستيان هالر الذي جاء من وست هام يونايتد الانكليزي مقابل 22.5 مليون يورو، كأغلى صفقة في تاريخ النادي. وبينما كان أياكس ينعم بوفرة من الهدافين خلال موسم 2018/2019، أصبح التركيز هذا الموسم على هالر من حيث التهديد المستمر على مرمى الخصوم. سجّل هالر 28 هدفاً هذا الموسم وصنع 8 أهداف في 28 مباراة ضمن مختلف المسابقات (جاء 10 من أهدافه خلال دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا). ورغم اعتباره النقطة المحورية بالنسبة لبقية لاعبي الهجوم، يبقى البرازيلي أنطوني الموهبة الأكثر إثارة في فريق أياكس. وصل أنطوني من ساو باولو عام 2020، وبعد عام من الاستقرار أصبح أحد أكثر الأجنحة تهديداً للخصوم في العالم. يشكل اللاعبان إضافةً لتاديش ويعطيان الثقل للجبهة الأمامية، وقد ساهموا مع البقية باعتلاء صدارة الدوري الهولندي هذا الموسم بعد تسجيلهم 70 هدفاً في 23 مباراة.
مقارنةً بعام 2019، لا يبدو فريق أياكس الحالي أكثر نضجاً فحسب، بل يبدو أيضاً أكثر اتساقاً وفعالية. الفريق ببساطة متوازن. ورغم فاعلية اللاعبين، فإن العامل الأكبر في نجاح أياكس المستمر هو المدرب إريك تن هاغ الذي ساهم في استمرار نسق المنظومة منذ وصوله إلى النادي عام 2018. جعل تن هاغ فريقه يضغط بقوة بهدف الهجوم المستمر واستعادة الكرة عند فقدانها بأسرع ما يمكن، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تألق الفريق محلياً وأوروبياً. قدم تن هاغ ميزة مختلفة من خلال اعتماد خطة لعب 4-3-3، إذ استوحى الهولندي نظام مرونة المراكز من زميله السابق بيب غوارديولا خلال مسيرتهما التدريبية في بايرن ميونيخ.
هكذا، أحدثت السنوات الأربع الماضية ثورة في الطريقة التي يرى بها لاعبو وجماهير أياكس أنفسهم على الساحتين المحلية والأوروبية. الفريق مكتمل من حيث المراكز، الحافز والخبرة، كما أن مسيرته اللافتة في دور مجموعات دوري الأبطال تؤشر إلى مدى عزم المنظومة على محاولة تحقيق اللقب هذا الموسم. في هذا الإطار، يحل أياكس اليوم ضيفاً ثقيلاً على بنفيكا في ذهاب دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا، (22:00 بتوقيت بيروت). مباراة مهمة سوف تكون بمثابة الاختبار الأول لمدى عزم الهولنديين على المضيّ قدماً في البطولة الأهمّ بالنسبة إلى الأندية الأوروبية.