تركت إيران انطباعاً لدى الجماهير خلال حقبة المتألّق علي دائي، بخاصة أنّ المنتخب يلعب بالقلب والروح. ومع تعاقب الأجيال، لم تتوقف رياضة كرة القدم عن التحسن في إيران، ويعكس ذلك مشاركة المنتخب الإيراني في بطولة كأس العالم في ثلاث نسخ متتالية (2014، 2018 و2022).أثارت إيران إعجاب العالم في مونديال روسيا 2018. ورغم إقصائها من البطولة من مرحلة المجموعات، انتصرت إيران على المغرب، وخسرت بصعوبة (1-0) أمام إسبانيا دون أن يحالفها الحظ في تجنّب التعادل مع البرتغال في آخر مباريات المجموعة.
استمر التألّق الإيراني بعدها، ليحتلّ المنتخب صدارة ترتيب أفضل المنتخبات الآسيوية في أحدث تصنيف عالمي أعلن عنه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وذلك بفعل المسار اللافت في تصفيات آسيا لكأس العالم. أداء ممتع ونتائج إيجابية سلّطت الضوء على فريق المدرّب دراغان سكوتشيتش، الذي بنى منظومة متكاملة تضم لاعبين من الطراز الأول.
يُظهر الفريق تحت قيادة سكوتشيتش تغييرات تكتيكيّة ملموسة، حافظ من خلالها على سلسلة تمتد لـ15 مباراة بدون هزيمة، منذ تعيين المدرّب الكرواتي. يعود تألق منظومة سكوتشيتش للعديد من العوامل، منها تجانس وتناغم الفريق بأكمله، الثقة المتبادلة بين الأعضاء دون إغفال الخبرة والدافع الكبيرَين للاعبين. يظهر جلياً مدى نجاح المدرّب الكرواتي في رفع روح الفريق. هناك ثقة متبادلة بين اللاعبين ومدرّبهم، وهو أكثر ما يحتاجه المنتخب في الوقت الحالي.
يتمتّع المنتخب الإيراني بمنظومة شاملة تتصف بالانضباط في مختلف الصفوف، كما يتميز اللاعبون بالخبرة اللازمة لعدم الاستهانة بأي منافس. الفريق بأكمله يشعر بالمسؤولية عندما يحتاج إلى التسجيل، ظهر ذلك جلياً عندما قلب الإيرانيون الطاولة على منتخب لبنان في الدقائق الأخيرة من المباراة التي جمعت المنتخبَين على ملعب صيدا، إذ لم يكتفوا بالتعادل فقط، بل أنجزوا المهمة عبر هدف ثان، وتوجّه الجميع للدفاع عن الانتصار ككتلة واحدة. تجدر الإشارة إلى استفادة المنتخب من انتشار لاعبيه في مختلف الدوريات الكبرى حول العالم، يبرز منهم سردار أزمون الذي يلعب رفقة زينيت سانت بطرسبرغ الروسي، سامان قدوس (برينتفورد الإنكليزي)، علي رضا جهانبخش (فاينورد الهولندي) ومهدي طاريمي (بورتو البرتغالي).
هكذا، استطاع الإيرانيون تقديم منتخب كرة قدم متين بفعل تضافر جهود الجميع، كما لمعوا في رياضات أخرى خاصةً في الصالات المغلقة.

تحديات منتظرة
على الرغم من ضمان التأهل إلى مونديال قطر 2022، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن على المنتخب الإيراني القيام به، خاصة عندما تواجه إيران منتخبات من الصف الأول على مستوى العالم. جاءت إيران في مجموعة أسهل على الورق من المجموعة الثانية ضمن التصفيات الآسيوية، التي ضمّت ثلاثة منتخبات كبيرة هي أستراليا واليابان والسعودية، ولكن رغم ذلك لم تكن نتائج المنتخب الإيراني عشوائية. وهذه الجدية في التصفيات يجب أن تنسحب على الأداء المونديالي، من خلال رفع مستوى التركيز والاستفادة من المحترفين.
عموماً، لا يلغي التأهّل «المريح» للإيرانيّين حقيقة ارتفاع نسق المنافسة في المونديال مقارنةً بالتّصفيات. تنتظر «الأسود الإيرانية» مهمّة شاقة في كأس العالم خاصةً وأنّ السياق التاريخي يُثبت بأنّ «تخطيط» الفيفا للمونديال يخدم منتخبات «النخبة» أكثر من المنتخبات الآسيوية، وهذا يجعل الأمور أكثر صعوبة لمنتخبات مثل إيران التي تحتاج إلى مزيد من الوقت.
ما هو أكيد أنّ المنتخب الإيراني على الطريق الصحيح وقادر على إحداث المفاجأة.